امتهنوا إقامة الموالد وحفلات الرقص للنساء إضافة إلى عمل شريحة منهم فى التجارة جاءت رحلة «فيتو» إلى بنها وتحديدًا «عزبة الغجر» أو «عزبة القرود» لتكشف أن عالم «الغجر» ما زالت أركانه قوية لم تزحزحها رياح التغيير والسنين، لكنها زادتها صلابة علي صلابتها. غجر «عزبة القرود» الذين استطاعوا بناء عالمهم الخاص، سنوا قوانينهم العرفية أيضًا، فأصبح لا شريك لهم في منطقة نفوذهم، فالاقتراب من هذا العالم لا يمكن أن يمر مرور الكرام، إذ تشتعل الخلافات، والمشادات الكلامية، وسرعان ما تتطور لمعركة بالشوم والعصى، تكون الغلبة فيها للعدد الأكبر الذي يشكله الغجر في المنطقة. اصطحبنا في جولتنا الميدانية أشرف رزق وشهرته أشرف البنهاوى، وهو من سكان منطقة الغجر، رغم أنه لم يكن غجريًا في يوم من الأيام، الرجل أوضح لنا أن العزبة كانت عبارة عن مكان يستخدمه الإنجليز لتخرين المؤن والذخائر الخاصة بهم أيام الاحتلال، وعن سبب تسميتها «عزبة القرود» أشار إلى أنه كانت توجد بالمنطقة جبلاية قرود على طريق البحر، حيث كانت مساكن العزبة عبارة عن عشش وخيام، وكان كل صاحب عشة يربى قردًا وهذه مقولة أخرى في تسمية العزبة "عزبة القرود". ويضيف: "الغجر أبقوا على تربية القرود، وكانوا يدربونها على النشل والسرقة التي زادت بشكل ملحوظ بعد كثرة القرود والغجريين، وهو ما دفع الدكتور عادل إلهامى، محافظ القليوبية الأسبق، لإصدار قرار بهدم العشش والأكشاك التي سكنوها بجوار السكة الحديد لتهدئة المواطنين والتقليل من ترويعهم عن طريق السرقة والنشل. قرار المحافظ الأسبق كان سببًا رئيسيًا في دخول الغجر العزبة مجددًا والشراء لإقامة مساكن خاصة بهم، وبعد مشاجرات دامية بين الغجر من ناحية والأهالي من ناحية أخرى، ترك لهم المكان تفاديًا لنشر الذعر والقلق بين الأهالي. أما بالنسبة لمهنتهم الأساسية إضافة إلى النشل والسرقة، فأوضح أن الغجريين امتهنوا إقامة الموالد وحفلات الرقص للنساء في الموالد، إضافة إلى عمل شريحة منهم في التجارة. عنتر راغب، أحد قدامى غجر "عزبة القرود"، فهو موجود بها منذ 30 عاما تقريبا، فالرجل سكن العشش والخيام مع والديه في البداية بجوار السكة الحديد. وقال: عندما جئنا إلى هذا المكان لم نسمح لأحد بأن يوجه لنا أي إهانة، وكنا نقف جميعا في وجه من يعتدي علينا، وعندما تشاهد الناس تجمعاتنا كانوا يقولون «الغجر قاموا» ومن هنا جاءت التسمية. وعن اتهامهم بأنهم يصنعون الأزمات في أي مكان يحطون به قال: نحن أهل المنطقة، ولن نسمح لأحد أن يقول غير هذا، ولا نسعى إلى المشاكل لكننا ندافع عن أنفسنا فعندما يتشاجر أحد من عائلتي لابد أن تخرج العائلة لمساعدته. ويحكي "راغب" قائلا: منذ شهرين نشبت مشاجرة بين ابن أخى وأحد أهالي العزبة، راح ضحيتها اثنان من بينهما ابن أخي، ولما علم أهالي العزبة أننا لن نترك ثأرنا، ثاروا علينا مجددا ورموا منازلنا بقنابل المولوتوف والحجارة، الأمر الذي أبقانا في منازلنا فترة طويلة إلى أن تدخل الجيش ومديرية أمن القليوبية للصلح بيننا. وفي نبرة حزن يضيف: نحن من يطلقون عليهم الغجر، وأهالي العزبة أقاموا شادرا كبيرا ، تجمع فيه كل الأهالي وتم الصلح إلا أنهم مازالوا ينظرون لنا نحن الغجريين نظرة المتهم دائمًا !