«لا يشترط الخبرة».. الشباب والرياضة تعلن وظائف خالية جديدة لجميع المؤهلات (تفاصيل)    من غير مشاوير.. كيفية تحويل الأموال في بنك مصر «أون لاين»    تعرف على إجراءات التسجيل الضريبي.. خطوات بسيطة    خبير اقتصادي: «حياة كريمة» مشروع متكامل لتطوير معيشة الإنسان المصري    إسرائيل تعلن قائمة قادة اغتالتهم في حزب الله و«إغاثة لبنان» يرفع راية الصمود والتحدي| عاجل    أكاديمية الشرطة تستقبل وفدا من أعضاء الهيئات الدبلوماسية بمجلس السلم والأمن    غارات جوية وتوغل عسكرى بري.. الاحتلال الإسرائيلي يواصل تصعيده في لبنان    يقود مرانه الأول السبت.. حمد إبراهيم مديراً فنياً للإسماعيلي رسمياً    ضبط 3 متهمين بغسل 60 مليون جنيه حصيلة القرصنة على القنوات الفضائية    حالة الطقس الفترة المقبلة.. تراجع درجات الحرارة وشبورة مائية في عدة مناطق    الرئيس السيسي يضع إكليلا من الزهور على قبر الزعيم الراحل محمد أنور السادات    «منظومة الشكاوى» تكشف عن الوزارات والمحافظات صاحبة النصيب الأكبر من الشكاوى    باحث سياسي: إسرائيل تحاول إعادة صياغة شكل المنطقة بالتصعيد المستمر    وزير التعليم العالي: لدينا 20 جامعة أهلية تتضمن 200 كلية و410 من البرامج البينية    محافظ الغربية ووزير الرياضة يفتتحان ملعب الأكريليك وحمام السباحة بمركز شباب كفر الزيات    إطلاق حملة لصيانة وتركيب كشافات الإنارة ب«الطاحونة» في أسيوط    موشيه ديان يروى شهادته على حرب 73: مواقعنا الحصينة تحولت إلى فخاخ لجنودنا.. خسرنا كثيرا من الرجال ومواقع غالية    إخماد حريق بشقة سكنية في شارع التحرير بالإسكندرية    «الداخلية»: تحرير 534 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1229 رخصة بسبب الملصق الإلكتروني    عامل يطعن شقيق زوجته ب«مطواة» بسبب خلافات النسب في سوهاج    غدا.. مسرح الهناجر يحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر    انطلاق فعاليات مهرجان الموسيقى العربية ال32 بأوبرا الإسكندرية 11 أكتوبر (تفاصيل)    ابنة علاء مرسي تحتفل بحنتها على طريقة فيفي عبده في «حزمني يا» (صور)    في حوار من القلب.. الكاتب الصحفي عادل حمودة: "أسرار جديدة عن أحمد زكي"    3 دعامات في القلب.. تفاصيل الأزمة الصحية المفاجئة لنشوى مصطفى    ترشيدًا لاستهلاك الكهرباء.. تحرير 159 مخالفة للمحال التجارية خلال 24 ساعة    الكنيسة القبطية مهنئة السيسي والشعب بذكرى نصر أكتوبر: صفحة مضيئة في تاريخ الأمة    تدشين مشروع رأس الحكمة انطلاقة قوية للاقتصاد المصري    فرد الأمن بواقعة أمام عاشور: ذهبت للأهلي لعقد الصلح.. واللاعب تكبر ولم يحضر (فيديو)    كلاتنبرج: لم يُطلب مني محاباة الأهلي والزمالك تحكيميا .. وحدوث هذا الأمر كارثي    فانتازي يلا كورة.. زيادة جديدة في سعر هالاند.. وانخفاض قيمة 23 لاعباً    صبحي يصل محافظة الغربية لافتتاح مشروعات رياضية وشبابية    تخفيضات 10%.. بشرى سارة من التموين بشأن أسعار السلع بمناسبة ذكرى أكتوبر    تعرضت لذبحة صدرية.. الحالة الصحية ل نشوى مصطفى بعد دخولها المستشفى    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها    وزير البترول يناقش مع رئيس شركة توتال توسع أنشطتها الاستكشافية بمصر    الولايات المتحدة تضرب 15 هدفًا للحوثيين في اليمن    للتغلب على التحديات.. «الصحة» تبحث وضع حلول سريعة لتوافر الأدوية    بعد إصابة نشوى مصطفى- هكذا يمكنك الوقاية من الذبحة صدرية    إحالة