سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تونس تواصل العصيان.. المعارضة تنجح فى حشد الجماهير التونسية.. وعودة شعار "ارحل".. وعلى العريض يأمر بتطبيق القانون على المعتصمين ويصفهم بأنهم مثيرى شغب.. ومنظمات: قبول المبادرة يقتضى باستقالة الحكومة
«مرحلة تكسير العظام» هكذا تعيش تونس الآن، بين تشبث المعارضة التونسية بقيادة الاتحاد العام التونسى للشغل بمطالبها الثورية، وعلى رأسها إقالة حكومة على العريض وحل المجلس التأسيسى، ومراوغة النظام التونسى لكسب مزيد من الوقت، إلا أن اشتعال الشارع التونسى من جانب أخر تأييدا لمطالب المعارضة التونسية يمثل وسيلة ضغط على النظام لم يجد لها حل بعد، فبعد ارتفاع سقف أخطاء النظام التونسى خرج عن طوق احتمال المجتمع التونسى تحديدا بعد سقوط دماء أبناء المعارضة التونسية، لتعلن عن سياسة القوى الحاكمة ضد أى قوى أخرى قد تعكر صفوها، وقتها أعلن الشارع التونسى بدء العد التنازلى لانتهاء الحكم الإسلامى، ورفع شعار "ارحل". اليوم تأمل قيادات المعارضة بالنجاح فى الحشد الشعبى، كوسيلة ضغط سلمية خاصة بعد دخولها فى مواجهة صريحة مع السلطة فى تونس، حيث اتهمت النهضة بالمناورة لكسب الوقت، بعد دعوتها للحكومة قبول مبادرة الاتحاد العام للشغل، بحل المجلس التأسيسى، وحل الحكومة، وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى غير حزبية، ترأسها شخصية مستقلة ويلتزم أعضاؤها بعدم الترشيح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، إضافة إلى مراجعة مئات من التعيينات فى وظائف عليا، تقول المعارضة إنها تمت على أساس الولاء الحزبى لحركة النهضة التى رفضت هذه المطالب. من جانبه، لم يتراجع الشعب التونسى عن تلبية دعوة المعارضة التونسية، فلليوم الثانى على التوالى نزل الشعب التونسى، فى ميادين العاصمة التونسية، فى ساحة باردو وصفاقس وسوسة وباحة جربة بن عروس، ونابل، فضلا عن انطلاق مسيرة من سيدى بوزيد نحو العاصمة، لتعيد الجماهير هتافاتها الثورية الأولى «الشعب يريد إسقاط النظام، وارحل، أو الغنوشى قاتل». من جانبه، أعلن سمير الطيب أحد منظمى التظاهرة أن عدد المشاركين فى التظاهرة بلغ 60 ألف شخص، فيما أفاد مسئول فى الشرطة لوكالة فرانس برس، أن العدد هو حوالى عشرة آلاف متظاهر. ورغم قبول حكومة الترويكا للتفاوض مع المعارضة التونسية فى خطوة استباقية، إلا أن مستقبل المحادثات ما زال ضبابياً وغير واضح، فمن جهة تعلن حركة النهضة عن قبولها بمبادرة الاتحاد القاضية بحل الحكومة وتشكيل حكومة غير متحزبة ترأسها شخصية وطنية مستقلة، ومن جهة أخرى تصر على عدم استقالة الحكومة الحالية، ووفقا لبعض قيادات الحزب الحاكم فإن خيار إما أن تقبل حركة النهضة بالمبادرة حزمة واحدة أو أن ترفضها حزمة واحدة، يعتبر مستحيلا خاصة أن أهم مطلب لإطلاق الحوار الوطنى هو استقالة حكومة على العريض. فمن جانبه، قال عضو المكتب التنفيذى لحركة النهضة، عبد اللطيف المكى، والذى يشارك فى وفد التفاوض بين النهضة واتحاد الشغل أن الاستقالة من حيث المبدأ مقبولة بعد قبول مبادرة الاتحاد، أما من الناحية الإجرائية والقانونية والدستورية، فإن الاستقالة تقتضى إعلان رئيس الجمهورية تكوين حكومة جديدة وهو أمر غير ممكن -حسب تعبيره، على اعتبار أن الاتفاق على الشخصية الوطنية المستقلة التى ستتولى رئاسة الحكومة القادمة لم يتم حتى الآن، وأن هذا الأمر ممكن فى صورة إجراء حوار وطنى والتوصل إلى توافقات حول شخصية رئيس الحكومة القادمة. وفى تصريحات