قال نشطاء إن قوات الحكومة السورية شنت اليوم الاثنين هجوماً، لاستعادة السيطرة على بلدة مسيحية تاريخية شمالى دمشق. وكانت قوات الرئيس بشار الأسد وجماعات المعارضة التى ينتمى بعضها للقاعدة، قد تبادلت السيطرة على بلدة معلولا ثلاث مرات بالفعل، خلال الستة أيام الماضية. ويقول مقاتلون إن شدة القتال من أجل السيطرة على البلدة، يرجع إلى موقعها الاستراتيجى قرب الطريق المؤدى من دمشق إلى مدينة حمص فى وسط سوريا. لكن القتال فى منطقة ذات رمزية دينية من هذا القبيل، قد يزيد قلق الأقلية المسيحية التى تراقب العنف الطائفى بين الأغلبية السنية والأقلية العلوية، يخيم على الانتفاضة ضد حكم الأسد. ويهدد القتال قرب معلولا فى جبال القلمون شمالي العاصمة المواقع المسيحية القديمة عند سفوح الجبال، والتى يزورها المسيحيون والمسلمون على السواء. وقال المرصد السورى لحقوق الإنسان الذى يعارض الأسد ومقره بريطانيا، أن القوات والميليشيا الموالية للأسد عاودت دخول معلولا فى وقت مبكر من صباح يوم السبت، لكنها انسحبت في المساء عندما استدعت المعارضة تعزيزات. وقال رامى عبد الرحمن مدير المرصد، إن القوات الحكومية المتقهقرة واصلت قصف قوات المعارضة والاشتباك معها على أطراف معلولا، أمس الأحد واليوم الاثنين، على الرغم من تراجع حدة العنف داخل البلدة، صباح اليوم. ويوجد في معلولا عدة كنائس وأديرة مهمة منها دير مار تقلا لراهبات الكنيسة اليونانية الأرثوذوكسية، الذى زاره الكثير من المسيحيين والمسلمين الذين يتوافدون عليه كمكان مقدس طلباً للشفاء. ولا يزال عدد كبير من سكان معلولا وبلدتي الصرخة وجبعادين السنيتين القريبتين يتحدثون اللغة الآرامية وهى لغة المسيح. وقال عبد الرحمن، إن 18 من مقاتلى المعارضة قتلوا وأصيب أكثر من 100 خلال قتال السبت. ولم يستطع تأكيد عدد الضحايا في صفوف القوات الحكومية. والقيود التي تفرضها السلطات السورية على وسائل الإعلام المستقلة، تجعل من الصعب التحقق من هذه الروايات. وكان أغلب سكان معلولا فروا منها، عندما اندلع القتال يوم الأربعاء الماضي حول حاجز تحرسه القوات الحكومية. ودخلت قوات المعارضة البلدة في وقت لاحق من ذلك اليوم، لكنها انسحبت يوم الخميس. ونفت رئيسة دير مار تقلا تقارير تداولتها جماعات مؤيدة للحكومة، تفيد بأن المعارضة نهبت المواقع المسيحية المقدسة. وذكر المرصد السورى لحقوق الإنسان، أن جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة من بين قوات المعارضة التى سيطرت على البلدة يوم السبت. وحمل أعضاء بهذه الجماعة بياناً مصوراً على موقع يوتيوب أمس، ينفون فيه نيتهم احتلال معلولا. وفي التسجيل المصور يقول رجل يحيط به عشرة من مقاتلي المعارضة يلبسون أقنعة ويمسكون بأسلحة، إن المقاتلين استهدفوا السيطرة على حاجز قرب معلولا الأسبوع الماضى، وإنهم لم يدخلوا البلدة إلا للدفاع عنها ضد الهجمات الحكومية. وقال الرجل "سننسحب قريباً من البلدة ليسا خوفاً ولكن لترك منازلها لأصحابها. فهم ليسوا هدفنا. فهدفنا هو عسكرى بالأساس." وينتهي التسجيل المصور بمقابلة مع امرأتين مسنتين ترتديان زي الراهبات الأسود. وتقول إحداهما إن قوات المعارضة عاملتهما "بشكل جيد للغاية"، لكن غطى على باقى كلامها صوت القصف شبه المستمر فى الخلفية. وتخشى الطائفة المسيحية في سوريا من القوة المتصاعدة للجماعات الإسلامية داخل حركة التمرد، لكنها تظل على الحياد إلى حد بعيد منذ 2011، عندما بدأ المتظاهرون السلميون يحتجون ضد حكم أسرة الفاسد المستمر منذ أربعين عاماً. ويشكل المسيحيون قرابة عشرة فى المائة من سكان سوريا. وحملت نسبة صغيرة منهم حتى الآن السلاح فى الحرب الأهلية، التى تضع بصورة عامة الأقليات وخاصة الأقلية العلوية التى ينتمى إليها الأسد فى مواجهة الأغلبية السنية.