قال محسن خان المدير السابق لقسم الشرق الأوسط فى صندوق النقد الدولى، أنه منذ يناير 2011 والاقتصاد المصرى يعيش فى دوامة الهبوط، فخلال الثلاث سنوات الماضية بلغ متوسط النمو الاقتصادى 2% سنويا، وقفزت نسبة التضخم، كما أرتفع معدل البطالة من 9% عام 2010 إلى 13% عام 2013، وأخيرا انخفض احتياطى النقد الأجنبى بالبنك المركزى المصرى من 35 مليار دولار إلى 17 مليار دولار. وتابع خان فى مقال له ترجمته وزارة المالية نشرته اليوم الجمعة عبر موقعها الإليكترونى على الإنترنت، أن من الإنصاف القول بأن مقارنة مؤشرات الاقتصاد الكلى خلال الثلاث سنوات الماضية بسنوات حكم حسنى مبارك تأتى كلها بالسلب. كانت التقلبات السياسية هى السبب الرئيس لحالة الفوضى الاقتصادية وهى التى منعت حكومات المجلس الأعلى للقوات المسلحة والرئيس السابق محمد مرسى من التركيز على الاقتصاد. لم تكن أى حكومة قادرة أو مستعدة لوضع خطة توقف هدر الاقتصاد، وتعهدت حكومة حازم الببلاوى الانتقالية بتعزيز فرص الاقتصاد المصرى وقامت بوضع خطة اقتصادية تشمل أربعة عناصر أساسية: معالجة نقص الطاقة الذى أعاق الإنتاج الصناعى بشدة. تقديم تحفيز مالى لزيادة الاستهلاك وخلق فرص عمل. زيادة الحد الأدنى للأجور لمساعدة محدودى الدخل وبالتالى زيادة الاستهلاك والحد من عدم المساواة فى الدخل. تحسين التوازن الخارجى وبناء احتياطى أفضل من النقد الأجنبى مما يخفف من الضغط على سعر الصرف. واستنادا إلى هذه الخطة، وعلى الرغم من الاضطرابات السياسية التى قد تستمر طوال هذا العام، هناك ما يدعو إلى التفاؤل بشأن نتائج الاقتصاد خلال عام 2014، ويوجد ثلاثة عوامل رئيسية تدعم هذا التحول المنتظر : أولا، إن دول الخليج فتحت حقائب النقود لمساعدة الحكومة الجديدة وأعلنت بشكل عاجل مساعدات تقدر ب12 مليار دولار من الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات بعد سقوط مرسى فى يوليو 2013، مما خفف بشكل كبير من الضغط الخارجى على مصر كما قدمت الحكومة موارد مالية لتنفيذ خطتها الاقتصادية وأيضا تعهدت دول الخليج العربية بتقديم مبلغ 6 مليار دولار لدعم ميزانية 2014 وكذلك مبلغ 11 مليار دولار استثمارات فى البنية التحتية ومشاريع خلال السنوات القليلة القادمة، وربما يصل الحجم الحقيقى المتوقع لتلك المساعدات لأكثر من 10% من إجمالى الناتج المحلى المصرى. ثانيا، اتخذت وزارة المالية القرار الاقتصادى الصحيح بشأن التحفيز المالى من خلال نظرية كينز لزيادة الإنتاج والاستهلاك. وعندما تسلمت الحكومة الانتقالية عملها كان الإنفاق الخاص وبالذات الاستثمارى منخفضا، فكان على الحكومة أن تنعش الاقتصاد من خلال التوسع فى النفقات العامة وإطلاق حزمتين تحفيزيتين قيمتهما 8.5 مليار دولار وهو ما يعادل نحو 3.5% من إجمالى الناتج المحلى، الأولى تم تفعيلها فى أكتوبر 2013 وتم خلالها تخصيص 30 مليار جنيه للاستثمار فى البنية التحتية كالطرق والكبارى والسكك الحديدية والخط الثالث لمترو الأنفاق والإسكان الاجتماعى وأيضا دعم المصانع وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة وزيادة الأجور، ويذكر أن صندوق النقد الدولى أيد هذا التوسع المالى الحزمة التحفيزية الثانية وقيمتها 30 مليار جنيه لم تنفذ بعد، وتشمل كما هو معلن حتى الآن 20 مليارا للاستثمار و10 مليارات لتغطية الزيادة فى الحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع العام، هذا بالإضافة إلى 8 مليارات خصصتها الحكومة لمرتبات المعلمين وموظفى جامعة الأزهر. ثالثا، رغم بعض البدايات الخاطئة فى 2011 و2012، من المحتمل أن تدخل مصر فى مفاوضات مع صندوق النقد الدولى على برنامج خلال عام 2014 (تعليق مسئول بوزارة المالية: لا يوجد أى توجه رسمى لذلك). حتى الآن فان الحكومة الانتقالية قررت أن مصر لديها ما يكفى من تمويل ولا تحتاج إلى قرض من صندوق النقد الدولى خلال تلك المرحلة، ولكن السبب الرئيسى هو أن الحكومة الحالية ليست مستعدة لإجراء برنامج إصلاحات صندوق النقد الدولى. من الضرورى إجراء إصلاحات اقتصادية إذا كانت مصر تريد زيادة