"والعروبة في كل دار وقفت معانا.. والشعوب الحرة جت ع اللي عدانا.. وانتصرنا انتصرنا.. انتصرنا يوم ما هب الجيش وثار.. يوم ما أشعلاناها ثورة نور ونور.. يوم ما أخرجنا الفساد.. يوم ما حررنا البلاد وانتصرنا انتصرنا".. وكأن هذا اليوم – من عام 1956- لم يبتعد كثيرًا عن تاريخ مصر، وذلك ما أكدته الشعوب والحكومات العربية الصادقة التي وقفت بجانب الشعب المصري في تحرير إرادته ومصيره، وقامت بدعم التحركات المصرية في حربها ضد الإرهاب. وللمملكة العربية السعودية، باغ طويل في دعم الشقيقة الكبري مصر، ولا أحد يمكنه نسيان موقف الملك فيصل – رحمه الله- في دعم مصر أثناء حرب أكتوبر 1973، ومنع البترول عن دول الغرب كي لا تتكتل ضد مصر، فضلا عن جهود الملك خالد بن عبد العزيز في تزويد مصر بالقمح في نهاية سبعينيات القرن الماضي حينما حاولت أمريكا الضغط على مصر وتجويع شعبها، بالإضافة لمواقف مشرفة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في دعم مصر ماديا ومعنويا في صراعها الأبدي مع قوي الشر، وكانت أوقفته الأخيرة مع مصر في قطع ألسنة من يلوحون بقطع المعونات الدولية عن مصر، وهو موقف يدل على أصالة معدن حكام الشقيقة السعودية، رجال بكل ما تحمله الكلمة من معان. فقد قام الملك عبد الله بن عبد العزيز، بإصدار بيان في أول تعقيب للسعودية على ما يحدث في مصر يوم الجمعة الموافق 16 أغسطس 2013، ودعا الملك عبد الله إلى الوقوف معًا "في وجه كل من يحاول أن يزعزع أمن مصر واستقرارها"، في رسالة قوية لدعم القيادة المصرية، ولصد هجوم جماعة الإخوان المسلمين. وقال الملك عبد الله في رسالة بثها التليفزيون السعودي: "ليعلم العالم أجمع بأن المملكة العربية السعودية شعبا وحكومة وقفت وتقف اليوم مع أشقائها في مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وإنني أهيب برجال مصر والأمتين العربية والإسلامية والشرفاء من العلماء وأهل الفكر والوعي والعقل والقلم أن يقفوا وقفة رجل واحد وقلب واحد في وجه كل من يحاول أن يزعزع دولة لها في تاريخ الأمة الإسلامية والعربية مكان الصدارة مع أشقائها من الشرفاء وتجاه كل من يحاول المساس بشئون مصر الداخلية". وجاء حديث أحمد قطان، سفير خادم الحرمين الشريفين لدي القاهرة شافيا للصدور، فقال: إن موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز الداعم للشعب المصري في مواجهة العنف والإرهاب، هو موقف ثابت لحكومة وشعب المملكة العربية السعودية، رافضًا كل محاولات التدخل الخارجي في الشئون الداخلية المصرية. السفير أكد أن الملك أمر بتقديم كل الدعم الدبلوماسي والمادي اللازم للوقوف مع الشعب المصري وحكومته، لمواجهة هذه الهجمة الشرسة من القوى المتطرفة، والداعمين لهم في الخارج الذين لا يتفهمون حقيقة الثورة التي قام بها الشعب المصري. أضاف قطان أن مصر تواجه الإرهاب الذي يهدد أمنها والمنطقة بأسرها وبعض الدول الغربية التي تدعمه الآن، وعلى الجميع أن يدرك أن عدم الوقوف مع مصر سيقوي شوكة الإرهاب ويعطيه المبرر للاستمرار. ولدولة الإمارات العربية المتحدة مواقف ناصعة مع مصر، فقد قال الشيخ سلطان بن محمد القاسمي "حاكم الشارقة": إن ما حدث بمصر كان تحت مسمى "مشروع إلغاء مصر"، وتدمير الآثار المصرية وحرق جميع الوثائق، وتقديم جزء من أرض مصر إلى من يدفع"، وأضاف الشيخ سلطان: "استشعرت ذلك منذ زمن، فبادرت ببناء دار الوثائق الجديدة بعين الصيرة، ويتم نقل التراث من العصر العثماني على أقراص مدمجة، وأيضا وثائق مجلس الوزراء المهمة، وسيتم افتتاح دار الوثائق الجديدة بمصر في ديسمبر المقبل". تابع الشيخ القاسمي قائلا: "إلى الشعب المصري.. عليك تفويت الأحزان، وعلى كل فرد أن يبقى في ثوريته من أصغر موظف إلى أعلى موظف، فنحن الآن أمام أن نكون أو لا نكون، فمصر الداعمة هي من أوقفت هذا التيار الهجمي". ووجه عددا من الرسائل إلى بعض الشخصيات، قائلا: "إلى شيخ الأزهر.. أخرج العلماء الأكفاء ليتولوا المساجد، وللأوقاف.. إرجعي إلى المساجد لكي تكون تحت إدارتك وإن نقصت الأموال سنطورها لتقف على قدميها من جديد، وسنساعد الأوقاف في بناء مسجد لكل شهيد- الجنود الذين قتلوا في رفح- حتى نذكره في كل أذان، لأن هذا الشهيد لابد أن يذكر في المستقبل". وقال الشيخ القاسمي باكيًا: "هناك العديد من الدموع وغصة لما يمر به الشعب المصري، فنحن مع مصر، ولن نتأخر، فلا أحد يعلم مكانة مصر لدينا، هذا ليس هدية ولا منة، فالعرب كانوا سيزالون من الوجود لولا وقفة الشباب المصري في 30 يونيو، فدولة الإمارات مع مصر قيادة وشعبا، فمصر كانت كريمة معنا، وعلينا الترحم على هؤلاء الشهداء، نحن نتنظر اليوم الذي ستنتصر به مصر"، مشيدًا بدور الجيش والشرطة المصرية في الوقوف إلى جانب الشعب المصري. وفي نفس السياق، قال وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان إن بلاده حريصة على "بذل كل جهد ممكن لدعم مصر في مختلف المجالات لتحقيق طموحات وآمال الشعب المصري في الأمن والاستقرار، والتقدم خاصة بعد 30 يونيو". وقام وزير خارجية الإمارات بعقد لقاءات مع مسئولين غربيين وأمريكيين، وعلى رأسهم جون كيري - وزير الخارجية الأمريكي- لإيضاح الصورة للعالم بأن ما حدث هو ثورة شعبية ضد حكم ديكتاتوري أراد أن يفرق بين المصريين. كان الخطاب الرسمي الأردني مؤيدا للنظام المصري الحالي، فقد أكد أنه تأييد لفرض القانون والأمن، وينبع من المصلحة القومية العربية، وللحفاظ على مصر قلب الأمة، وكان الأردن من أوائل الدول في الإعلان عن مباركتها ثورة 30 يونيو، ذلك ما أكده الوزير السابق والسياسي الأردني ممدوح العبادي الذي لخّص الموقف الأردني إزاء التطورات المصرية الراهنة قائلًا: "موقف ينسجم مع ما يريده الشعب المصري تمامًا، ونحن مع إرادة الشعب المصري". أضاف العبادي: "عندما اندلعت الثورة الشعبية في 30 يونيو، وجاءت شرعية جديدة، وقف الأردن مع هذا التغيير كما وقف مع تغيير الثورة السابقة"، مشيرًا إلى أن الحساسية الرسمية الأردنية حيال جماعة الإخوان المسلمين لم تمنع من أن تكون المملكة من أوائل الدول التي تقدمت للمباركة للرئاسة المصرية بنجاح الانتخابات الرئاسية". وفي الكويت أكد مرشح الدائرة الرابعة النائب السابق بمجلس الأمة "مبارك الخرينج"، مساندة بلاده لثورة 30 يونيو في مصر، معتبرًا أنها ثورة شعبية حماها الشعب، مستدلًا بأعداد المتظاهرين التي بلغت 25 مليون مصري. وشدد الخرينج على أن استقرار المحروسة جزء لا يتجزأ من أمن الخليج، ولابد من دعمه للحفاظ على الدور الريادي المصري في المنطقة، وقال الخرينج: "إن الكويت لم تكن لتقف مكتوفة الأيدي وهي ترى دول الخليج تقدم المساعدات المادية والعينية لمصر". السفير خالد طه، سفير مصر في جيبوتي أكد أن جيبوتي تؤيد ثورة الشعب المصري في 30 يونيو وتدعم موقفها أمام مجلس السلم والأمن والاتحاد الأفريقي، في إطار العلاقات التاريخية التي تربطها مع مصر. أضاف طه "أن العلاقات بين مصر وجيبوتي تاريخية، فقد لعبت مصر عبد الناصر دورًا تاريخيًا في استقلالها، ومازالت الأسرة الجيبوتية تتذكر هذا الدور في احتفالاتها الشعبية، بل ووصل الأمر إلى الأغاني الشعبية في احتفال السبوع بالمواليد، إذ يغنون للمولود بأن يكبر ويكون مثل عبدالناصر". وكان أيضًا موقف البحرين مساندا وداعما للموقف المصري وثورته ضد الإرهاب، فقال غانم بن فضل البوعينين- وزير الدولة للشئون الخارجية لمملكة البحرين: "نهنئ الشعب المصرى على ثورته الناجحة في 30 يونيو، التي أعادت مصر إلى الحضن العربى من جديد"، داعيًا أن تأخذ مصر دورها في قياداتها للعالم العربى والإسلامى وأن تحقق لها الريادة. وقال غانم:" مقدمين لها الدعم لاستقرار مصر، لأن استقرارها سوف ينعكس على الدول العربية"، موضحًا أن عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة أرسل برقية تهنئة إلى المستشار عدلي منصور، جاء فيها: واثقون بأنكم ستتمكنون من تحمل المسئولية باقتدار". وأشاد غانم بدور القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع في ضمان استقرار مصر وحماية المجتمع من الانزلاق إلى ما لا يحمد عقباه.