مع اقتراب موعد نهاية حكم الرئيس مبارك، يدور التساؤل عن من هو الرئيس القادم، فالرئيس فى دورته الخامسة والانتخابات فى 2011 فيجب من الآن طرح رؤية هادئة لمستقبل مصر السياسى، فالقوة السياسية المتواجدة حالياً هى الإخوان المسلمين وهم قوة منظمة ولهم تواجد قوى فى الشارع المصرى رغم عدم وجود أجندة واضحة المعالم عن برنامج شامل لخدمة الوطن إلا أن لهم تأثيرا ملموسا وسط الجماهير وهى قوة لا يستهان بها. فإن تمكن أحدهم من التواجد فى حلبة الصراع على سدة الحكم فستنقلب الحسابات رأساً على عقب، وعلى الرغم من تفصيل مواد الدستور الخاصة بانتخاب الرئيس على مقاس الحزب الحاكم إلا أن التخوف سيكون من تعاطف "المستقلين" من أعضاء البرلمان والمجالس المحلية مع رجال الإخوان وهو الأمر الذى اشترطه الدستور للترشيح لرئاسة الجمهورية موافقة 250 عضوا من المجالس النيابية والبلدية. إذاً فالأمر جد خطير، وبما أن الأقباط – إذا افترضنا أنهم إحدى القوى السياسية – غير متواجدين بقوة ربما لعدة أسباب منها أقليتهم – العددية – أو ربما لعدم وجود عمل منظم يضمن الاتفاق وعدم تشتيت الأصوات لذا لابد من الالتفاف حول مرشح معتدل من جهة، ومرشح نسبة حصوله على أعلى الأصوات مضمونة نسبياً من جهة أخرى. وكما فعلت معك عزيزى القارئ قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية بعرض السيرة الذاتية للمرشحين أو بعضهم المحتمل خوضهم هذه الانتخابات. المرشح الأول: مواطن مصرى من مواليد أكتوبر 1964 انضم إلى حزب الوفد الجديد فى بداية شبابه وكان مقرباً من رئيسه الراحل فؤاد باشا سراج الدين ثم استقال من الحزب وأسس حزب الغد وقد تدرج فى مراحل التعليم حتى تخرج من جامعة المنصورة كلية الحقوق، بعدها عمل صحفيا بجريدة الوفد بجانب عمله كمحامى وعندما كان فى الثلاثين من عمره رشح نفسه فى انتخابات مجلس الشعب عن دائرة باب الشعرية وفاز فى دورتين متتاليتين. كان متزوجاً من الإعلامية جميلة إسماعيل ولديه ابنان هما نور وشادى ولكنهما انفصلا منذ حوالى خمسة أشهر. تقدم عن حزبه بصفته رئيسه للانتخابات الرئاسية عام 2005 وهى أول انتخابات تجرى بواسطة الاقتراع المباشر وجاء فى المركز الثانى بعد حصوله على أصوات نصف مليون شخص فقط. اتهم بتزوير توكيلات تأسيس حزب الغد وتم حبسه وقد حُكم عليه لمدة 5 سنوات مع الشغل، ولأسباب صحية وسياسية تم الإفراج عنه يوم 18 فبراير 2009، وهو يعانى من مرض السكرى وضغط الدم بجانب أمراض القلب. ورغم وقوف الأقباط بجانبه فى المطالبة بالإفراج عنه إلا أن بعض الأقباط يتهمونه بأنه أضاع حصول الأقباط على حقوقهم فى الحادثة الشهيرة بسوهاج بمنطقة الكشح. إنه الدكتور أيمن عبدالعزيز نور والذى يقول عن نفسه أنه معارض ليبرالى مصرى. المرشح الثانى: مواطن مصرى من مواليد القاهرة 1963 – درس فى المرحلة الابتدائية فى مدرسة مسز وودلى للغات بمصر الجديدة ثم انتقل إلى مدرسة سان جورج الكاثوليكية ودرس بها المرحلتين الإعدادية والثانوية وحصل على شهادة الثانوية الإنجليزية فى عام 1980 ثم التحق بالجامعة الأمريكية وتخصص فى مجال الأعمال ثم تقدم برسالة الماجستير فى إدارة الأعمال وحصل عليها من نفس الجامعة. ثم التحق للعمل فى بنك أوف أمريكا وتدرج فى المناصب واكتسب خبرة كبيرة فى مجال الاقتصاد والبنوك ثم سافر إلى المملكة المتحدة وعمل فى فرع بنك أوف أمريكا بلندن ثم تدرج فى المناصب أيضاً حتى أصبح مديرا لفرع البنك هناك، وقد تخصص فى مجال الاستثمار البنكى. فى مايو 2001 حصل على عضوية الروتارى الفخرية. أسس جمعية "شباب المستقبل" واقترب من