الرئيس السيسي ينيب وزير الدفاع للمشاركة في إحياء ذكرى رحيل جمال عبدالناصر    وزير قطاع الأعمال العام يتفقد شركة النصر لصناعة المواسير الصلب    عاجل - وزير الخارجية يعقد لقاء ثنائيا مع نظيره الألباني على هامش فعاليات "الأمم المتحدة" (تفاصيل)    خطاب نصرالله الأخير.. رسائل حادة وتهديدات واضحة    قبل الديربي.. أنشيلوتي يكشف كيف سيلعب ريال مدريد في غياب مبابي أمام أتلتيكو    ذكرى رحيل رضا ساحر الإسماعيلى فى حادث مروع اليوم    «المصري توك».. سحر مؤمن زكريا وزوجته في مقابر عائلة مجدي عبدالغني.. ما القصة؟    تعويضات من «العمل» لضحيتي «سقالة مول التجمع»    الطقس غدًا .. ساعات حذرة ومتقلبة والعظمى على القاهرة تسجل 33°    الحكم على سعد الصغير بتهمة سب طليقته 26 أكتوبر المقبل    محافظ الإسماعيلية يستقبل رئيسي تليفزيون وإذاعة القناة    مهرجان أيام القاهرة للمونودراما يكرم نيللي ومنير العرقي في حفل الختام    أيمن زيدان يعتذر عن تكريم الإسكندرية السينمائي.. بسبب الحرب    نبيل الحلفاوي بعد إخفاق الأهلي: لابد من شد الفريق وضبط وربط صواميله المفككة    محاضرات في الطب النفسي وعلاج الإدمان ضمن "100 يوم صحة" بالشرقية    الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جديدًا لرئيس الوزراء (التفاصيل)    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية: الدعوة يجب أن تكون في صدارة أولوياتنا    بتحية العلم والنشيد الوطني.. رئيس جامعة القاهرة يشهد انطلاق العام الدراسي الجديد    نائب محافظ شمال سيناء يتفقد نادي الهجن الرياضي    ضبط 15 ألف قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    «وكيل صحة الشرقية» يطمئن على الحالات المصابة ب«النزلات المعوية»    محافظ جنوب سيناء يشكر "مدبولى": يقود باقتدار أهم مراحل بناء مصر الحديثة    البورصة المصرية تربح 56.9 مليار جنيه في أسبوع    «البناء والأخشاب» تنظم ندوة عن مشروع قانون العمل    الرئيس السيسي يدعو مجلس الشيوخ للانعقاد الأربعاء المقبل    الحزب الاجتماعي الصومالي: «التغييرات الدولية عملت على انتشار شعبية الأحزاب اليمينة وانحسار اليسارية»    توقعات مواليد برج الميزان.. اعرف حظك وأبشر بانفراجة    «الإفتاء»: المشاركة في ترويج الشائعات حرامٌ شرعًا    السجن عامين لخادمة بتهمة سرقة شقة بالساحل    جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية على رأس اهتمامات مبادرة «ابدأ»    رئيس الوزراء يوجه بضغط البرنامج الزمنى لتنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" بسانت كاترين    رئيس الوزراء يزور منطقة وادي الدير بمدينة سانت كاترين    لاوتارو مارتينيز يقود هجوم إنتر ميلان أمام أودينيزي    الحوار الوطني يواصل تلقي المقترحات والتصورات بشأن قضية الدعم    «الفريق يحتاج ضبط وربط».. رسالة نارية من نبيل الحلفاوي لإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر الأفريقي    تشكيل لوبي دولي من 120 منظمة عالمية للاعتراف بإقامة الدولة الفلسطينية    الإسكان تكشف الاستعدادات فصل الشتاء بالمدن الجديدة    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    مرض السكري: أسبابه، أنواعه، وعلاجه    