◄ وزارة الثقافة لا معنى لها على الإطلاق ولا ينبغى أن يكون للفكر والإبداع وزارة ولا توجد علاقة بين "دوم" وساقية الصاوى لا من قريب أو من بعيد. ◄ هدفنا دعم أى أفكار من شأنها تحطيم أى سقف مهما كان ولكن تكون هناك أية املاءات تحدد ملامح وهوية المنتج الثقافى داخل "دوم". ◄ سنصدر كتابًا يرى أنه لم يكن فى مصر قطرين ليكون هناك ملك يوحدهما ولم يكن هناك شخص يدعى "مينا". ◄ أسسنا أول أكاديمية لفن الكاريكاتير فى الوطن العربى وبدأنا فى دعم فن النحت بالسلك والرسم بالقماش لارتباطهما بالتاريخ المصرى منذ آلاف السنين ونعمل على مهرجان للحكى فى قنا يرى الكاتب الدكتور خالد الخميسى، أن الثقافة لا تحتاج لأن يكون لها وزارة، بقدر ما تحتاج لأن تكون هناك قوانين تحمى حرية الفكر والإبداع، دولة يكون ضمن أهدافها وأولوياتها دعم مؤسسات المجتمع المدنى التى تهدف لنشر الثقافة فى المجتمع التى تصل للمواطن البسيط، وتعمل على تنمية الوعى النقدى الهادف، ومن خلال هذه الرؤية أطلق "الخمسى" مؤسسة "دوم" الثقافية لنشر ثقافة الدولة المدنية والتى يفتقر إليها الشارع المصرى، فى حين أنها الأساس الذى لا بديل عنه قبل الاهتمام بتأسيس العديد من الأحزاب السياسية. حول أهداف ورؤية مؤسسة "دوم" الثقافية كان ل"اليوم السابع" هذا الحوار مع خالد الخميسى قبل الافتتاح الرسمى لمؤسسته التى يتعاون معه فيها عدد من رموز الثقافة والفن والإبداع والذى سبقه عدد من الفعاليات والورش الثقافية، وإلى نص الحوار... ◄ بداية كيف جاءتك فكرة تدشين مؤسسة دوم الثقافية؟ فى عام 2011 وجدت أن معظم الأصدقاء مهتمين بالشأن السياسى، وانشغل غالبية المصريين بالشأن الإعلامى، الذى يعد ذراع الشأن السياسى، وحينها كنت أؤكد على أنه لا يمكن أن نعمل على بناء سياسى بدون تأسيس بنية تحتية ثقافية، وكانت مشكلتى الأساسية هى أنه لا يمكن أن نتجه لتدشين أحزاب سياسية بدون بنية ثقافية ومعرفى للشعب، وهناك احتياج واضح لما هو جديد على المستوى الفكرى والمعرفى، وخاصة تلك الأنشطة الثقافية المختلفة التى شهدت إقبالاً كبيرًا، وأن هناك العديد من الشباب لديه رغبة فى استهلاك كل ما هو ثقافى والعمل على الابتكار، إلا أننى لم أجد رعاية كافية من الدولة ومن المجتمع المدنى، ولهذا رأيت أن بناء المؤسسات الثقافية أمر حتمى لأى مشروع تنموى فى مصر، فلا يمكننا أن نتحدث عن المستقبل بدون الاهتمام بالجانب الثقافى على حساب العمل السياسى سواءً أكان الدستور أو غيره، وهو ما أدى بالضرورة فى النهاية إلى أننا "دخلنا فى حيطة سد"، لأننا لم نلتفت مشروعات ثقافية جادة تعمل على دعم التفكير النقدى، ونتيجة لهذا فكرت فى تأسيس "دوم" لدعم هذا التفكير النقدى. ◄ ولماذا مؤسسة "دوم" وليس "خالد الخميسى"؟ لأننى أردت لهذه المؤسسة وأنا أفكر فيها أن تكون مصرية، ولهذا كنت أفكر فى اسم مرتبط بمصر يحمل عبق رائحة النيل، ومن هناك وجدت أن نخل الدوم من الأشياء المرتبطة بتاريخ مصر وأحد رموزها، وأتذكر أن الكاتب محمد المخزنجى سبق أن قدم مجموعة مقالات أعجبتنى جدًا حول ما يصلح أن يكون رمزًا لمصر، فوجد "الحمار"، أما أنا فبرأيى أن "الدوم" يصلح أن يكون رمزًا لمصر. بالإضافة إلى أننى أردت ألا أحصر فكر المؤسسة على اسمى وأن تكون عامة، فأحد المشكلات الأساسية فى مصر هو ارتباطها بالأفراد، وحينما يختفى الفرد تموت، وهذا على عكس الغرب، فمنذ فترة قصيرة كنت فى ألمانيا للمشاركة فى أحد الندوات التى دعيت إليها، وفوجئت باحتفال دار نشر بمرور مائتى وخمسين عام على جهدها، ولم ترتبط هذه المؤسسة على اسم صاحبها، أو أحفاده. ◄ وما رأيك أنت فى أن يكون الحمار رمزًا لمصر؟ برأيى لا، لأن الحمار دولى وليس قاصرًا على مصر، وموجود ومحبوب فى دول كثيرة، وأيضًا الدوم متواجد فى أماكن أخرى، إلا أن له تاريخ طويل فى مصر. ◄ وماذا عن الأصدقاء المبدعين المؤسسين ل"دوم"؟ يتعاون معى كل من الشاعر الكبير أمين حداد، والكاتبة الدكتورة سحر الموجى، والدكتورة مها السعيد، والكاتب الصحفى نبيل الشوباشى، والمخرج السينمائى محمد حمدى، وأمل المصرى، وهى أحد المتخصصين فى مجال ال"marketing" فللأسف الشديد ظلت الثقافة المصرية حبيسة نخبة وهم عدد قليل جدًا من المهتمين بالثقافة، ولكنها لم تنتقل إلى دائرة أوسع حتى الآن، ولهذا فإن أحد الأهداف ل"دوم" هو محاولة توسيع دائرة المصريين المتعاملين مع الثقافة، وبالتالى فإن دورنا هو تقديم منتج ثقافى سهل يصل للناس، وغيرهم كثيرين. ◄ هل فكرت فى أن تتقدم بفكرة "دوم" لوزارة الثقافة لدعمها أو تبنى المشروع؟ فى الحقيقة أنا ممن يرون أن الثقافة لا ينبغى أن يكون لها وزارة، فأنا أرى أن هذه الوزارة لا معنى لها على الإطلاق، وما أراه واجبًا هو أن يكون هناك مجموعة من الآليات التى تحمى المنتج الثقافى، من خلال القوانين، التى لا تتطلب بالضرورة أن يكون لها وزارة، فقط نحن بحاجة إلى هذه القوانين لكى تحمى المبدع والفنان، وأذكرك بأن وزارة الثقافة حينما بدأت كان يطلق عليها وزارة الإرشاد، وفى الحقيقة أنا لست بحاجة للإرشاد، أو من يوجهنى إلى الصواب أو الخطأ، فقط ما احتاجه هو أن أمارس فنى وأنتجه وإلى قوانين تحميه. ◄ ولكن الفن والإبداع بحاجة إلى دعم مالى من الدولة؟ نعم، ولكن هذا الدعم لا يستلزم بالضرورة أن يكون لدينا وزارة للثقافة، هذا الدعم من المفترض أن يذهب من الدولة لمؤسسات المجتمع المدنى، وأنا لدى أمل بأن يقوم الأفراد بدعم مؤسسات المجتمع المدنى، ولديك فى هذا السياق على سبيل المثال، ما فعلته جماعة الإخوان المسلمين، من نظام الاشتراكات لأعضائها، هذا بغض النظر عن نتائج هذه الاشتراكات وفقًا لمخططاتهم، ولكن برأيى أنه يمكن لمؤسسات المجتمع المدنى أن تسعى إلى اتباع هذه الفكرة من هؤلاء الذين يؤمنون بدور مؤسسات المجتمع المدنى، وبالفعل فقد قمنا فى مؤسسة "دوم" بتحديد قيمة الاشتراك السنوى بقيمة مالية قدرها تسعون جنيه، ونتمنى أن يكون لدينا آلاف الأعضاء ليكون لدينا دعم مالى يهدف لتحقيق أهدافنا الثقافية. ◄ هل كنت تنظر إلى ساقية الصاوى كفكرة وأنت تحدد ملامح مشروع دوم؟ إطلاقا فمؤسسة "دوم" لا علاقة لها بساقية الصاوى لا من قريب أو من بعيد سواءً من الفكرة أو الإستراتيجية، فنحن فى "دوم" نعتمد على إنتاج منتج ثقافى بسيط يصل إلى أكبر عدد من الناس، نحن مؤسسة ثقافية، ولسنا مركزًا ثقافيًا، ولسنا مكانا لعرض منتج ثقافى للآخرين، ولكن دورنا هو دعوة الفنانين والمثقفين إلى إنتاج منتجهم الثقافى فى أماكن مختلفة، وفى الأساس تعتمد إستراتيجيتنا على اللامركزية وألا تبقى محصورة فى القاهرة أو الإسكندرية بل سنسعى إلى بصفة دائمة للخروج خارج نطاق هذه الدائرة المغلقة، أما ساقية الصاوى فببساطة هى مكان للعرض ليس إلا وقد نجحت فى البداية، أما نحن فسوف نتواجد بالفعاليات والمنتج الثقافى، والفرق ببساطة شديدة بين "دوم" وساقية الصاوى، هو أن "الصاوى" قاعة لعرض الأفلام أما "دوم" فهى "المنتج". ◄ هل ستكون هناك أية إملاءات تحدد