الشباب وساهم فى حل كثير من مشاكل إسكان الشباب فأصبح له قاعدة شبابية جيدة بينهم وفتح المجال فى هذه الجمعية لتدريب الشباب وتقديم فرص عمل لهم. يمارس الرياضة وسط الشباب ويؤكد على مبدأ العقل السليم فى الجسم السليم وأصبح قدوة لكثير من الشباب فى ممارسة الرياضة اليومية والبعد عن التدخين والمكيفات. التحق فى عضوية الحزب الوطنى الديمقراطى، وانتخبه الأعضاء أمين السياسات للحزب ثم أسندوا إليه منصب الأمين العام المساعد للحزب الوطنى الديمقراطى. ويعزى إلى أمانة السياسات العديد من الإصلاحات التى يشهدها الحزب والنظام السياسى بمصر ويختلف المصريون فى نظرتهم إلى إصلاحاته ما بين مؤيد متفائل أو معارض متشائم. تزوج فى 28 أبريل 2007 من السيدة خديجة الجمال وهى خريجة الجامعة الأمريكيةبالقاهرة وابنة رجل الأعمال محمود الجمال. المشكلة الوحيدة التى تواجهه إذا رشحه الحزب فى انتخابات الرئاسة القادمة أن والده يعمل رئيساً للجمهورية. هذا الشخص هو جمال محمد حسنى مبارك نجل الرئيس الحالى ويعتبر البعض أن هذه نقطة ضعف تجعله غير صالح للرئاسة بحجة أن هذا بمثابة توريث للحكم، ويدور التساؤل حول هل من حقه ترشيح نفسه أم لا . وهذا يستدعى أن ننظر لهذا المرشح نظرة موضوعية بهدوء دون تشنج أو عصبية أو تسرع فى الحكم. أنظر معى وفى واحدة من أكبر الدول تقدماً وحضارة وأكثرها مناداة بالديمقراطية وهى الولاياتالمتحدةالأمريكية لم نجد أحدا معترضاً على ترشيح جورج دبليو بوش بحجة أن والده كان رئيساً للجمهورية، ولم يحدث أيضا مع هيلارى كلينتون التى رشحها الحزب فى البداية لتكون رئيسة للبلاد فلم يقل أحد أن زوجها كان رئيساً؟ وماذا عن عائلة كينيدى وعائلة غاندى وعائلة بوتو وغيرهم فلم نسمع وقتها كلمات مثل التوريث أو خلافه، ولكن التساؤل الذى كان يدور عن إمكانيات الشخصية وصفاتها وحقها الدستورى. فكم من قاضٍ ابنه أصبح قاضياً وفاق والده وأبدع، ونجد هذا أيضا فى العلماء ورجال العلم والشعر والفن. وأنا هنا لا أقدم دعوى للتوريث دون استحقاق أو للتوريث لمجرد التوريث، ولكن إذا كان الخلف مثل السلف وأفضل فلماذا نقف عائقا أمامه ولا سيما إذا كان شخصا تربى منذ طفولته فى بيت أسقاه العلم أو الحنكة السياسية فى المهد. ثم الحملة الضارية التى يحاول إثارتها البعض عن أى شخص يؤيد ترشيح السيد جمال مبارك للرئاسة ليست لها معنى فمن لديه مرشح آخر فليأتى به كما من حق رجال الدين كأى مواطن أن يبدى رأيه فى المرشح القادم، وأتعجب من الهجوم الذى وجه لقداسة البابا شنودة ولاسيما رئيس الطائفة الإنجيلية الذى صرح بأن ليس من حق البابا شنودة الثالث أن يؤيد جمال مبارك رئيساً للجمهورية متهماً إياه أن ليس للكنيسة – الاكليروس (أى رجال الدين) – التدخل فى السياسة. وهذا أمر عجيب فالحديث عن المرشحين والانتخابات لهو حق لكل مواطن وليس عملاً سياسياً فهناك فرق بين العمل السياسى والمشاركة السياسية. فالأخيرة حق لكل مواطن مصرى وهو حق الانتخاب وحرية التعبير. كما أنه حتى لو اختلف البعض مع رأى قداسته، وفى ذات الوقت وإن كان رأيه غير ملزم للأقباط إلا أنه قد يتحدث عن مشاعر يجدها فى أولاده ويحس بها ويشعر بها لذا صرح بأن معظم المصريين يحبون جمال مبارك وهو مجرد رأى قد يصيب أو يخطئ. ولماذا لم يهاجم أحد جورج بوش عندما أعلن – وهو مازال فى الحكم – إنه من مؤيدى جون ماكين – المرشح الجمهورى بل وطالب الشعب الأمريكى بالوقوف مع ماكين. عزيزى القارئ.. أن لست ضد التوريث فحسب ولكن ضد من يصل للحكم دون استحقاق.. فمن يجده الشعب يصلح فأهلا به حتى لو كان ابن رئيس الجمهورية.