عاد الدكتور مصطفى الفقى للأضواء من جديد بعد كمون إعلامى استمر لسنوات، خصوصا بعد (الشكوك التى طالت عضويته فى البرلمان فى انتخابات مجلس الشعب 2005)، وبعد فشله فى الوصول إلى رئاسة البرلمان العربى (هزمته نائبة ليبية – تصوروا ليبيا فيها برلمان!!). عاد الفقى من جديد ليبيع لنا نحن البسطاء بضاعة راكدة فى سوق السياسة، وبدأ عبر سلسلة مرتبة ترتيبا دقيقا وكأنه مكلف من جهة ما ببدء حملة جديدة لتسويق ملف انتقال السلطة. الفقى فى مقابلاته ومقالاته يريد القفز على حق الشعب فى الاختيار وحق المعارضة فى المنافسة وحقنا فى الرفض! آخر تصريحات الفقى وعباراته الرنانة هو قوله إن الشعب المصرى أصبح محنطا!! و لا أدرى إن كان هذا الوصف يسرى على الدكتور الفقى نفسه أم أنه يعتقد أنه وحده هو من دبت فيه الروح دون خلق مصر كلهم. وبما أننا شعب محنط، فبالتالى فالموتى والمحنطون لا رأى لهم ولا تصلح معهم لا ديمقراطية ولا شورى... أليس هذا هو نفس رأى رئيس الوزراء الذى لا يحسب على المثقفين بل على التكنوقراط فى أعقاب الانتخابات النيابية السابقة. لا أحد ينكر على الفقى أن يكون مبايعا لشخص ما يريده أو يرى صلاحيته فهذا شأنه، ولكن العيب كل العيب أن يقوم بكل هذا الجهد خارجيا وداخليا ليروج لفكرة أن مصر العظيمة لا يصلح لها أى رئيس ولابد لها من رئيس مرتب الأفكار وعنده لياقة (راجع مقاله فى الأهرام 25 أغسطس). العيب أن السيد الفقى الذى ينصح لوجه الله والوطن ومن أجل نشر المزيد من الشفافية – لا يرى فى الأسماء التى طرحت للتنافس على الرئاسة المقبلة والتى رشحت من قبل تكتلات المعارضة المختلفة إلا موظفين أو مديرين ناجحين، وهذا لا يعنى أن يكونوا رؤساء ناجحين وهو بذلك يصادر على المطلوب فمن حق الشعب أن يختار، ولا أعرف سر انزعاج الفقى (الديمقراطى) من وجود مرشحين أو مجرد أسماء مطروحة فى مواجهة مرشح الحزب الحاكم المنتظر. أفهم أن يشجع الدكتور الفقى المعارضة أن تسمى مرشحيها وأن ينصح السلطات باتخاذ إجراءات حاسمة من أجل ضمان نزاهة الانتخابات المقبلة، ولكنه غض الطرف عن ترسانة القوانين المقيدة للترشيح والمانعة للوصول إلى المنافسة، ناهيك عن الفوز بالانتخابات إن عقدت على النحو الذى جرت به من قبل. د. الفقى ترك كل شىء وركز على شىء واحد وهو تشويه الآخرين والنيل من جدارتهم رغم أنه لم يطرح أسماءهم. مقال الدكتور الفقى فى الأهرام وحواراته على (دريم) و(المصرية) وغيرها هو نموذج للتحول فى إرادة بعض المثقفين مع بوصلة السلطة، وليس صحيحا أن ما يكتب لوجه الوطن وإلا فالوطن للمعارضة وللسلطة فى نفس الوقت، أما الكتابة بقلم المثقف وبعقل السياسى فقد باتت أمرا مكشوفا ولو كنت مكان الدكتور الفقى لخلعت قفاز الثقافة وأعلنتها صريحة أنه طلق الثقافة وعاد لحظيرة السياسة أو بمعنى أدق السلطة. آخر السطر لم أفهم ما جاء فى مقال د.الفقى المشار إليه - حين ذكر (إن الرئيس المصرى لابد أن يكون مدعما من قوة اجتماعية قادرة على مساندته عند اللزوم على نحو يتيح له حرية التحرك، والقدرة على اتخاذ القرار المناسب). يعنى مين؟