نقلاً عن اليومى.. إذا كانت مارى منيب تعد ناظرة الممثلات فى مدرسة الكوميديا النسائية، فإن زينات صدقى هى الطالبة المثالية الأولى فى هذه المدرسة بامتياز، إذ ظلت متألقة على الشاشة طوال أكثر من 30 عامًا شاركت خلالها بالتمثيل فى العديد من الأفلام السينمائية، فأضحكتنا جميعًا. ولدت زينات صدقى -اسمها الحقيقى زينب محمد سعد- فى الإسكندرية فى 4 مايو 1913، ولأن الإسكندرية فى ذلك الوقت كانت تحتشد بعشرات الفرق المسرحية والموسيقية، فإن الصبية زينب عشقت التمثيل، والتحقت ب«معهد أنصار التمثيل والخيالة» الذى أسسه زكى طليمات بعروس البحر الأبيض المتوسط. مع مطلع الثلاثينيات من القرن الماضى انضمت إلى إحدى الفرق الفنية وراحت تشدو وتغنى حتى التقطها نجيب الريحانى -آدم الكوميديا المصرية- وانتقلت معه إلى القاهرة عاصمة الفن فى ذلك الوقت. يعد «وراء الستار» للمخرج كمال سليم أول أفلامها فى السينما، وقد عرض فى 30 ديسمبر 1937، ولعب الأدوار الرئيسية فيه كل من رجاء عبده وعبدالغنى السيد وتحية كاريوكا وعبدالسلام النابلسى، لكن من أسف لا يعرض هذا الفيلم ولم نره فى الفضائيات، أما فيلمها الثانى فهو «ممنوع الحب/ 1942» للمخرج محمد كريم وبطولة عبدالوهاب، حيث جسدت فيه شخصية الخادمة، ويبدو أن نجاحها فى هذا الفيلم دفع صناع السينما إلى إسناد دور الخادمة لها باستمرار. الخادمة.. العانس عشرات الأفلام مثلتها زينات بتلقائية عجيبة، فكانت تطلق عباراتها بسرعة تلائم الدور الذى تلعبه دون أن تسقط منها كلمة أو يتآكل حرف، الأمر الذى يجعل المشاهد ينتظر تعليقاتها الساخرة على أحر من «الفن»، علاوة على أنها تمتعت بجسد مرن تتحكم فيه وتطوعه بذكاء تذكرها وهى تقود الفرقة الموسيقية فى فيلم «شارع الحب» حين كان عبدالحليم يغنى «قولوا له الحقيقة». وبالمناسبة فقد أقنعت جميع المشاهدين فى هذا الفيلم أنها عانس عاشقة تطارد العريس عبدالسلام النابلسى حتى تظفر به فى النهاية. المثير أنك لا يمكن أن تكره زينات صدقى حتى لو أدت دور أم قاسية ترفض زواج ابنتها زهرة العلا ممن تحب إسماعيل ياسين، من أجل «إعطائها» للمعلم محمود المليجى فى فيلم «إسماعيل ياسين فى الأسطول/ 11 نوفمبر 1957». وقد ظلت نجمتنا تلعب دور الخادمة الطيبة أو العانس المتوترة أو الأم الشعبية بنت البلد حتى آخر أفلامها «بنت اسمها محمود/ 5 مايو 1975»، الذى بدت فيه التجاعيد حاضرة بقوة فى وجهها الجميل «نعم.. تملك زينات وجهًا جميلا، متناسق التقاطيع، وقد غطت شعرها بمنديل بأوية فى أغلب أفلامها». أذكر فى «عيد الفن» الذى اخترعه الرئيس الأسبق أنور السادات، وكان يقام يوم 8 أكتوبر من كل عام، حيث يقوم الرئيس بتكريم عدد من كبار الفنانين والمبدعين، أذكر أنه فى هذا «العيد» من عام 1976 أن نودى على زينات صدقى ضمن المكرمين، فتوجهت نحو المنصة بخجل وانكسار تجليا فى مشيتها، فتقدم منها الرئيس بأدب ومودة وقال لها: «أهلا يا ست زينات»، فأسرّت فى أذنه بشىء لم نسمعه نحن المشاهدين، وفى اليوم التالى نشرت الصحف قرارًا من الرئيس السادات بمنح زينات صدقى معاشا استثنائيا! آنذاك أدرك الناس أن الكوميديانة الشعبية الرائعة التى أضحكتهم ثلاثة عقود لا تجد ما يكفى قوت يومها أو لا تكاد، وأن الزمن قسى عليها بأكثر مما يجب، خاصة أنها لم تتزوج إلا لفترة وجيزة وهى صغيرة ولم تنجب، فصادقت الغم فى أعوامها الأخيرة، وفى 2 مارس 1978 غابت عن دنيانا إلى الأبد!