أثرياء الأزمة أو المستفيدون من الوباء على حساب البسطاء والغلابة، استغلوا الخوف من أنفلونزا الخنازير فى إرهاب وتخويف المواطنين، بداية من شراء 2.5 مليون عبوة من عقار التاميفلو من شركة "رشو" الألمانية بسعر يصل إلى 400 مليون جنيه وارتفاع سعر الكمامة أو الماسك من 17 قرشاً إلى 7 جنيهات أو ما يزيد، والإفراط فى استعمال المطهرات بصورة مبالغ فيها.. كل هذه العوامل أدت إلى تضخيم الأزمة وأصابع الاتهام تشير إلى تورط وزارة الصحة وشركات الأدوية والمستلزمات الطبية والصيدليات المتهم الرئيسى، وبعض الوسطاء والعملاء المستفيدين من بيع كل هذه الأدوات وترويجها فى تلك الآونة بالتحديد. اليوم السابع رصد الظاهرة عن قرب من خلال مسئولين بالصحة وأستاذة علم الاجتماع وخبراء فى الاقتصاد، فضلاً عن رأى أكبر الصيدليات فى مصر. الوسطاء لا يمتنعون اتهم الدكتور عبد المنعم قمر نائب رئيس شعبة الصناعات الطبية باتحاد الصناعات وعضو مجلس إدارة شعبة المستلزمات الطبية فى الغرفة التجارية، أصحاب الصيدليات وشركات الأدوية والوسطاء بينهم بأنهم أثرياء مرض يتربحون من خلال استغلال الأزمات فى السيطرة والتحكم فى سعر الأدوية والمطهرات "والمسكات" الكمامات، حيث يقوم أصحاب الصيدليات بالبيع بأسعار مختلفة على حسب المنطقة، فثمن الكمامة فى المهندسين مختلف عن المعادى وعن وسط البلد، متهماً غياب الرقابة من وزارة الصحة فى التسبب الكامل لأصحاب الصيدليات الذين يبيعون حسب أهوائهم. أضاف نائب رئيس شعبة الصناعات الطبية فى اتصال هاتفى من دولة الإمارات العربية، أن جهاز حماية المستهلك غائب تماماً وغير فعال، وكذلك جهاز المنافسة ومنع الاحتكار، وهما يساعدان على ذبح المواطن البسيط من خلال تراخيهما فى العمل وغياب الدور الرقابى من جميع الأجهزة المعنية فى مصر، كما اتهم وزير الصحة والحكومة فى تضخيم أزمة المرض، حيث قال إننا منذ ثلاثة أشهر فى دول آسيا ولم أجد الفزع والرعب الموجودين فى مصر رغم إن بعض الدول هناك موبوءة أكثر منا. أصحاب الصيدليات من أهم المستفيدون؟ بالطبع أصحاب الصيدليات، وخصوصاً الصيدليات المعروفة، فقد أكد الدكتور محمود سلمون نائب مدير إحدى سلاسل الصيدليات الشهيرة بالقاهرة، أن هناك طفرة كبيرة فى نسبة المبيعات التى وصلت إلى 600% و400% فى بيع الكمامات والمطهرات فى الآونة الأخيرة، معرباً أن تلك الزيادة لم تشهدها الصيدلية من قبل حتى مع الإعلان عن أنفلونزا الطيور لم تكن بتك الصورة المطلوبة، وأهمها مطهر "ديتول" الذى تتراوح أسعاره من 6 إلى 29 جنيهاً والكمامات العادية التى يصل سعرها إلى 2 جنيه، وأوضح أن الصيدلية تقوم بتوزيع منشورات ومطبوعات خاصة على زبائنها لكيفية الوقاية والحماية من المرض فى كل الأوقات حرصاً منها على توعية الجميع. أضاف سلمون، أن زيادة المبيعات تؤثر علينا فى بعض الأوقات، حيث من الممكن أن تنفذ الكميات من المطهرات وغيرها المتعلقة بأنفلونزا الخنازير لمدة 4 أو 5 أيام، وأنا أتوقع أن يزيد الطلب عليها