الطمأنينة والأمان من أهم سمات الشخصية السعيدة، فكيف نصل إلى هذا الحال ونحن نصطدم فى حياتنا بكثير من التساؤلات المحيرة والمثيرة للقلق فى شتى مجالات الحياة؟ هل هذا التساؤل "ماذا لو؟" هو سبب كثير من حالات التخبط؟ أم هو الطريق السليم لوضع سيناريوهات وبدائل متعددة للأسوأ والأفضل وبالتالى ترك مساحة للاستعداد للأسوأ وتوقع الأفضل؟ وهو الشكل المصغر لإدارة المخاطر وهو حساب العائد المتوقع وأيضا المخاطرة المتوقعة ثم اتخاذ القرار بقبول التجربة أم رفضها، على أساس تقبل حدود المخاطرة المتوقعة وخوض التجربة لأن العائد أكبر من المخاطرة. فهل من الأفضل تتبع هذا التساؤل حتى الإجابة عنه واستيفاء جميع أركانه؟ أم نضعه جانبا ونحيا اللحظة ونفاجأ فى آخر المطاف بالمخاطرة تقابلنا فى الأفق؟ فمن أراد السلامة من حادثة حتمية فى منتصف الطريق مع المخاطر يجب عليه حساب نسبة العائد إلى المخاطرة، حيث يجب ألا تقل عن ثلاثة إلى واحد. دعنا نأخذ مثلا بسيطا فى شراء أربع ثمرات من الفاكهة فى عبوة واحدة وعليها تخفيض والواضح من العبوة ثلاث ثمرات، أما الرابعة فتخفى علينا تفاصيلها فهنا نأخذ القرار بالإيجاب وشراء العبوة، فالعائد هنا ثلاث ثمرات بتخفيض والمخاطرة فى ثمرة واحدة بنفس التخفيض.. وبالقياس على هذا المثال يجب علينا قبل أن نخوض أى تجربة جديدة أن نضع أولا السيناريو الأفضل ثم السيناريو الأسوأ ونتخذ القرار من خلال تقبلنا لمدى مخاطرتنا وخسارتنا فى الأسوأ وقدرتنا على الاستعداد لمواجهته، ولكن أولا يجب أن نصارح أنفسنا بصدق ونفرق بين رغبتنا فى التجربة وبين قدرتنا على خوضها. فكثير منا يخلط بين الرغبة فى تحقيق الهدف والقدرة على تحقيقه ويُجنب الظروف التى تتحكم وتحيط بتنفيذ ما يرغب، فتبدو الأمور فى جانب المكسب والخسارة قابلة للتنفيذ، ولكن عند مواجهة الواقع نجد أن الرغبة تختلف عن القدرة وأن الظروف هى التى تتحكم فى الحالتين مع مرور الوقت. ومن المواقف المتكررة بمثل هذا المعنى عند الرغبة فى تغيير العمل والانتقال إلى عمل آخر، نجد أن الرغبة هنا متواجدة، ولكن التساؤل عن القدرة، ويأتى التساؤل بماذا لو؟ ماذا لو تركنا العمل الحالى هل سنجد فرصة موازية فى عمل آخر وبنفس المواصفات أم أقل أم أفضل؟ ماذا لو تركت هذا العمل ولم أجد بديلا مناسبا كيف سأواجه الأعباء المادية؟ ماذا لو وجدت عملا مناسبا وواجهتنى نفس الظروف التى جعلتنى أرغب فى ترك العمل الأول؟ دعنا نستخلص أنه بدون ماذا لو؟ كان القرار من البداية يسيطر عليه الرغبة دون النظر فى عمق القدرة والظروف وبالتالى نأخذ قرارا غير عقلانى نابعا من العاطفة أو دعنا نقول إن الرغبة تغمض أعيننا وتغيب عقلنا عن التفكر فى جانب القدرة وجانب الظروف. وبالقياس على هذا المثال نحن نقابل فى حياتنا كثيرا من مفترق الطرق التى تحتاج إلى اتخاذ قرار إما يمينا أو يسارا وهنا يجب أن نستدعى التساؤل "ماذا لو؟" حتى نحسن الاختيار ولا نترك الرغبة هى التى تتحكم فى حياتنا "فليس كل ما يتمناه المرء يدركه"، ولكن على المرء أن يدرك جيدا إمكانية تحقيق ما يتمنى حتى لا يحيا السراب ولا يخوض تجارب محكوما عليها بالفشل من البداية. والجدير بالذكر أنه كما أننا من نتحكم فى الرغبة فإن القدرة قابلة أيضا للتحكم عن طريق تنميتها وتطويرها والتغلب على الصعوبات التى تعوقها، وبالمثل الظروف المحيطة لا يوجد هدف مستحيل ولكن يوجد شخص يستحيل عليه الوصول لهذا الهدف، فالوصول إلى القمر فى يوم من الأيام كان يستحيل على أشخاص بعينهم فى وقت بعينه أما الآن فأصبح ممكنا، ولكن كل ما علينا هو استدعاء كل البدائل المطروحة بماذا لو؟ والإجابة عنها بشفافية ثم البدء فى السير نحو الهدف بخطى واثقة مستمدة من ثقتنا فى المولى عز وجل وما التوفيق إلا بالله.. فاحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز..