مع اقتراب الحلقة الأخيرة من برنامج "ارب ايدل" الغنائى مساء اليوم السبت، تسود حالة من النشوة والفرح بين مختلف أنماط الفلسطينيين، لم تشهدها شوارع الأراضى الفلسطينية ربما منذ إعلان فوز فلسطين بوضعية دولة مراقب غير عضو بالأمم المتحدة، ولكن هذه المرة لا يتعلق الأمر بالجانب السياسى لنضال الشعب الفلسطينى، بل الجانب المعنوى والنفسى والإنسانى الذى حول الفنان الفلسطينى محمد عساف نجم برنامج المسابقات الغنائية "ارب ايدل"، لرمز للأمل الذى لا يزال يراود الكثير من الفلسطينيين فى العيش بكرامة ونيل حقوقهم المشروعة، وإسماع صوتهم للعالم أجمع. وعلى الرغم من احتدام المنافسة بين الفنان الفلسطينى ونظيره المصرى أحمد جمال للفوز بلقب أرب ايدل، إلا أن عساف، وهو من أبناء المخيمات الفلسطينية بخان يونس فى قطاع غزة، حاز على أجواء اهتمام شعبى ورسمى غير مسبوقة على الساحة الفلسطينية لدرجة قيام بعض القنوات الأجنبية بعمل تقارير خاصة عن هذا الموضوع، ومن بينها شبكة "السى إن إن" الإخبارية التى قالت إن العرب يخرجون من أجواء الهموم التى سببتها الحرب المستعرة فى الشرق الأوسط، بمتابعة هذين النجمين ويرون فيهما نموذجا وأملا لم يستطع السياسيون تحقيقه. ومن المثير للدهشة أن المتسابقين الثلاثة المصرى أحمد جمال، والفلسطينى محمد عساف والسورية فرح ينتمون إلى دول تعيش حاليا أوضاعا مشتعلة، إلا أن جماهيرهم تهتم بشغف بمتابعتهم بشكل غير عادى، حيث اعتادوا فى حلقات البرنامج على أداء أغانى وطنية عن وحدة العالم العربى التى فقد الكثيرون الأمل فيها. ولا يبدو الأمر بالنسبة للكثير من الفلسطينيين على أن حبهم وولعهم بعساف مجرد شغف بالغناء كنوع من الفنون العربية القديمة، أو بهذه النوعية من المسابقات تحديدا، التى شهدت انتشارا واسعا فى الأوقات الأخيرة فى محاكاة لنفس النوعية من المسابقات التى تجرى فى أمريكا وأوروبا. فهذا الاهتمام الجارف والشديد يأخذ أبعادا لافتة للانتباه بدرجة كبيرة، وهو لم يقتصر فقط على المستوى الشعبى، بل امتد لتصل إلى المستوى الرسمى، حيث قامت وزارة الإعلام الفلسطينية بإطلاق حملة وطنية لدعم الفنان عساف وخصصت مسئولين لهذه الحملة فى داخل وخارج فلسطين للتصويت لفوز عساف، وخاصة فى المرحلة الأخيرة للبرنامج، هذا بالإضافة إلى فقرات الدعاية المفتوحة على الهواء مباشرة فى الإذاعة والتليفزيون الفلسطينى. ولا يكاد يخلو شارع من شوارع الضفة الغربية وقطاع غزة من صور دعايا هائلة لهذا الفنان الفلسطينى، الذى اعتبره البعض أنه ظاهرة فلسطينية غير مسبوقة، ووصفته بعض وسائل الإعلام الفلسطينية بأنه يخط صفحة هامة فى تاريخ فلسطين لأنه يوصل صوت فلسطين المقهورة تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلى للعالم أجمع. وتضمنت أشكال الدعاية أيضا دعوات للجلوس فى ساحات مفتوحة حيث شاشات العرض الكبيرة التى يحتشد حولها الجميع وتوزع فيه الشركات المختلفة مشروبات، أو حلوى لمن يرغب بدون أى تكلفة فى احتشاد ضخم خصصت له أماكن معلنة إلى درجة تشعرك بوجود حظر تجول فى شوارع المدن الرئيسية بالضفة فى أوقات عرض البرنامج، بالإضافة إلى أعلام بيضاء عليها صورة النجم الفلسطينى ترفرف على السيارات التى يسمع فيها عادة أغنية "على الكوفية" أول الأغانى التى اشتهر بها عساف فى بداياته عندما بدأ فى غزة.