اسم (مصر) هو اسم حفيد نوح عليه السلام.. ويسند هذا إلى أن عبد الله بن عباس قال: دعا نوح عليه السلام ربه، لولده وولد ولده: مصر ابن حام ابن نوح.. فقال داعيا الله: اللهم بارك فيه وفى ذريته وأسكنه الأرض المباركة التى هى أمن البلاد، وغوث العباد، ونهرها أفضل أنهار الدنيا، وأجعل فيها أفضل البركات، وسخر له ولولده الأرض، وذللها لهم، وقوهم عليها . وقد فضل الله مصر، وشهد لها فى كتابه، وذكرها باسمها، وخصها دون غيرها، وكرر ذكرها، وأبان فضلها فى آيات من القرآن العظيم . (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة). وما ذكره الله عز وجل حكاية عن قول يوسف (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) . وقال عز وجل ( اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم). وقال تعالى: (وجعلنا ابن مريم وأمه آية، وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) . وهذه (الربوة) فى قول بعض المفسرين والعلماء، هى قرية (البهنسا) وقبط مصر – مجمعون على أن المسيح عيسى ابن مريم وأمه عليهما السلام كانا بالبهنسا وانتقلا عنها إلى القدس . وهناك ثلاثون آية أخرى فى القرآن الكريم تذكر مصر أو تتحدث عنها وقال تعالى حين وصف (مصر) وما كان فيه آل فرعون من النعمة والملك بما لم يصف به مشرقا ولا مغربا، ولا سهلا ولا جبلا، ولا برا ولا بحرا، فجاء فى الذكر الحكيم: (كم تركوا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، ونعمة كانوا فيها فاكهين) . فهل نعلم أن بلدا من البلدان فى جميع أقطار الأرض أثنى عليه الكتاب بمثل هذا الثناء، أو وصفه بمثل هذا الوصف، أو شهد له بالكرم غير مصر؟ . ونقتبس حديثا رواه عمر بن الخطاب وقد فتح المسلمون مصر فى عهده : ( إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض) . وكان أبو بكر حاضرا فقال: ولم ذلك يارسول الله؟ فقال : ( لأنهم فى رباط إلى يوم القيامة ) . ويوصى النبى صلى الله عليه وسلم المسلمين الفاتحين خيرا بأهل مصر . فقد روى أبو ذر الغفارى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال : ( ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما). أما الرحم، فإن هاجر زوج إبراهيم، وأم إسماعيل أبى العرب مصرية من قرية كان يقال لها أم العرب وهى قرية فى شمال مصر على بعد ثلاثة كيلومترات من الساحل الشمالى وتعرف اليوم آثارها ( بتل الفرما ) .. ألا يحسن أن تسمى باسمها القديم : أم العرب؟ أما الذمة، فلأن النبى صلى الله عليه وسلم تزوج من القبط السيدة ( مريم ) . وهى أم ابراهيم الابن الوحيد للرسول الكريم . وكانت مريم من قرية بقية منها أطلال تقع بمركز ملوى، بمحافظة المنيا . فالعرب، والمسلمون كافة . لهم صلة ونسب بمصر من جهة هاجر أم إسماعيل، ومن جهة مريم زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم . ووزراء مصر أيضا ذكرهم الله عز وجل فى القرآن الكريم وأثنى عليهم.. لأنهم كانوا ينصحون فرعون، على عكس وزراء ( نمرود ) الذين كانوا يحرضونه على البغى والقتل . فضل الله مصر على سائر البلدان، كما فضل بعض الناس على بعض .