المتهمين بسرقة وقتل سائق توك توك في المطرية للجنايات    تقرير أمريكي: السنوار اتخذ مواقف أكثر تشددا.. وحماس لا ترغب في المفاوضات    إنتر ميلان يواجه تورينو اليوم في الدوري الإيطالي    شاهندة المغربي: استمتعت بأول قمة للسيدات.. وأتمنى قيادة مباراة الأهلي والزمالك للرجال    «تنمية المشروعات» يضخ 2.5 مليار جنيه تمويلات لسيناء ومدن القناة خلال 10 سنوات    طريقة عمل الكرواسون بالشيكولاتة، الوصفة الأصلية    "ثقافة مطروح " تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر    تعديل تركيب قطارات الوجه البحري: تحسينات جديدة لخدمة الركاب    وزير التربية والتعليم يهنئ معلمي مصر بمناسبة اليوم العالمي للمعلم    قوات الاحتلال تعتقل 4 فلسطينيين من الخليل بالضفة الغربية    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    ميدو: أكبر غلطة عملها الأهلي هي دي.. والجمهور حقه يقلق (فيديو)    "إسلام وسيف وميشيل" أفضل 3 مواهب فى الأسبوع الخامس من كاستنج.. فيديو    "حزب الله" يكشف قصة صور طلبها نتنياهو كلفت إسرائيل عشرات من نخبة جنودها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنزورى يخرج عن صمته فى مذكراته "طريقى..سنوات الحلم والصدام والعزلة":عمر سليمان قال لى إن مبارك أطاح بى لأن هناك من أقنعه بأنى صرت ندا له.. رئيس الوزراء الأسبق لم يتطرق لعلاقته ب "العسكرى" والإخوان
نشر في اليوم السابع يوم 09 - 12 - 2013

"إلى كل المخلصين من أبناء مصر الذين لم يصبهم اليأس ويحدوهم الأمل إلى مستقبل مشرق لوطنهم الحر، ولا يلتقون إلا على البناء والخير، ولا يتعاونون إلا على البر والتقوى، ويسعون بدأب وإصرار وإخلاص فى كل وقت وعصر إلى صعود مصر حتى تبلغ مكانتها الجديرة بها بين الأمم، وتظل رايتها خفاقة أبد الدهر"، هكذا يهدى الدكتور كمال الجنزورى، رئيس وزراء مصر الأسبق الكتاب الذى يضم أبرز ملامح ومحطات سيرته الذاتية والتى اختار عنوانا لها " طريقى.. سنوات الحلم والصدام والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء"، والصادر حديثا عن دار الشروق للنشر بالقاهرة.
وعندما يتكلم الدكتور كمال الجنزورى ويقرر نشر فصول من سيرته الذاتية، فنحن إذن أمام حدث كبير، فالرجل علامة على عصره وتقلباته العنيفة، فهو أول من ترأس الحكومة المصرية مرتين، وأول من خرج من مقر رئاسة الوزراء مغضوبا عليه، ودون تكريم، بل وفيما يشبه الرفت، ثم يعود للمنصب محمولا على الأعناق تزكيه كفاءته وإخلاصه ووطنيته، كما أنه أول رئيس وزراء يعاصر، تحول مصر من النظام الاشتراكى الموجه إلى اقتصاد السوق، ومن النظام الشمولى الاستبدادى إلى ثورة شعبية عارمة انتقلت بالمجتمع من الركود السياسى إلى التوتر الحاد، ويعاصر كذلك هيمنة الإخوان على السلطة فى مصر لأول مرة فى تاريخ الجماعة التى تعرضت للحل والحظر أكثر من مرة، ثم قفزت على حكم البلاد فى غفلة من الشعب والزمن والتاريخ، قبل أن تطيح بها ثورة 30 يونيه.
من هنا فإن كلمات الدكتور كمال الجنزورى يجب أن نقرأها بعناية وأن نلتفت إلى دلالاتها وتقاطعها مع تاريخ وأداء الرموز السياسية والاقتصادية والعسكرية التى عمل معها وشاركها الوزارات المتعاقبة والظروف السياسية العصيبة، بعض هذه الرموز مازال على قيد الحياة، وسيكون له تعقيبه واختلافه مع كلمات وشهادة الجنزورى، وبعضها الآخر غادرنا صامتا أو بعد أن ترك شهادته هو الآخر لتمثل وجهة نظره فى الحكام والمسئولين المصريين الذين عاصرهم.
ورغم أن الدكتور الجنزورى أكد فى مقدمة كتابه على إيمانه بسرد " التجربة بكل محتوياتها" إلا أنه توقف بنا عند العام 210، العام الذى شهد أضخم عملية تزوير للانتخابات البرلمانية واعتبره كثيرون مقدمة منطقية للانفجار الشعبى فى 25 يناير 2011، وآثر الجنزورى أن يحتفظ لنفسه بأسرار تكليفه الثانى برئاسة الوزراء بعد مرحلة مضطربة من الغضب الشعبى وحكم المجلس العسكرى الذى واجه الكثير من الصعوبات والعراقيل.
لماذا فضل الجنزورى الانحياز إلى الصمت، منهجه الأثير، فيما يتعلق بأخطر سنوات مصر بعد ثورة 25 يناير وهو كان من أبرز وأقرب الشهود على هذه المرحلة، هل لأن صندوقه الأسود يمتلئ بالأحكام القاسية على رجال هذه المرحلة؟ أم لأنه لا يريد أن يحكم على تجربة جماعة الإخوان القصيرة فى الحكم؟ أم لأنه تعهد لطرف ما ألا يفتح فمه بأسرار المرحلة الانتقالية الأولى ومحاولى واشنطن فرض إملاءات بعينها على مصر، وموقف المجلس العسكرى منها؟
فى ظنى أن هناك الكثير من المسكوت عنه فى سيرة حياة الدكتور الجنزورى، لعله أكثر ما ورد فى سيرته التى أراد لها لأن تكون سيرة علمية عملية لطيفة لا تفسد فرحة أحد ولا تعكر صفو أحد وتحافظ على مساره كرجل صموت يعرف أكثر كثيرا مما يعلن، ويفصح عما يريد فقط أن يفصح عنه من رسائل تخدم التصور الذى يريده عن نفسه وعن مساره كرئيس وزراء مصر فى فترتين متباينتين. لكننا لا نملك إلا أن نستنطق كلماته التى نشرها من خلال المختارات التالية..
بداية المناصب السياسية.. محافظ
يتحدث الدكتور كمال الجنزورى، عن أول مناصبه السياسية التى تقلدها، وأولها، منصب "المحافظ"، قائلاً إن البداية جاءت عندما طلب منه الدكتور محمود الإمام، أن يذهب بدلاً منه إلى الجلسة التى كان من المُفتَرَض أن يتحدث فيها الأخير إلى المحافظين، وأمناء المجلس المحلى للمحافظات، فى مقر وزارة الإدارة المحلية، وعددهم 25 محافظًا، ومثلهم أمناء المجالس المحلية، وكان يرأس الجلسة وزير الإدارة المحلية آنذاك، محمد حامد محمود.
وتابع الجنزورى "الجلسة كانت عن تخطيط التنمية والمحليات، ولاحظت أن الحديث عن التخطيط من الصعب أن يبسط، خاصة أن بين الحاضرين تخصصات مختلفة كثيرة، فتناولت بعض الموضوعات المُثارة وقتذاك، والتى كانت موضع التساؤل، مثل انخفاض سعر العملة أو تعويمها، أو العجز فى الموازنة العامة، وكان الكلام مُبسّطًا وسهلاً، دفع الكثير منهم المشاركة بالسؤال، والتعليق.. وبعد هذه المحاضرة بثلاثة أسابيع، طلبنى السيد محمد حامد محمود، وزير الإدارة المحلية، ليبلغنى بتعيينى محافظًا للوادى الجديد.. وفى يوم 22 نوفمبر 1976، ذهبت إلى الوادى الجديد، وكان سبقنى فى هذا المنصب، المجاهد إبراهيم شكرى، الذى شغل المنصب تسع سنوات".