ملامح وهوية المنتج الثقافى داخل "دوم"؟. الثقافة تستند بالأساس على فكرة الحرية المطلقة للتعبير، وإذا كنت صاحب مؤسسة ثقافية تمارس أى نوع من هذه القيود أو الإملاءات على المبدع، فبالتالى أنت لست مثقفًا أو مبدعاً ولا تملك بالأساس مؤسسة ثقافية أنت لا تدرك ما ينبغى أن تكون عليه الثقافة، والمأمول منها، إن دورنا هو دعم كل من يحطم أى سقف مهما كان، إن دورنا هو ممارسة النشاط الثقافى. ◄ هل سيكون من بين أهداف المؤسسة هو نقد أحزاب سياسية أو دينية معنية؟ إن دورنا الأساسى هو تفنيد الأفكار السياسية التى يعيشها الشارع المصرى ويتعامل معها وننظر فيها وأن نرى علاقة هذه الأفكار بأخرى كنوع من المقارنة، ولهذا سأكون متحمسا أكثر حينما نتحدث فى الأفكار، فأنا لا يعنينى على سبيل المثال جماعة الإخوان المسلمين، وبالأساس هم ليس لهم معنى، ولكن ما يهمنى أكثر هو حزمة الأفكار التى يعبر عنها هذا التيار، سواءً الإيجابية أو المحافظة، ولماذا ننادى بأفكار محافظة وهكذا، ولكننا فى النهاية لن نتعامل مع الشأن السياسى بالصورة الدارجة التى نراها فى غالبية الندوات. ◄ وما هو المنتج الذى تهدف "دوم" إلى تقديمه؟ هناك أنواع كثيرة، على سبيل المثال، النشر، فسوف يكون لدينا أربع سلاسل كتب، فهناك سلسلة "ببساطة" أول كتاب سيصدر عن هذه السلسلة سيكون خلال الأسابيع المقبلة، واسمه "كيف سكن المصريون مصر؟"، وهذا الكتاب يناقش الألف عام التى سبقت تشكيل أول حاكم يحكم مصر، أب الأسرة الأولى، وهذا الإصدار قام بكتابته أحمد فهيم، ويناقش فيه قضايا تعتبر من المسلمات، فى حين أنها على عكس ذلك، فالشائع لدينا أنه كان هناك قطران شمال وجنوب، وملك لكل مملكة، ثم جاء مينا ووحد القطرين، فيقوم هذا الكتاب بتفنيد هذه المسلمات ليصل فى النهاية إلى رؤية مفادها أنه لم يكن هناك قطران ولم يكن هناك موحد للقطر، ولم يكن هناك بالأساس شخص يدعى "مينا". كما أن هناك سلسلة بعنوان "بكل بساطة" وهى سلسلة تعمل على تبسيط الأشياء، فدائمًا سنعتمد على ذلك من خلال الصورة أيضًا، وسنقدم أيضًا سلسلة بعنوان "باختصار" وتتناول الكتب الأثقل معرفيًا وسوف نقدمها بإيجاز من خلال مجموعة من الكتاب يعملون على ذلك، كما سنقدم عرضين كل شهر ضمن ما أطلقنا عليه "عصير دوم"، ففى شهر أكتوبر سنقدم عرض يتساءل "هل المصريون عنصريون؟" وعرض آخر حول الأعياد، وكل عرض يتضمن قراءات وفنون مختلفة ولهذا سمى "عصير دوم"، كما نعمل على تأسيس مهرجان للحكى فى قنا، فى مارس، ومهرجان آخر فى نوفمبر لقراءة النصوص الأدبية، وسنعمل بشكل دائم على قراءة النصوص الأدبية، ولدينا فى شهر أكتوبر قراءة ليوسف إدريس، وفى نوفمبر يحيى حقى. كما بدأنا بالفعل العمل على دعم الفنون المصرية ذات الخصوصية الشديدة، ومنها النحت بالسلك، والرسم بالقماش، فالنحت بالسلك غير مكلف، وهو فن مصرى وجدنا أنه موجود منذ الأسرة الثانية أى ما يزيد عن خمسة آلاف سنة، وكذلك الرسم بالقماش وهو فن قديم، وتفوقنا فى هذا، والمتحف القبطى خير دليل، ولهذا فكرنا فى تدوير ملابسنا القديمة والعمل على تقديم فنون فى هذه المجالات، كما أسسنا أول أكاديمية لفن الكاريكاتير فى الوطن العربى، سوف تبدأ نشاطها فى أول أكتوبر، وسوف يشارك فيها مجموعة من أساتذة فن الكاريكاتير، لتقديم عام دراسى كامل، وهذا بالاشتراك مع الجمعية المصرية للكاريكاتير، ودور هذه الأكاديمية هو تخريج جيل جديد من فنانى الكاريكاتير، فنحن نرى أن الكاريكاتير يمر بأزمة هذه الأيام.