من غير المرجح أن يتم التوصل لحل دائم لنزع العراق مع إقليمه كردستان حتى إذا أفضت المحادثات الأخيرة بين الجانبين إلى استئناف الصادرات النفطية من الإقليم شبه المستقل. وجرت العادة على نقل الخام الكردى إلى الأسواق العالمية عن طريق خط أنابيب تسيطر عليه بغداد لكن الصادرات عبر هذه الوسيلة توقفت فى ديسمبر الماضى بسبب خلاف بشأن المدفوعات للشركات النفطية التى تعمل فى الإقليم الشمالى. واشتد الخلاف فى مارس عندما أقر البرلمان العراقى ميزانية البلاد لعام 2013، على الرغم من مقاطعة النواب الأكراد الذين انسحبوا احتجاجاً على المقدار المخصص لهم من الميزانية. وعاد النواب الأكراد إلى بغداد الاثنين، فى إطار اتفاق يشمل تعديل الميزانية وتشكيل لجنة لدراسة قانون النفط والغاز الذى لا يزال معلقاً فى البرلمان منذ سنوات بسبب غياب التوافق فى الرأى بشأنه. وقال النائب الكردى محمود عثمان لرويترز: "لقد كانت زيارة لكسر الجليد ولبدء مرحلة جديدة من المحادثات الجادة"،وتابع: "لم يتم التوصل بعد لاتفاق نهائى لاستئناف صادرات النفط من إقليم كردستان، لكن بوسعى أن أؤكد أن كلا الجانبين يقتربان جداً من حل المشكلة فى القريب العاجل". وفى السنوات الأخيرة أغضب الأكراد الحكومة المركزية التى يقودها الشيعة بتوقيع اتفاقيات وفقاً لشروطهم الخاصة مع شركات النفط الدولية، ومن بينها اكسون موبيل وتوتال وشيفرون كورب. وتقول بغداد إنها وحدها لها الحق فى السيطرة على استكشاف وتصدير رابع أكبر الاحتياطيات النفطية فى العالم بينما يصر الأكراد على أن حقهم فى فعل ذلك منصوص عليه فى الدستور الاتحادى للعراق، الذى وضع فى أعقاب الغزو الذى قادته الولاياتالمتحدة للعراق عام 2003، ولم تسفر الجهود السابقة لحل الخلافات بين الجانبين عن شىء. وقال مصدر بصناعة النفط مقيم فى كردستان: "أبرمنا اتفاقاً بعد اتفاق ولا تحرك بشأن التنفيذ، لذلك فحتى إذا وقعنا اتفاقاً فعلينا أن نكون متشككين استناداً إلى التاريخ فى أنه سينفذ". وحتى إذا جرى التوصل لتسوية فإن كردستان تتبع بالفعل سياسة نفطية تزداد استقلالاً وتبنى المرحلة الأخيرة من خط أنابيب خاص بها للتصدير فى تحد لبغداد والولاياتالمتحدة التى تخشى فى أن تعجل بتفكك العراق. وفى مؤتمر صحفى فى أربيل عقب اللقاءات قال رئيس الوزراء الكردى نيجير فان برزانى، إنه لا يتوقع دفن الخلافات مع بغداد "بين عشية وضحاها" وأن الأكراد لديهم بدائل إذا لم تكلل المفاوضات بالنجاح. وأضاف "آمل أن نتمكن من حلها مع بغداد وهذا ما نفضله، لكننا لن نقف مكتوفى الأيدى ولدينا خيارات أخرى". وقالت مصادر بوزارة النفط العراقية، أن وفداً فنياً من حكومة إقليم كردستان بينهم مسئولون فى الشئون المالية وشئون الطاقة سيلتقون بنظرائهم فى بغداد هذا الأسبوع. وقال مسئول بالحكومة العراقية شريطة عدم الكشف عن هويته: "المدفوعات النفطية للإقليم الكردى سيكون لها الأولوية فى المحادثات قبل التوصل لاتفاق لاستئناف الصادرات،هذه هى الرسالة التى تلقيناها من المسئولين الأكراد". ومن المتوقع أن يقوم رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى أيضا بزيارة إلى كردستان الذى كانت آخر زيارة له للإقليم فى 2010، مما أدى إلى "اتفاق أربيل"، الذى مهد الطريق له لتشكيل حكومة اقتسام للسلطة بعد أشهر من الخلاف. وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق لم يصمد شأنه شأن اتفاقات أخرى يقول الساسة والمحللون، إن الظروف ربما تكون مواتية فى الوقت الحالى للتقارب بين بغداد وأربيل ولو على الأمد القصير على الأقل وربما حتى الانتخابات البرلمانية العام المقبل. وفى ظل مواجهتها انتفاضة من الأقلية السنية فى العراقية فقد تكون حكومة المالكى التى يقودها الشيعة أكثر استعداداً لتقديم تنازلات للأكراد لتقوية موقفها. وقال مصدر بحكومة كردستان "شيعة العراق لا يمكن أن يقاتلوا على جبهتين فى وقت واحد (السنة والأكراد) ومن مصلحتهم نزع فتيل أحدهما حتى ولو مؤقتا". وقالت مصادر سياسية إن إيران الشيعية شجعت على الحوار فى الفترة الأخيرة لتعزيز موقف المالكى فى مواجهة آثار الصراع فى سوريا، حيث يخوض مقاتلو المعارضة وأغلبهم من السنة للإطاحة بزعيم مدعوم من إيران. وأعرب وثيق الهاشمى رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية ومقرها بغداد عن شكوكه فى إمكانية التغلب على "تاريخ الشك" بين بغداد وأربيل، وقال إن الاتفاق سينهار بالتأكيد إذا شعر المالكى بأنه أقل ضعفاً.