واستطرد الجنزورى "لاحظت منذ البداية، توقف أعمال الاستصلاح والتشييد وبناء المصانع، وتوقف العمل فى المطار، وبذلت ما استطعت من جهد فى هذه المجالات جميعًا، حتى شاءت الظروف مقابلة المهندس عبد العظيم أبو العطا، وزير الرى والزراعة، وطلبت منه أن تبدأ شركات الاستصلاح العمل بالوادى الجديد، كما طالبت بتوفير قدرٍ من بعض الصناعات خاصة من المنتجات الزراعية المتاحة فى الوادى، وأن يُعاد تشغيل المطار حتى تزداد السياحة، خاصة أن هناك الكثير من الأجانب يسعون إلى ذلك. ولكن بعد شهور لاحظت أن المطالب لا تُستجاب بقدرٍ يرقى إلى طموحاتى، فشكوت ذلك للسيد ممدوح سالم، ولعله تصور أننى أشكو بُعد المكان، فعُيّنت فى أول حركة للمحافظين فى يونيه 1977، محافظًا لبنى سويف، خلفًا للمهندس سليمان متولى. وحاولت أن أبذل جهدًا كبيرًا فى تنمية المحافظة اقتصاديًا واجتماعيًا، ولكننى لم أجد إمكانيات كافية متاحة لذلك، لأن موارد المحافظة تقتصر على ما يتاح لها مما فى حوزة الحكومة المركزية، والتى كانت لا تعطى إلا القليل".
"كان لابد أن أعود مرة ثانية إلى السيد ممدوح سالم، وكان إنسانًا فاضلاً ومحترمًا، وطلبت أن أعود لعملى فى التخطيط وكيلاً للوزارة، إلا أنه قال كيف ذلك وأنت حاليًا بدرجة نائب وزير –لأن المحافظ كان بهذه الدرجة قبل أن تُرفَع إلى وزير فيما بعد–وطلب منى أن أقابل الدكتور عبد المنعم القيسونى، وكان نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا للتخطيط، فرأى أن أعود للتخطيط مديرًا للمعهد، وفى يوم 13 ديسمبر 1977، صدرت حركة جديدة للمحافظين، ونُصَّ فى ذات القرار الجمهورى، أن أُعَيَّن مديرًا لمعهد التخطيط".
المنصب الوزارى.. والمؤتمر الاقتصادى الأول والأخير
"ومرت الأيام والشهور، واستمرت علاقتى بالزملاء بالوزارة طيبة للغاية وفى نهاية عام 1981 أعددت دراسة تحت عنوان (نقاط أساسية حول مشكلات الاقتصاد المصرى واقتراحات لتصحيح المسار الاقتصادى)، وكان هذا على وجه التحديد فى 5 ديسمبر 1981، ولقد دفعنى إلى إعداد هذه الدراسة، ما وصلت إليه البلاد من صعوبات اقتصادية واجتماعية هائلة، بعد الحروب العديدة التى خاضتها خلال العقود الثلاثة السابقة. وفى 4 يناير 1981، تم تعيينى وزيرًا للتخطيط فى الوزارة الجديدة، وشغل الدكتور فؤاد محيى الدين منصب رئيس الوزراء ووزير الاستثمار والتعاون الدولى، وكان من أعضاء تلك المجموعة بالإضافة إلى وزير التخطيط، الدكتور صلاح حامد، وزير المالية، والدكتور فؤاد هاشم وزير الاقتصاد وللتذكرة والشكر لله، فحينما شكلت الوزارة وعرض الدكتور فؤاد محيى الدين على الرئيس الأسماء المرشحة للمجموعة الاقتصادية، لم يشر فيها إلى مرشح لوزير التخطيط، وربما كان يرى ترك هذه الوزارة حتى يُعَيَّن لها وزيرًا فى آخر لحظة. فلقد كان بيننا خلاف منذ كنت محافظًا لبنى سويف، يتعلق بالمصلحة العامة وليس خلافًا شخصيًّا، عله كان سحابة صيف".
"المهم عند تشكيل الوزارة، سأل الرئيس من هو وزير التخطيط فصمت الدكتور فؤاد محيى الدين، فبادره الرئيس: ربما نختار مدير معهد التخطيط، دون أن يذكر الاسم، خصوصًا أن الشخص الذى يرى أن يتولى هذا المنصب، يعمل فى منصب قريب من مهام وزير التخطيط، حيث كان من بين وزراء التخطيط السابقين مديرون لمعهد التخطيط كالدكتور إبراهيم حلمى والدكتور إسماعيل صبرى والدكتور محمود الإمام خرج الدكتور فؤاد محيى الدين ولم يعترض ولم يؤيد.. وطلب من السيد محمد عبد الفتاح أن يرشح وزيرًا للتخطيط، وأخبره أن المطروح بعض الأسماء كالدكتور حسن فج النور، نائب وزير التخطيط آنذاك، والدكتور سعد الدين حنفى نائل رئيس بنك الاستثمار القومى والدكتور يسرى مصطفى رئيس قطاع التخطيط والمتابعة فى الجهاز المركزى للمحاسبات وأخيرًا الدكتور كمال الجنزورى. فقال السيد محمد عبد الفتاح (إذا كانت الخيارات بين هؤلاء الأربعة فأفضل الجنزورى)".