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    بعد واقعة النزلات المعوية.. شيخ الأزهر يوجه ب 10 شاحنات محملة بمياه الشرب النقية لأهل أسوان    ضبط 97 مخالفة تموينية و295 ألف لتر مواد بترولية مهربة بقنا    الضرائب: إتاحة 62 إتفاقية تجنب إزدواج ضريبى على الموقع الإلكتروني    إسرائيل تستبعد مقتل القيادي بحزب الله هاشم صفي الدين    وكيل صحة البحيرة يزور مركز طب الأسرة بالنجاح| صور    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخا بالستيا جديدا أُطلق من لبنان    صحة غزة: 52 شهيدا و118 إصابة جراء عدوان الاحتلال آخر 48 ساعة    «الزراعة»: مصر لديها إمكانيات طبية وبشرية للقضاء على مرض السعار    تحرير 1341 مخالفات للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    وزير الخارجية يترأس المنتدى العالمى لمُكافحة الإرهاب مع جوزيب بوريل    سعر الفراخ اليوم السبت 28 سبتمبر 2024.. قيمة الكيلو بعد آخر تحديث ل بورصة الدواجن؟    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    أول رد فعل من حزب الله بعد استهداف مقر القيادة المركزية للحزب    كلاكيت عاشر مرة.. ركلات الترجيح تحسم بطل السوبر الأفريقي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت البطىء فى مستشفيات المحروسة
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 12 - 2013

لا تعلو قيمة فى الوجود على قيمة الحياة التى وهبها الله للبشرية، بدليل أن الله، سبحانه وتعالى، جعل حرمتها أكثر من حرمة الكعبة، ومع ذلك ففى بلدنا الحياة تأتى فى مرتبة متأخرة للغاية، بل تكاد تكون معدومة القيمة، خاصة بالنسبة للطبقة الفقيرة التى تضطر آسفة للعلاج أو للانتقال للعلاج فى مستشفيات الحكومة. كنت دائم التفكير فى الاهتمام الزائد فى أمريكا وأوروبا بحياة الحيوانات، وقرأت كثيرا عن كلاب ورثت ثروات وأخرى أجريت لها جراحات عاجلة وقصص كثيرة لعل منها اهتمام الصحافة الإيطالية بقصة كلب نجا من على متن سفينة غرقت بمصر قبالة سواحل الإسكندرية منذ عدة أعوام.
وبالمتابعة، تبين لى أن هناك اهتماما رهيبا بالحياة، وأن الحكومات توفر مليارات الدولارات من أجل توفير مستشفيات محترمة للعلاج، بل إن المواطن القادر يدفع جزءا لا يستهان به من دخله من أجل العلاج.
لم أكن أدرك فى لحظات معينة سفر الآلاف من أبناء شعبنا للعلاج بالخارج، وسألت أحد الأصدقاء فقال: هو فى علاج فى مصر خاصة من الأمراض المزمنة؟! أدركت وقتها أن من يملك مالا فى بلادنا يمكن أن يعالج نفسه، أما من لا يملك- وهم الأغلبية الكاسحة من الشعب- فلا طريق أمامهم إلا المستشفيات الحكومية العامة أو المركزية أو المستشفيات الجامعية أملا فى العلاج.
الحقيقة أن مستشفيات المحروسة بحاجة إلى نظرة، فكما يقولون «الداخل مفقود والخارج مولود» بحاجة إلى نظرة فعلية من الحكومة من الأغنياء الذين يدفعون الملايين على الحفلات لابد أن يساهموا فى توفير أجهزة للمستشفيات خاصة أسرة العناية المركزة التى يعانى بلدنا من نقص رهيب فيها تماما مثل حضانات الأطفال.
هناك إهمال جسيم فى المستشفيات الحكومية، من يجد واسطة ربما يفلت من الموت، ومن لا يجد، إما ينتظر الموت ببطء أو يتم إسعافه بوجود سرير له فى العناية المركزة أو يبيع ما يملكه للانتقال إلى عناية مستشفى خاص.