النمو المستدام وبالتالى خلق فرص عمل كافية وتشمل الإصلاحات نظام الدعم الذى يلتهم 10% من الناتج المحلى الإجمالى وربع ميزانية الدولة وأيضا فك جمود سوق العمل وتغيير لوائح الاستثمار المعقدة، ومعالجة نطاق العمالة الواسع فى القطاع العام وعدم كفاءة الشركات المملوكة للدولة، وهذه الإصلاحات مكلفة سياسيا والحكومة الانتقالية تفضل تركها للحكومة القادمة المنتخبة. وفى هذا السياق علق مسئول بالمالية أن الحكومة المصرية اختارت نهجا توسعيا لتحريك الاقتصاد مع تحقيق عدالة اجتماعية وتوازن مالى عن قصد، وهو يختلف عن نهج صندوق النقد التقشفى والذى يركز على التوازن المالى فقط ولم تكن بذلك تهرب من مواجهة التحديات التى ذكرها الخبير محسن خان أو تعمل على ترحيلها. وتابع خان فى مقاله أن هناك العديد من المزايا لبرنامج صندوق النقد الدولى ونأمل أن تعى الحكومة الجديدة تلك المزايا، وسيحقق البرنامج تمويلا يقدر ب5 مليار دولار بشروط مناسبة جدا ويساعد على تدفق التمويل الإضافى من الاتحاد الأوروبى وغيره من المؤسسات المالية الدولية. ومن المثير للاهتمام أيضا أن نلاحظ أن التقارير الصحفية تشير إلى أن السعودية والإمارات نصحا بالتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولى فبرنامج الصندوق سيرسل إشارة قوية إلى المستثمرين والأسواق المالية بأن مصر تعيد ترتيب اقتصادها ومستعدة لتنفيذ الإصلاحات التى من شأنها أن تضع مصر على مسار النمو المرتفع وخلق فرص عمل كافية وتوسيع سوق العمل. هذه العوامل الثلاث تشير إلى أن حظوظ مصر الاقتصادية سوف تتحسن خلال 2014 وأن نسبة النمو ستكون أعلى قليلا من 2% إلى 3% وهى المجمع عليها من جناب صندوق النقد الدولى والبنك الدولى ومعهد التمويل الدولى ووكالة فيتش وبلومبيرج، ولكن فى ظل وجود التحفيز المالى بحزمتيه من الممكن أن يكون النمو 4% تقريبا وعلى الرغم من أنه أقل من معدل السنوات الأخيرة من حكم حسنى مبارك إلا أن هذا سيمثل تحولا كبيرا عن الثلاث سنوات الماضية. وقال أن البطالة ستظل مرتفعة، رغم أنه سيتم خلق فرص عمل من الاستثمار فى البنية التحتية ومصر بحاجة إلى معدل نمو من 6% إلى 7% على أساس مستدام لإحداث ثغرة فى البطالة وأن الوصول لمعدل نمو 4% مجرد بداية لتحقيق هذا الهدف، ومع تدفق التمويل من دول الخليج والمحتمل من صندوق النقد الدولى والاتحاد الأوروبى ومن الجهات المانحة المتعددة الأطراف سيتحسن موقف مصر الخارجى كثيرا مما سيخفف من الضغط على الجنيه المصرى. هناك بالفعل مؤشرات إيجابية على أن الصورة الاقتصادية ستتحسن خلال 2014، على سبيل المثال البورصة ارتفعت لأعلى معدل منذ 35 شهر ومن المتوقع أن ترتفع بنسبة 40% خلال عام 2014 مما يدل على تزايد ثقة المستثمرين بالاقتصاد، واستقر احتياطى النقد الأجنبى عند نحو 18 مليار دولار مما سمح للبنك المركزى بالحفاظ على مستوى أسعار الفائدة، وكذلك تخفيف القيود على تحويل العملة للخارج. وتتوقع البنوك الدولية أن يستقر سعر العملة عند 7 جنيهات مصرية للدولار وتنصح عملائها بالجنيه المصرى، وقد رفعت "فيتش" تصنيف مصر الائتمانى من سالب إلى مستقر اعتمادا على المساعدات المالية من دول الخليج العربى وأخيرا فإن استطلاعات الرأى من رجال الأعمال المصريين أوضحت توقعاتهم الإيجابية بشأن الاقتصاد خلال العام الحالى. فى غياب أى تقلبات سياسية، يجب أن يكون العام الحالى أفضل من الثلاثة أعوام الماضية وأن الإنجاز الرئيسى هذا العام سيكون من خلال وقف التدهور الاقتصادى وعكس اتجاه المؤشرات الرئيسية المنخفضة للاقتصاد الكلى. وأكد خان فى مقاله أن المهمة الأولى للحكومة هى استمرار دفع الاقتصاد، ومع ذلك إذا سار كل شىء على ما يرام خلال هذا العام فإن الحكومة المقبلة سترث اقتصادا فى شكل أفضل مما ورثته حكومتا الببلاوى ومرسى ممن سبقوهما. للمزيد من أخبار الاقتصاد محام أوروبى يؤكد قانونية فرض شركات الطيران رسوما على تسجيل الحقائب مؤتمر إقليمى يدعو لزيادة الاستثمارات العربية فى مواجهة "تقلب المناخ" ماجد عثمان:الإخوان سيكتشفون خطأهم بعدم المشاركة فى الاستفتاء مستقبلا