"لم يتوقف الدكتور فؤاد عن هذا، ولجأ للدكتور إبراهيم حلمى عبد الرحمن، مستشار رئيس مجلس الوزراء منذ حكومة السيد ممدوح سالم، وسأله عن الأسماء ذاتها، فرد بأن الجنزورى هو الأفضل من وجهة نظره الشخصية".
"ذلك أن البداية لم تكن موفقة مع الدكتور فؤاد محيى الدين قبل أن يصبح صديقا عزيزا بعد شهور قليلة. ففى صباح يوم تشكيل الوزارة تسرب إلى الصحافة قائمة بالوزارة الجديدة، وهو التشكيل الأول فى عهد الرئيس رغم إعلانه رسميًا. وبدأت اللقاءات فى مجلس الوزراء للسادة الوزراء القدامى والجدد، ولم يخبرنى أحد بشىء ورغم تهنئتى من الكثيرين تليفونيًّا إلى أننى لم يتم إخطارى رسميًّا، إلا فى الساعة الخامسة بعد الظهر، حيث طلبنى سكرتير الدكتور فؤاد ليخبرنى أن السيد رئيس الوزراء يريد أن يرانى بعد نصف ساعة. فكان علىّ أن أذهب إلى مجلس الوزراء فورًا، ولم يبد أدنى قدر من الترحيب، حيث بادرنى بالقول بما يفيد تعيينى وزيرًا للتخطيط، فقلت طيّب وخرجت دون أن أجلس".
"وبعد أيام قليلة، طلبنا الرئيس كمجموعة اقتصادية مكونة من أربعة، وبدأ الحديث من جانب الرئيس بسؤال: كيف يمكن أن ننظر إلى المستقبل؟ شعرت أن السؤال موجّه لى، وأن مرجعه الدراسة التى أشرت إليها من قبل، فقلت: الأمر يتطلب أن نعد لمؤتمر اقتصادى ليكن بداية لإعداد نظرة مستقبلية لخطة قومية طويلة المدى وأخرى متوسطة وقصيرة المدى، على أن يشارك كل الأطراف المعنية بغض النظر عن اختلاف الأيدولوجيات، سواء من اليمين أو اليسار أو الوسط. فطلب الرئيس أن نبدأ وخرجنا والتقينا فورًا فى معهد التخطيط لأنه كان الأقرب مكانًا".
أحداث الأمن المركزى.. 25 فبراير 1986
"دخل علينا السيد عبد الفتاح الدالى أمين الحزب الوطنى بمحافظة الجيزة، وقال فور دخوله إن جنود الأمن المركزى، بدأوا بإضراب فى معسكرهم فى الطريق الصحراوى القاهرة– الإسكندرية، مطالبين إلغاء قرار استمرار مدتهم بالتجنيد، أى عدم استمرار خدمتهم ضمن جنود الأمن المركزى، وكان محددا من قبل أن تنتهى مدة خدمتهم بعد شهر تقريبًا وبعد لحظات دخل علينا الدكتور عبد الحميد حسن محافظ الجيزة حينذاك وردد وهو فى غاية الاضطراب والانزعاج، ما سبق أن قاله السيد عبد الفتاح الدالى".
"طلبت المشير أبو غزالة وقلت إننى أتابع الموضوع لأنى مع يوسف والى وسمعته وهو يتحدث معك، سألته: هل طلبت من الرئيس نزول الجيش لأن الأمر أصبح حتميًا والموقف صار فى غاية الخطورة، قال: طلبت الرئيس أكثر من مرة ولكنه مازال مترددا بالنسبة لنزول الجيش بعد دقائق طلبت المشير ثانية قلت له: أرجوك بكل ما تحمل من حب لهذا الوطن الذى نعرفه جميعًا عنك.. وأكرر طلبى.. أخيرًا قال لى: كمال لا تخشى شيئًا فإننى أصدرت أوامرى لتحرك قوات الجيش إلى الطريق الصحراوى، لتوقف أى تحرك لجنود الأمن المركزى من دخول منطقة الجيزة".
