تغيرت الإستراتيجية الأمريكية في التعامل مع الأزمة المصرية مؤخرا، لتتنحى جانبا عن مؤازرة ومساندة جماعة الإخوان المسلمين، عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ليس فقط بعد خروج الملايين الحاشدة في جمعة التفويض الشعبي للفريق أول عبد الفتاح السيسي، نائب أول رئيس الوزراء وزير الدفاع، لمواجهة العنف والإرهاب، وإنما لاكتشافهم خداع وضعف قدرات الإخوان، في تنفيذ تعليمات واشنطن، بتوريط الجيش المصري في حرب أهلية. وكشفت مصادر ل"فيتو"، أنه منذ عزل "مرسي"، استعانت جماعة الإخوان، بأمريكا لمساندتها في عودة المعزول مرة أخرى، وهو ما رحبت به واشنطن، لكنها اشترطت على قيادات الجماعة، أن يكون هناك عنف وإرهاب واشتباكات، يكون الجيش المصري طرفا فيها، حتى يكون تدخلها مقبولا أمام المجتمع الدولي. وأضافت المصادر، أن ما اشترطته أمريكا، حاول الإخوان القيام به، بنشر العنف والإرهاب، وجر الجيش المصري إلى حرب أهلية معهم، إلا أنها فشلت في ذلك، بالإضافة إلى قيام قيادات الجماعة بإيهام أمريكا بأنهم على تواصل مع بعض قيادات الجيش المصري، الذين رفضوا قيام "السيسي" بعزل "مرسي"، ويستعدون للانشقاق عن صفوف الجيش قريبا والانضمام إلى معسكر الإخوان. وأوضحت أن أمريكا انتظرت من قيادات الجماعة تحقيق شروطها للتدخل، لكنها اكتشفت خداع الجماعة لها، وعدم قدرتها على تحقيق ذلك، نظرا لوعي القوات المسلحة المصرية، التي علمت بتفاصيل المخطط، وتعاملت معه بحنكة شديدة. وأكدت المصادر، أنه منذ ذلك الوقت الذي تزامن مع مشاركة الملايين من الشعب المصري في جمعة تفويض "السيسي"، بدأت أمريكا في قراءة الواقع المصري الحقيقي، ومن ثم تغيير إستراتيجيتها في التعامل مع الأزمة الراهنة، بعيدا عن مساندة الإخوان. وبدأت الإدارة الأمريكية، تفعيل دور أنصارها في مصر، ممن يطلق عليهم "الطابور الخامس"، سواء داخل التيار الليبرالي أو التيار الإسلامي، ويضم سياسيين وفنانين وحقوقيين، بهدف إحداث انقسام حاد بالمشهد السياسي، وزعزعة الحشد الشعبي القوي الذي وقف وراء السيسي، الذي يعيد إلى ذاكرة العديد من المصريين، صورة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وذلك من خلال تفتيت الكتلة السياسية والشعبية التي ساندت الجيش في 30 يونيو. وأوضحت، أن الطابور الخامس بالتيار الليبرالى، بدأ في المطالبة بالمصالحة مع الإخوان، والإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسي، وهو الأمر الذي من شأنه إحداث بلبلة وانشقاق في صفوف التيار المدني، إلى جانب الاستعداد لمعركة الدستور القادمة. وأضافت أن الطابور الخامس بالتيار الإسلامي أيضا بدأ في الإصرار على المطالب بعودة مرسي، دون تقديم تنازلات، إلى جانب العمل على استقطاب بعض شباب الثورة لينضموا إلى جبهة أنصار المعزول، لتزداد الأمور تعقيدا، بهدف تفتيت الكتلة الشعبية وراء القوات المسلحة، وتحديدا الفريق أول السيسي، ومحاولة الوقوع مع الجيش في حرب أهلية.