لا شكّ أنّ مصدر تميّز هذه الموجة الثوريّة - 30 يونيو - ينبع فى الأساس من كونها موجة استقلال وطنى بالمقام الأوّل، تهدفُ للخروج من أطر التبعيّة والمذلّة التى وضعتنا فيها - غصباً - الأنظمة المتعاقبة التى قامت ضدّها الثورة وانتفض فى وجهها الوطن، والتى نعانى منها إلى الآن فى صورٍ متعدّدةٍ ليس أقصاها الزيارات المتكررة لسجناء الإخوان ومجرميهم داخل منطقة سجون طرة، والتصريحات الحمقاء التى يطلقها البعض من عيّنة «جون ماكين» الرجل المتأخون بحكم مصلحة حزبه، والتهديدات المتوارية بقطع معوناتٍ - نحن فى أمسّ الحاجة لقطعها - عن مصر من قِبل الأمريكان لكونهم الحلفاء «الأوفى» للإخوان إلى هذه اللحظة. من المستحيل بالنسبة للأمريكان أن يعوّضوا سلطة الإخوان بأىّ بديل، ولذلك يستميتون فى الدفاع عنها فى محاولةٍ منهم للحفاظ - للحظة الأخيرة - على ما أنفقوا لإيصالهم للحكم مقابل حماية مصالحهم السياسيّة والاقتصاديّة وأمن الكيان الصهيونى، ومن المستحيل كذلك على التنظيم الدولى للجماعة أن يتراجع الآن عن دعمه - حتى الموت - لإخوان مصر خشية تكرار السيناريو فى بلدان مجاورة كتونس وتركيا وغيرهم مِمّا يهدّدُ بانهيار التجربة التاريخيّة التى يقومون ببنائها منذ قرابة القرن. ربّما كان قبول الوساطات الغربيّة منذ اللحظة الأولى موقفاً خاطئاً من الدولة المصريّة، وتقدير السُلطة للموقف الدولى بشأن الأزمة الداخليّة كان أشدّ خطأ، فقد تعاملنا مع الأمر على أننا الطرف الأضعف الذى يحتاج للدعم والمساندة، غير مدركين أن الجميع - على رأسهم الأمريكان - مجبورون للانصياع لقرار الجماهير المصريّة التى خرجت فى الثلاثين من يونيو، وأننا كنّا مخطئين منذ اللحظة الأولى كذلك فى عدم التعامل معهم بذات الطريقة «حشر المناخير» إيماناً بأنّ الهجوم هو خير وسيلة للدفاع، كما أننا «تمايعنا» فى الرد بحسم على تدخّلاتهم السافرة وتصريحاتهم الفاجرة فيما لا يخصّهم ولا يعنيهم وهو ما فتح الباب لمزيد من السفور والفجور!! موقف الدولة فى التعامل مع هذه التدخلات يحتاج لمراجعةٍ حقيقيّة نقف فيها فى مربّع المنتصر لا «شحّات الدعم»، وأظنّ أنّه آن الأوان لاتّخاذ موقفٍ حاسمٍ وقاطعٍ وقانونى وإنسانى - فى ذات الوقت - فى التعامل مع بؤرتى الإجرام فى رابعة والنهضة باعتبارهما منبع الأزمة ومصدر الخطر.