الخلاف مع صندوق النقد
"بعد انتهاء حرب الخليج وتحرير الكويت من العدوان العراقى، قرر الرئيس الأمريكى بوش الأب مكافأة مالية لمصر لمشاركة القوات المسلحة المصرية فى هذه الحرب وكان القرار إلغاء الدين العسكرى للولايات المتحدة على مصر والبالغ نحو سبعة مليارات دولار، وتصادف أن هذا القدر يبلغ نحو 50% من إجمالى الدين الأمريكى على مصر.. وكان للولايات المتحدة الأمريكية دور فى تسهيل إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، لتنازل الدول الدائنة (نادى باريس) عن نصف ديونها لمصر، وخاصة أن اتفاق مصر مع الصندوق ساعد على زيادة الثقة، ونُفذ فعلاً إسقاط الشريحة الأولى البالغة نحو 3.4 مليار دولار من إجمالى الخفض المقرر البالغ نحو 14.2 مليار دولار. ولكن كان ضمن هذا الاتفاق أن تلتزم مصر بتوحيد سعر الصرف وخفض الجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية، وزيادة أسعار منتجات البترول (البنزين– السولار– الكيروسين– المازوت– البوتاجاز)، وفرض بعض الضرائب الجديدة، غير أنه عندما تمت المراجعة من جانب الصندوق تبين عدم تنفيذ أغلب بنود الاتفاق.
الخبر الذى أراده صادمًا.. ولم يكن
"صباح الثلاثاء 5 أكتوبر 1999، حدث لى ما لم يكن متوقعًا لعله كان يريد خلال الشهر الأخير خاصة بعد النقاش الحاد فى قصر التين، أن يعطينى الأمان، على أن يصل اليوم المُحَدَّد عنده، ليشفى ما فى داخله وتكون الطعنة أكثر جرحًا. كان النجاح الذى تحقق والرضا الشعبى المتزايد، هما السبب فى أن أغفل ما يدبره المهم كنا فى صالون مجلس الشعب.. الرئيس والدكتور أحمد فتحى سرور والدكتور مصطفى كمال حلمى وأنا، قبل الدخول إلى قاعة المجلس لإلقاء الرئيس خطابه فى الاجتماع المشترك لأعضاء مجلس الشعب والشورى، إذ طلب السيد أشرف بكير كبير الأمناء أن ندخل جميعًا إلى القاعة قبل الرئيس، إلا أننى بقيت لحظة منفردًا بالرئيس، وقلت:
–بعد الجلسة سيعقد مجلس الوزراء جلسة لتقديم الاستقالة، فهل ترى أن أحضر لمقر الرئاسة لتقديمها، أم ماذا أفعال؟!
فقال:
–لا سيأتى إلى مجلس الوزراء من سيأخذها لأننى سأغير الوزارة، وسأراك الأسبوع المقبل.
فقلت:
–شكرًا، بصوت به كل الهدوء، ورضا لم يتوقعه.
"نعم وأقسم بالله، أننى خرجت وقد غمرنى إحساس بالرضا لا يمكن أن أتصوره، فلقد أعطانى الله فى تلك اللحظة، قدرًا هائلاً من الطمأنينة حتى شعرت وأنا أسير إلى القاعة، أننى أطول قامة والغريب بل العجيب جدًّا أن السيد حسن حافظ، كتب فى جريدة الوفد بعد يومين أى يوم الخميس فى العدد الأسبوعى للجريدة مقالاً بعنوان (ودخل الجنزورى القاعة رافع الرأس) دون أن أراه أو أتحدث إليه تلفونيًّا.. سبحان الله على كل شىء".
"بعد أن انتهى خطاب الرئيس، ذهبت إلى مجلس الوزراء لعقد جلسة لتقديم الاستقالة، وجدت اللواء عمر سليمان، منتظرًا بالصالون الملحق بالمكتب، وسألته: ماذا حدث؟!، فقال مباشرة وبكلماتٍ محددة: لقد أقنعه الذين حوله أنك أصبحت ندًّا له".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.