متناقضة، لا تؤدى إلى الوصول لحلول حقيقة للأزمة التونسية الآن، قال القيادى فى حركة النهضة، السيد الفرجانى إن الدولة تحاول الوصول لحل سياسى يجنب البلاد الفراغ السياسى ويحافظ على مؤسسات الدولة، ومع ذلك أكد أنه من غير المنطقى أن يطلب من النهضة التنازل عن الشروط فى حين ترفض المعارضة الجلوس للحوار إلا بعد حل الحكومة، وهى خطوة لا تساعد على إيجاد مناخ مناسب للتفاوض _ على حد تعبيره. إلا أن الحكومة التونسية لم تثبت حسن نواياها فى إجراء محادثات ديمقراطية متبادلة مع الجبهة المعارضة، ففى الوقت الذى تجلس جبهتا الدولة فى تونس الحاكمة والمعارضة للمفاوضات والتى أعقبها إعلان رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشى، بعد لقائه بالأمين العام للاتحاد العام التونسى للشغل، قبول حركته مبادرة الاتحاد منطلقاً لحل الأزمة فى البلاد، والقاضية بحل الحكومة الحالية وانطلاق الحوار الوطنى بين أحزاب السلطة والمعارضة مع الإبقاء على المجلس الوطنى التأسيسى.أعلن رئيس الحكومة المؤقتة على العريض، عن تطبيق القانون ضد كل التحركات والاحتجاجات التى قد توتر من الأمن العام والتى تعطل سير حركة المرور ومصالح المواطنين. وقال العريض فى تصريحات صحفية، إن الولاة لهم كامل الصلاحيات لفرض القانون ضد كل من يرفض احترام القانون وكل من يريد أن يتجاوزه. من جانب آخر، أجرى الرئيس التونسى محمد منصف المرزوقى منذ أيام قليلة، حركة تنقلات واسعة فى خط صفوف قيادات الجيش التونسى، شملت قيادة جيش الطيران والأمن العسكرى، فى خطوة وصفها البعض بمحاولة لامتصاص غضب الشارع التونسى الذى اشتعل من جديد، فى حين وصفها البعض الآخر أنها ليست إلا محاولة لاجتذاب أهل الثقة عن أهل الكفاءة فى الجيش، لضمان ولاء المؤسسات العسكرية لحكومة الترويكا حتى لا يتكرر السيناريو المصرى ويتم الإطاحة بمكتسبات الجماعة الإسلامية فى تونس، والتى ظلوا يبنون فيها على مدار عقود. وكان الاتحاد العام التونسى للشغل قد تقدم أواخر الشهر الماضى يوليو، بمبادرة لحل الأزمة فى البلاد تقضى بتشكيل حكومة جديدة تتكون من كفاءات وترأسها شخصية مستقلة مع الإبقاء على المجلس الوطنى التأسيسى مع إيجاد آلية لضبط عمله، إلى جانب تشكيل لجنة خبراء لمراجعة مسودة الدستور فى المجلس الوطنى التأسيسى ويتم تقديمه خلال15 يوماً للنقاش. حيث دعت المنظمات الأربع الراعية للحوار الوطنى فى تونس، « الاتحاد العام التونسى للشغل، والاتحاد التونسى للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وعمادة المحامين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، حركة النهضة الحاكمة إلى الإعلان الصريح عن استقالة الحكومة الحالية، كى تؤكد قبولها بمبادرة الحوار. وقالت المنظمات الأربع فى بيان مشترك، صدر الجمعة الماضية « القبول بالمبادرة يقتضى الإعلان الصريح عن استقالة الحكومة والإبقاء على المجلس الوطنى التأسيسى وتحديد مهامه وسقفه الزمنى والدخول فى التفاوض ضمن إطار محدد من حيث الزمن والإجراءات بما يضمن نجاحه وجديته». وأضافت فى بيانها «لقد وقفنا على حقائق الأزمة السياسية الخانقة التى تمر بها البلاد وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، والتى تنبئ فى حال الاستمرار بالأسوأ، ومع ذلك لم تقع إلى حد الآن مصارحة الشعب بالحقيقة كاملة، ونؤكد أننا أطلقنا المبادرة الوطنية انطلاقاً من شعورنا بالمسؤولية تجاه الوطن باعتبارنا طرفاً فيه ومكوناً أساسياً منه وليس من منطلق الوساطة بين الأطراف الأخرى».