لم تتقبل لبنى تلك الطفلة الصغيرة التى لم تتعد الثامنة من عمرها أن تعاقبها مدرستها بالضرب، لأنها لم تسلم لها كراسة الحساب لتتولى تصحيحها، رفضت العقاب الذى قررته المدرسة وقررت اللجوء إلى الناظرة. تلك الطفلة التى رفضت العقاب القاسى غير المبرر هى نفسها لبنى حسين الصحفية السودانية التى رفضت الخضوع لقانون ظالم يعاقبها على ارتداء البنطلون بدعوى أنه عملا منافيا للآداب العامة. "فى شريعتهم إذا تبرجت الضعيفة جلدوها .. وإذا تبرجت الشريفة غرموها ثم دفعوا هم الغرامة" كلمات لبنى حسين الصحفية السودانية التى أدانتها محكمة الخرطوم بتهمة ارتداء البنطلون والذى اعتبر عملا منافيا للآداب حيث تنص المادة 152 من القانون السودانى على عقوبة قصوى تصل إلى 40 جلدة لكل من يرتكب فعلا غير محتشم أو ينتهك الأخلاق العامة أو يرتدى ثيابا غير محتشمة. رفضت لبنى الجلد وقررت أن تخوض المحاكمة التى حكمت عليها بغرامة مالية قدرها 200 دولار، ورفضت دفع الغرامة لعدم اعترافها بشرعية هذا القانون الذى تحاكم بموجبه إلا أن رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين حسم الموقف بدفع الغرامة. لبنى حسين صحفية فى جريدة الصحافة السودانية وصاحبة عمود اشتهر باسم "كلام رجال" وأرملة عبد الرحمن مختار عميد الصحفيين السودانيين. لم تخش لبنى من دخول السجن إيمانا منها بأن القانون الذى تحاكم به غير عادل وغير شرعى واعتبرت أنها فرصة ذهبية للمطالبة بتعديل ذلك القانون أو إلغائه، خاصة أنها لم تكن المرة الأولى التى تطأ قدميها السجون حيث اعتقلت 4 مرات فى مظاهرات طلابية. اتهمها الكثيرون بأنها لم تحدث تلك الضجة إلا من أجل الشهرة وخاصة بعد أن وجهت ما يزيد على 500 دعوة للصحفيين والأصدقاء لحضور حفل "جلدها"، بينما استبعد ذلك الكثير من الصحفيين حيث لم يكن الجلد بعيدا عنها خاصة بعد أن عوقبت الفتيات اللاتى ألقت الشرطة القبض عليهن فى نفس المكان بعقوبة الجلد. "البحث عن الشهرة" تهمة لاحقت لبنى حتى فى حياتها الشخصية خاصة حينما قررت الزواج من رجل يكبرها بحوالى 45 عاما وأثار زواجهما انتقادات واسعة فاتهموها بالسعى وراء الشهرة والمال وكان السؤال دوما عن المهر الذى حصلت عليه وكان ردها: :" أفتخر بأننى الأغلى مهراً بين بنات جيلى، حيث بلغ مهرى 15 ألف كتاب و15 قطعة وميدالية ذهبية وغير ذهبية لا تقدر بثمن، لأنها هدايا وتذكارات رؤساء وملوك سابقين، وزوجى لم يزنى ذهباً، وإنما وزننى كتباً، مؤكدة أن الجانب المادى لا يشغل تفكيرها لأنها عاشت الفقر المدقع والغناء الفاحش ما بين عائلتى والدتها ووالدها. وكانت تدفع تلك التهم عنها مؤكدة أن فارس أحلامها فى فترة المراهقة كان رجلا فى الأربعين من عمره إلا أنه يبدو أن وفاة زوجها فى سن صغير جعلها تبحث عن مشاعر الأبوة فى زوج أكبر سنا. بعقلية الصحفية تمنت لبنى لو ظلت فى السجن، خاصة بعد أن بدأت تستمع لقصص مئات الفتيات فى سجن النساء اللاتى كن ضحايا لقانون النظام العام "قضيتى هى قضية البنات العشر اللواتى جلدن فى ذلك اليوم، قضية آلاف الفتيات اللواتى يجلدن يومياً فى محاكم النظام العام بسبب الملابس ثم يخرجن مطأطآت الرأس لأن المجتمع لا يصدق ولن يصدق أن هذه البنت جلدت فى مجرد ملابس" قالت لبنى على موقع الفيس بوك، مؤكدة أن وصمة العار تلحق بالفتاة التى تعرضت للجلد طوال عمرها. "يا ليتنى كنت أملك قواما كبنات الروم أو خصرا كخصر الهنديات .. يشجع لارتداء "فصل الدين عن الدولة"، ولكن للأسى لى "تمبلة " غير مشجعة لإبرازها.. بل أسارع لإخفائها بالقمصان الواسعة ليس ورعا .. إنما إخفاء للعيوب .. وعموما أشكر لشرطة النظام العام حسن ظنها فىّ كلمات لبنى بعد الإفراج عنها.