أزمة كورونا تلقي بظلالها على "اليوم الموعود" في باريس

جماهير ترقص، ألعاب نارية ذات ألوان متعددة ، وقنابل مسيلة للدموع، مساء الثلاثاء الماضي في باريس إذا لم تكن شرطة مكافحة الشعب ترتدي أقنعة وجه كان سيصبح هناك اعتقاد بأن أزمة فيروس كورونا قد ولت.
جماهير باريس سان جيرمان خرجت إلى شوارع الشانزليزيه للاحتفال بفوز فريقها على لايبزج الألماني في المربع الذهبي وبلوغ نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم للمرة الأولى في التاريخ ، وأخذوا يرددون "وصلنا إلى النهائي" ورقصوا في دوائر واحتضنوا بعضهم البعض.
وجرت العادة على الاحتفال في المكان الأكثر شهرة في العاصمة الفرنسية باريس، لكن هذه المرة جاءت مختلفة حيث قال وزير الداخلية جيرالد درامانين أنه تم اعتقال 36 شخصا بعد أعمال شغب ونهب متجرين.
لكن مع نحي الفوضى جانبا ، فقد يتغاضى البعض عن تصرفات الجماهير التي أرادت الاحتفال بتذكرة الصعود إلى نهائي البطولة القارية غدا الأحد في لشبونة في مواجهة العملاق الألماني بايرن ميونخ.
العاصمة الفرنسية نالت منها جائحة كورونا بقوة، حيث كلفتها حوالي 30 الف حالة وفاة وأدت إلى فرض حالة الإغلاق الكامل ل55 يوما.
وبالنسبة لباريس سان جيرمان فإن بطولة دوري أبطال أوروبا كانت مصدر إحباط مستمر.
وبعد حصول سان جيرمان على دعم مالي قطري بداية من 2011 بات قوة مهيمنة في فرنسا، لكنه لم ينجح أبدا في الصعود لمنصة التتويج في دوري أبطال أوروبا، وهي البطولة التي حصدها مواطنه مرسيليا في عام 1993 ليصبح النادي الفرنسي الوحيد الذي نال هذا الشرف.
وأبرم سان جيرمان أغلى صفقة في تاريخ كرة القدم بتعاقده مع البرازيلي نيمار من برشلونة الإسباني في 2017 مقابل 222 مليون يورو (261 مليون دولار)، في خطوة اعتبرها الكثيرون أنها تستهدف في المقام الأول تحقيق المجد الأوروبي.
لكن في العامين التاليين للتعاقد مع نيمار أخفق سان جيرمان في الوصول حتى إلى دور الثمانية من البطولة الأوروبية حيث ودعها من دور الستة عشر في 2018 على يد ريال مدريد الإسباني وفي العام التالي خرج من الدور ذاته لكن هذه المرة على يد مانشستر يونايتد الإنجليزي.
لكن في الاسبوع الحالي فحتى أحد مشجعي مرسيليا أعرب عن مساندته لسان جيرمان بعد بلوغه النهائي الأوروبي، في الوقت الذي قال فيه إيمانويل ماكرون رئيس فرنسا "الجميع يساند باريس سان جيرمان".
تغريدة ماكرون جاءت في اليوم التالي لخروج أولمبيك ليون من المربع الذهبي للبطولة الأوروبية على يد بايرن ميونخ، حيث عقب بالقول بعد ضياع فرصة وجود أول نهائي فرنسي خالص في دوري الأبطال "هناك نجم في نهاية المغامرة".
لم يتحل جميع مشجعي مرسيليا بروح التسامح، وهو ما ظهر جليا من خلال الرسالة التي وجهها قائد باخرة سياحية في مرسيليا يوم الثلاثاء الماضي حيث قال في نهاية كلمته للركاب ، "قبل كل شيء لا ترتدوا قميص باريس سان جيرمان".
ويبدو أن هذه النصيحة لاقت صداها، ففي مساء الثلاثاء الماضي فوجئ الرواد في الميناء التاريخي لمرسيليا، والذي أصبح الآن من أبرز أماكن السهر في فرنسا، بمجموعة من الناس تندفع من جانب واحد للميناء، وبعد فترة وجيزة بدأت تظهر شرطة مكافحة الشغب.
وبحسب الشرطة في مرسيليا قام أحد المشجعين بمطاردة شخصين أحدهما كان يرتدي قميص باريس سان جيرمان.
وقال إيمانويل باربي رئيس شرطة مرسيليا "كاد الأمر أن ينتهي بشكل سيء".
وتعرض باربي لانتقادات لاذعة بسبب المرسوم اللاحق الذي حظر على الجميع ارتداء ألوان باريس سان جيرمان من الثالثة عصرا وحتى الثالثة صباحا في يوم المباراة النهائية لدوري الأبطال.
وفي وقت لاحق سحب باربي مرسومه، لكنه ناشد جماهير باريس سان جيرمان في المدينة الواقعة في جنوب فرنسا بتوخي الحذر.
وفي باريس لن يكون هناك أماكن لتجمعات الجماهير ، لكن سيتم غلق شارع الشانزليزيه أمام حركة المرور غدا الأحد من أجل منح مساحة كافية للجماهير لتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي.
وسيتم الاستعانة بقوة من الشرطة تضم ثلاثة آلاف فرد في شارع الشانزليزيه وفي محيط استاد حديقة الأمراء لضمان "سير الأمور بأكبر قدر من السلاسة" بحسب وزير الداخلية دارمانين.
ودعا باريس سان جيرمان الحصة القصوى (خمسة آلاف) من الجماهير واللاعبين السابقين والأطفال المحرومين والشباب، لمشاهدة المباراة بملعب حديقة الأمراء.
وجرى السماح للحانات بإعادة فتح أبوابها منذ مطلع يونيو الماضي، لذا فإن عملية البحث عن مكان لمشاهدة المباراة لن تكون معضلة.
واعترف بيير رابادان مساعد عمدة باريس للشئون الرياضية أنه حال تتويج باريس سان جيرمان باللقب القاري فإن الاحتفالات التي ستعقب ذلك سيكون من الصعب احتوائها.
وأوضح رابادان "إذا خرجت الناس في سيارتها واستخدموا الأبواق فلا توجد مشكلة لكن إذا انتهى بهم المطاف دون وجود مسافة فاصلة بينهم مع عدم ارتداء الكمامات فستكون مشكلة".
ودعت وزيرة الرياضة الفرنسية روكسانا ماراتشينيانو الجماهير للتصرف والاحتفال بمسؤولية "أتمنى أن يكون الاحتفال بفوز فرقنا في المنزل مع الأصدقاء المقربين الذين يمكن التأكد من أنهم لم يصابوا بالعدوى".
من جانبه اعترف رابادان بأن أي مراسم احتفالات رسمية حال توج سان جيرمان باللقب القاري "ستكون معقدة للغاية".