فى الأيام القادمة بصورة أكثر مع ارتفاع حالات الإصابة وظهور حالات أخرى. أثرياء المرض ومن جانبها تقول الدكتورة عفاف إبراهيم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، إن أثرياء المرض الذين يستغلون أزمة مرض أنفلونزا الخنازير ليتربحوا ينظر إليهم المجتمع على أنهم "عصابات إجرامية" يتاجرون فى أرواح طبقات كثيرة من المجتمع ويلجأون إلى حيل غريبة للتحايل على الفقراء ونهب أموالهم من خلال استخدام كافة الطرق الشرعية وغير الشرعية لإرهاب الناس وتخويفهم من المرض. وأضافت، أن مشكلة الشعب المصرى منذ قديم الأزل عدم الاهتمام بالنظافة بشكل عام، حيث إن أغلب أفراد المجتمع ينظرون إلى الشخص الذى يهتم بالنظافة بصورة عادية أو مبالغ فيها على أنه "مجنون وغير طبيعى"، وعلى غير العادة، فأنهم ينظرون إليه نظرة احتقار ولا بد من وجود سلوك حضارى مدعم من هيئات الدولة المختلفة والأسرة المصرية، حيث إنه يلزم سنوات عديدة لتغيير مفهوم النظافة لدى الجميع، الذى قد يتطلب سنوات طويلة من عمر الإنسان المصرى. توعية بالمرض الدكتورة سوسن الفايد خبير أول علم النفس الاجتماعى، طالبت بوجود توعية كاملة بالمرض وأبعاده، ويكون استخدم المطهرات والأدوية والوقائية وفقاً للحاجة وعدم الإفراط فى استخدمها ولا بد من التوعية من خلال المصادر الموثوق منها من خلال وزارة الصحة، وأضافت، الغش التجارى يكون هو السبب الرئيسى والأساسى فى إعلاء الأسعار عند بعض الشركات بأن تقوم بتقليل نسبة تركيز الأدوية أو صرف بدائل أقل فى الإفادة مما يضر بصحة المواطنين، وأن المادة والجشع ومحاولة الثراء السريع على عاتق البسطاء هى الأسباب الحقيقة فى محاولات الغش التى لم ولن تنتهى طالما أن الدنيا مليئة بأمثال هؤلاء. وأكدت الفايد، أن البعد الإنسانى والضمير هو المتحكم الأول فى مثل تلك الأزمات والظروف الصعبة، حيث هناك أشخاص يحكمهم الفساد الأخلاقى، وهم يعيشون بلا ضمير ويستغلون أزمة المرض فى تكوين الثروات الطائلة من دم الغلابة والفقراء ولابد أن يتقوا الله ويضعون فى حساباتهم أنه من الممكن أن يتطور المرض ويتحور ليطول الجميع، وهم سيكونون من ضمن الضحايا بالطبع. انكماش اقتصادى الدكتور إبراهيم المنزلاوى أستاذ علم الاقتصاد، أكد أنه من المتوقع حدوث انكماش فى الاقتصاد المصرى بسبب حالات أنفلونزا الخنازير، خاصة فى مجال السياحة الخاسر الأول من المرض، وكذلك قد يتأثر موسم الحج والعمرة فى هذا العام بالتحديد فى السعودية وأتوقع إلغاء الفريضة إذا ما استمر ظهور حالات جديدة من المرض فى البلدان العربية والإسلامية. وأضاف المنزلاوى، أتوقع أيضاً أن الانكماش سوف يطول جميع المواطنين ويضطروا إلى الحد من الحركة حتى تبدو المطاعم والأماكن العامة خالية تماماً، كما هو الحال بالنسبة للمكسيك. وعلى الجانب الآخر، فإنه سيحدث انتعاشة اقتصادية فى بيع العقاقير والمطهرات وجميع المستلزمات الطبية، مما يساعد على ارتفاع القوة الشرائية، نظراً لحاجة المواطنين إليها.