سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التصريحات المتضاربة بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبى وأمريكا وفشل جهود الوساطة يسلط الضوء على ضغوط كبيرة على مصر.. والديمقراطيون يلتزمون بموقف إدارتهم وعراك بين الصقور الجمهوريون فى الكونجرس
فى الوقت الذى أعلنت فيه الرئاسة المصرية فشل جهود الوساطة الدولية التى بذلها مبعوثين أوروبيين وأمريكيين بل وخليجيين وانتهاء "المفاوضات الدبلوماسية"، بين الحكومة المؤقتة وتنظيم جماعة "الإخوان المسلمين" لحل الأزمة السياسية فى مصر، خرج الإتحاد الأوروبى ببيان مشترك مع وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى ليؤكد استمرار الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة التى اندلعت فى أعقاب عزل الرئيس محمد مرسى، الذى ينتمى لتنظيم الإخوان. البيان المشترك، الذى أصر على ضرورة اتخاذ الخطوات التى يمكن أن تساعد فى بدء حوار والانتقال إلى الأمام وأن كلا من الاتحاد الأوروبى وواشنطن على استعداد لتقديم ما فى وسعهم من مساعدة لحل الأزمة فى مصر، جاء ليلقى حالة من الارتباك على المشهد المصرى ويثير مزيد من الشكوك بشأن استمرار الضغوط الخارجية على الحكومة المصرية بينما لا يزال موقف الإخوان المسلمين متحجرا. اللغط الذى تشهده الساحة السياسة فى مصر داخليا وخارجيا إمتد ليشمل الموقف داخل الكونجرس الأمريكى الذى يشهد انقساما حادا بين الأعضاء الجمهوريين. فلم تفت ساعات على تعليقات السناتور الجمهورى جون ماكين خلال زيارته لمصر والتى وصف فيها ثورة 30 يونيو بالانقلاب، معتبرا أن قيادات جماعة الإخوان المسلمين المسجونين على ذمة قضايا جنائية، "سجناء سياسيين" حتى أصدرت النائبة الجمهورية ميشيل باخمان بيانا رسميا تدين فيه دعوة ماكين ورفيقه خلال زيارته لمصر السيناتور ليندساى جراهام، بإطلاق سراح أعضاء جماعة الإخوان المسلمين. وقالت باخمان فى بيان أصدرته عقب تصريحات عضوا مجلس الشيوخ فى مصر، إن ما حدث فى مصر لم يكن انقلاب، وإنما استعادة لثورة 2011. فلقد هدد الرئيس المعزول باستخدام العنف ضد شعبه للبقاء فى السلطة، لذا قام الجيش بما رآه ضرورة للدفاع عن حرية الشعب المصرى. وأضافت: "خلال زيارتهم لمصر، أعرب أعضاء مجلس الشيوخ ماكين وجراهام عن دعمهم لقادة الإخوان المسلمين وطالبوا بالإفراج عنهم من السجن ومشاركتهم فى المحادثات. هذا بينما لا يزال مرسى وأولئك الإخوان على وجه الخصوص هم من يروجون للعنف وثقافة الخوف". وتابعت عضو اللجنة الدائمة للاستخبارات بمجلس النواب الأمريكى، قائلة: "لدى ثقة كاملة أن زملائى فى مجلس الشيوخ مهتمون بدعم المؤسسات الديمقراطية فى مصر، والذى ينبغى أن تكون سببا لرفض دعم نظام الإخوان المسلمين. إذ يجب عليهم دعم القادة الحقيقيين للربيع العربى". وأكدت أن المدافعين الحقيقيين عن الديمقراطية فى مصر هم عشرات الملايين الذين تظاهروا فى الشوارع فى 30 يونيو. مضيفة ان هذه الملايين بعثت برسالة واضحة للعالم مفادها أنهم لا يريدون لمصر أن تتحول لدولة دينية يسيطر عليها تنظيم إرهابى- إنهم لا يريدون الإخوان فى السلطة. وخلصت باخمان بالقول أنه من غير المجدى لممثلى الشعب أن يتجاهلوا التطلعات المؤيدة للديمقراطية للأغلبية الشعبية فى مصر التى انتفضت ضد نظام إسلامى متطرف. وختمت: "نحن بحاجة للاحتشاد خلف الرافضين لحركة الجهاد الإسلامى، وليس للدفع فى سبيل إطلاق سراح القتلة من السجون المصرية". وفيما يخوض صقور الحزب الجمهورى عراك داخلى حيال الموقف من مصر، فيبدو أن الديمقراطيين يلتزمون بموقف إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، الذى ينتمى للحزب الديمقراطى. وعقب رفض الكونجرس اقتراح للسناتور الجمهورى راند بول يقضى بإنهاء المساعدات العسكرية لمصر، أشارت وكالة الأسوشيتدبرس إلى أن موقف الأعضاء الديمقراطيون فى الكونجرس الذين صوتوا بالإجماع ضد اقتراح بول، يدعمون بشكل كبير موقف الإدارة الأمريكية من رفض وصف عزل مرسى بالانقلاب ورفض تعليق المساعدات العسكرية التى تنطوى على برامج لتأمين حدود إسرائيل ومكافحة تهريب الأسلحة لقطاع غزة. وبينما صوت مجلس الشيوخ برفض التعديل بأغلبية ساحقة حيث صوت 86 عضوا بالرفض بينما وافق 13 عضوا فقط. قالت الوكالة أن التصويت كشف النقاب عن انقسام صارخ بين الجمهوريين فى الكونجرس، وتأليب التحرريين مثل بول ضد الصقور. لكن تغير موقف ماكين وجراهام نفسه يثير علامة استفهام كبيرة، فبينما التزم عضو الكونجرس، الذين يعتبروا من الصقور الجمهوريين، بموقف الإدارة الأمريكية تجاه عزل مرسى والدفاع عن استمرار المساعدات العسكرية السنوية لمصر، فإنهم انقلبوا إلى النقيض بعد زيارتهم هذا الأسبوع التى تسبب فى إثارة غضب واسع بين الحكومة المصرية. ورغم أن زيارة ماكين وجراهام جاءت بناء على توجيه من الرئيس أوباما فإن الخارجية الأمريكية سارعت على لسان المتحدثة باسمها جين باسكى، لتنأى بنفسها عن تعليقات عضوى الكونجرس، مؤكدة على أن ويليام بيرنز نائب وزير الخارجية، هو من يمثل الحكومة الأمريكية فى مصر. وتأتى هذه التطورات لتسلط الضوء على ارتباك الموقف الأمريكى حيال مصر، وكأن الربيع العربى جاء ليكشف المتناقضات ليس داخل إدارة الرئيس باراك أوباما فقط وإنما داخل الكونجرس ويبرز خلل ما فى السياسات الأمريكية داخل الشرق الأوسط.