أتساءل: هل مكتوب علينا فى بلادنا أن نموت هكذا ونترك يد الإهمال تغتالنا بدون حراك؟
هل كتب علينا الموت من الإهمال والاستهانة؟ هل من حقنا علاج آدمى فى مستشفيات الحكومة أم أن الذنب ذنبنا لأننا لا نملك المال للعلاج؟
سأسرد واقعتين. الأولى: لأم تدعى صابرين من مدينة القنطرة شرق بالإسماعيلية، أول مرة تنجب أجريت لها عملية الولادة بمستشفى القنطرة غرب المركزى وأصيبت بنزيف ونقلت للعلاج بمستشفى الإسماعيلية الجامعى، وهناك تم إنقاذها، ولكن بعد إزالة الرحم لم تنجب إلا بنتا صغيرة وحرمت من الأولاد مدى الحياة.
الحالة الثانية تدمى القلوب: فتاة حديثة الزواج أيضا من مدينة القنطرة شرق، تدعى إنعام، لم يجد زوجها المال لكى تلد فى مستشفى خاص، فنقلها للولادة فى مستشفى جامعة قناة السويس، هناك أنجبت عن طريق عملية قيصرية، وبعد الولادة أصيبت بنزيف فى المخ، كانت بحاجة إلى جهاز تنفس صناعى، ظلت الحالة على وضعها لعدم وجود سرير عناية مركزة، لم يفكر المستشفى فى نقلها لإسعافها فى مستشفى آخر سواء العام أو نقلها لمحافظة مجاورة، ظلت على حالها لمدة 10 أيام بعد الولادة، ويعلم الله سبب النزيف الذى أصاب مخها بعد الجراحة القيصرية، تلقيت اتصالا من والد زوجها يدعى محمد أبو زيد، طلب المساعدة فى توفير سرير عناية لها، أجريت اتصالات بجامعة قناة السويس إلا أنه بالفعل لم يكن لديها أسرة، اتصلت بالدكتور هشام الشناوى، وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية، الرجل المحترم وعدنى بتوفير سرير لسوء حالتها، وطلب تقريرا عاجلا من مستشفى الجامعة لعرضه على الأطباء فى المستشفى العام بالحالة، فى الوقت نفسه أجريت اتصالا بمستشفى الزقازيق الجامعى عن طريق الزميلة إيمان مهنا مراسلتنا فى الشرقية، والذى وافق على استقبال الحالة بشرط أن تسمح الظروف بنقلها من الإسماعيلية، كنت اتصلت أيضا بمحافظة بورسعيد عن طريق زميلنا محمد فرج، لكن لم تكن هناك أسرة عناية خالية، كل ذلك فى حوالى ساعة زمن، أخيرا الحمد لله سننقذ الأم ونوفر لها سريرا بعناية مركزة، وقبل أن تتم كتابة تقرير الحالة من مستشفى الإسماعيلية الجامعى توفيت الأم على سريرها بقسم الباطنة، وقع الخبر على رأسى كالصاعقة، تحجرت الدموع فى عينى، لهذه الدرجة الإنسان فى بلدنا بلا ثمن أو قيمة؟! صرخت فى وجه والد زوجها: «لقينا لها سرير فى الزقازيق سرير فى المستشفى العام.. ليه اتأخرتو؟» قال: «يا أستاذ قلنا إنها كويسة فى المستشفى».
نجحت محاولة إيجاد سرير، لكن قدر الله سبق وتوفيت، أم تركت طفلا عمره 10 أيام، وأب جريح مكلوم، وعلامات استفهام كلها تحمل معانى الإهمال فى إجراء جراحة الولادة للأم وتجاهل نقلها لمستشفى آخر لعدم وجود عناية مركزة فى الجامعة وتجاهل لآلام أسرة كاملة فقدت ابنتها وطفل بات يتيما دون أن ينطلق بكلمة ماما أو يعرف معنى الحنان، إنها تساؤلات تحتاج إلى تحقيق حقيقى من وزارة التعليم العالى ومن جامعة قناة السويس ومن محافظ الإسماعيلية فى محاولة للتبرؤ من ضياع روح إنسانة سنسأل عنها أمام الله، لأن الروح من أمر الله، وهى أسمى ما فى الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.