يعانى الشعب المصرى من تفشى العديد من الأمراض والأوبئة التى تهدد قوته البشرية ومستقبل قدراته الإنتاجية وهو أمر يحتاج لوقفة حاسمة للدولة كاملة حكومة وشعبا، لوقف هذا النزيف البشرى ووقف تلك المعاناة الإنسانية لهذا الشعب. فعادة ما نلقى باللوم والمسئولية فقط على نقص الإمكانات وتدنى دخول الأطباء وعدم كفاية الأسرة والعلاج فى المستشفيات الحكومية. لكننا لا نلقى بالا لضعف الوعى الصحى لدى المواطنين وعدم وجود منظومة صحية صارمة وشاملة وخطط فاعلة يراها الجميع ويلمسونها على أرض الواقع، كما لا تأخذ حيزا مناسبا من الاهتمام وتسليط الضوء قضية الاشتراطات الوقائية على كافة الأماكن التى تقدم خدمات طبية وكافة المتعاملين فى المجال الطبى سواء فى القطاع الحكومى ومستشفيات الجامعات أو فى مستشفيات والمراكز والعيادات الخاصة وليس هناك توحيد معايير جودة يراقب تطبيقها بحزم، وللأسف كثيرا ما نجد الأطباء والمعالجين الذين يتعاملون مع المرضى ومتلقى الخدمات الصحية لا يراعون الإجراءات الصحية السليمة التى تحمى متلقى الخدمة وتحمى غيرهم ممن يحصلون على خدمات تالية. فنجد نسبة من الأطباء يستهينون بالدماء ولا يجعلون تعاملا خاصة مع المرضى فى الجراحات البسيطة وفى عيادات الأسنان ولا يحرصون على وقاية أنفسهم ومن يتعاملون معهم من مرضى من الأمراض الفيروسية التى تنتقل بالتلوث، ولا يشددون فى إجراءات التعقيم والنظافة بما يتناسب مع ظروف دولة تنتشر فيها الكثير من الفيروسات، فينتج عن ذلك زيادة نسبة حاملى فيروس سى وغيره من الأمراض الخطيرة. وهناك الكثير من المستلزمات الطبية الخاصة بكل مريض لا يتم التأكد من جودتها وتعقيمها وقد يترك الطبيب المريض ويذهب لمريض آخر أو لعمل ما ثم يعود إليه وهو بنفس القفازات الطبية وقد يستخدم حتى الهاتف والأبواب بمنتهى البساطة ثم يعود للمريض وكأن شيئا لم يكن وكأنه لا يدرك بخطورة مثل تلك الأفعال على نفسه وعلى مريضه. والوقاية والحذر هى أسلوب ومنهج وليست فقط إمكانات وقد نجد نفس العيوب والقصور فى أرقى المستشفيات والعيادات لأنها قناعة لدى الطبيب وإن كان للأسف التفريط يكون أسوأ فى المستشفيات الحكومية. بل إننا نجد المخلفات الخطرة للمستشفيات والعيادات تتنقل وسط الناس ولا يتم التأكد من إعدامها بما يحمى صحة المواطنين بل والأسوأ أنه يتم الاتجار بها لإعادة تدويرها من الذين يعملون فى جمع القمامة دون رقابة صارمة على هذا القطاع الخطير وردع لكل من يضر صحة المواطنين. فالرقابة الصحية لوزارة الصحة للأسف برغم كثرة المستشارين وبرغم الكفاءات العالية بالفعل للأطباء المصريين إلا أنها لا ترقى لرعاية وحماية شعب قوامه 90 مليون مواطن. ولو أن هناك نظاما طبيا صارما يتم تدريب جميع الأطباء عليه ويلزم به كل من يعملون فى القطاعات الطبية على مختلف تخصصاتهم ولو أن هناك تعليما مستمرا حقيقيا وليس شكليا لكل قطاعات الأطباء ولقطاع التمريض تشرف عليه الوزارة وفق أحدث النظم بحيث يتدرب الجميع على أحدث الأجهزة والمعدات والعلاجات الفعالة وعلى أحدث نظم الرعاية والوقاية الصحية، ولو أن هناك رقابة صارمة على كافة المنشآت الطبية لاختلف الأمر وانحسرت الكثير من الأمراض المتوطنة والفيروسات المستعصية على العلاج ولأصبح الأمل فى الشفاء وتلقى رعاية صحية آمنة هو الهدف الأسمى لكل العاملين بالقطاعات الطبية المختلفة. إننا نحتاج لنظم وقائية تتابع أدق تفاصيل الخدمة الصحية المقدمة للمرضى وفق المقاييس الدولية سواء للمستشفيات والمراكز الحكومية أو الخاصة حتى تتوقف الكثير من المهازل التى لا تليق بقيمة وحضارة مصر. ولكى تكتمل المنظومة الصحية نحتاج لتوفير الدخل اللائق بكل من يعملون فى القطاعات الطبية وتأمين أمور معيشتهم ماديا حتى يكون عطاؤهم أكبر وأكثر دقة وتكون لديهم فرصة للدراسة وتطوير الذات والأداء والكفاءة فى تقديم الخدمات الطبية للمواطنين، والتمريض كقطاع تتجاهل الدولة تطويره ورفع كفاءته وتدريبه ودخول العاملين به هو من أخطر القطاعات فى المنظومة الطبية ككل ولا ينبغى تجاهل تطويره من دولة تريد رفع مستوى الصحة. فحاجتنا لتطوير الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين وحاجتنا لرفع كفاءة المستشفيات والمراكز الطبية الموجودة بالفعل لتقديم أفضل خدمة لا يقل عن حاجتنا لتوفير المزيد من المستشفيات والمراكز التى تقدم رعاية صحية للأماكن المحرومة من الخدمات. وحاجتنا لرفع المستوى التعليمى للأطباء والتمريض لا يقل عن حاجتنا لتحسين الظروف المعيشية لكل العاملين فى قطاع الصحة.