باعت روسيا يوم الاثنين فقط عملات أجنبية بلغت رقما قياسيا من 11.3 مليار دولار - أى ضعفى موازنة زيمبابوى السنوية - لدعم سعر صرف الروبل الذى واجه ضغوطا قوية بسبب النزاع فى أوكرانيا. وهذا الرقم الخيالى الذى أعلن فى بادئ الأمر على موقع البنك المركزى الروسى، أمس الأربعاء، أكدته لاحقا رئيسة البنك الفيرا نابيولينا أثناء اجتماع مع الرئيس فلاديمير بوتين. وهكذا اشترت روسيا عملات أجنبية بقيمة 410,6 مليارات روبل خلال "الاثنين الأسود" بهدف الحد من تدهور قيمة عملتها الوطنية التى واجهت تراجعا كبيرا بعد الضوء الأخضر الذى منحه البرلمان الروسى خلال نهاية الأسبوع للرئيس فلاديمير بوتين لتدخل مسلح فى أوكرانيا. وكان وسطاء فى أسواق الصرف أعلنوا أن البنك المركزى الروسى تدخل بشكل كبير الاثنين فى هذه الأسواق، لكن الأرقام التى أعلنت الأربعاء تؤكد للمرة الأولى حجم هذه التدخلات. ويتجاوز مبلغ ال11,3 مليار دولار الذى أنفق يوم "الاثنين الأسود" بكثير الرقم القياسى السابق -- 76,7 مليار روبل (2,1 مليار دولار) -- منذ نشر المبالغ التى أنفقها البنك المركزى فى تدخلاته فى سوق الصرف فى 2011. وشهدت الأسواق المالية الروسية حالة من الهلع الاثنين على إثر القلق الذى انتابها من عواقب التدخل فى أوكرانيا، واحتمال فرض عقوبات على موسكو من قبل الغرب على الاقتصاد الروسى المترنح أصلا، وأنهت بورصة موسكو جلسات التداول على تراجع يفوق 10%، وتدهور سعر صرف الروبل إلى رقم قياسى أمام اليورو والدولار. لكن الضغط تراجع الثلاثاء على إثر تصريحات فلاديمير بوتين الذى رأى فى مؤتمر صحفى أن إرسال قوات روسية إلى أوكرانيا "ليس ضروريا فى الوقت الراهن"، وأن اللجوء إلى القوة لن يكون من الضرورة استخدامه إلا كملاذ أخير. وهكذا، فإن مبيعات العملات الأجنبية لدعم الروبل كانت "محدودة الثلاثاء عند 300 مليون دولار"، كما أفادت نابيولينا. ويملك البنك المركزى الروسى من جهة أخرى احتياطات ضخمة من العملات الأجنبية قدرها البنك المركزى الروسى ب 493,4 مليار دولار فى 21 فبراير، وفقا لآخر تقدير متوافر على موقعه الإلكترونى. ومنذ الاثنين، استعاد سعر صرف العملية الروسية بعضا من خسارته لكنه بقى هشا. وتم التداول به عصر الأربعاء فى الأسواق المالية فى موسكو على أساس 36,01 روبل للدولار الواحد (بعد أن تجاوز 37 روبلا الاثنين) و49,46 روبل لليورو الواحد (سعر صرف العملة الأوروبية تجاوز ال51 روبلا الاثنين). ولفت محللون فى مؤسسة "فى تى بى كابيتال" فى موسكو إلى أن "الروبل عوض الخسائر الأخيرة عندما شدد بوتين أثناء المؤتمر الصحفى على أنه ليس من الضرورة اللجوء إلى القوة فى أوكرانيا". وأضاف هؤلاء المحللون أن "الغموض السياسى بقى مرتفعا مع ذلك، ومن الممكن أن يؤدى تدفق المعلومات إلى دعم تقلبات الأسواق". وسرعت الأزمة الأوكرانية تدهور سعر صرف الروبل الذى فقد قرابة 10 بالمئة من سعره أمام اليورو منذ بداية العام، بسبب ابتعاد المستثمرين عن عملات الدول الناشئة عموما، وبفعل كبح النشاط الاقتصادى فى روسيا. وتعرض نمو إجمالى الناتج الداخلى لتباطؤ شديد ليبلغ 1,3 بالمئة العام الماضى -- الأكثر ضعفا منذ فترة الانكماش فى 2008-2009 -- مقابل 3,4 بالمئة قبل عام على ذلك. حتى بدا أن هذا الميل التراجعى لا يتحسن، لأن الحكومة الروسية راجعت توقعاتها التى دلت فى نهاية فبراير على أن النمو يميل إلى الانخفاض هذه السنة إلى أقل من 2%.