قائمة كليات يشترط القبول بها اجتياز اختبار القدرات    وزارة التموين: احتياطي القمح يكفي 6 أشهر والسكر التمويني 20 شهرًا    محافظ المنيا يُشكل لجنة للإشراف على توزيع الأسمدة لضمان وصولها لمستحقيها    زيلينسكى يصل بروكسل لتوقيع ثلاث اتفاقيات أمنية    انطلاق مباراة الجونة ومودرن فيوتشر بالدوري    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بدار السلام    "تريلا" أطاحت به.. وفاة وإصابة 14 في انقلاب ميكروباص بالبحيرة (صور)    محافظ الإسكندرية ووزيرة الثقافة يفتتحان معرض كتاب الكاتدرائية المرقسية    محافظ الغربية يتابع ملف التصالح على مخالفات البناء ويوجه بتبسيط الإجراءات على المواطنين    رئيس هيئة الرعاية الصحية يكرم المتميزين في تطبيق أنشطة اليقظة الدوائية    قرار جمهوري بإصدار اللائحة التنفيذية للهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء    توقيع الكشف على 1080 حالة خلال قافلة طبية بمركز مغاغة بالمنيا    شيخ الأزهر يستقبل السفير التركي لبحث زيادة عدد الطلاب الأتراك الدارسين في الأزهر    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة إلى 37 ألفا و 765 شهيدا    حمى النيل تتفشى في إسرائيل.. 48 إصابة في نصف يوم    الفاو تحذر من ارتفاع خطر المجاعة فى جميع أنحاء قطاع غزة    برلماني: ثورة 30 يونيو تمثل علامة فارقة في تاريخ مصر    بيراميدز يتخذ قرارًا جديدًا بشأن يورتشيتش (خاص)    مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    فرع جديد للشهر العقاري والتوثيق داخل مجمع النيابات الإدارية بالقاهرة الجديدة    انفراجة في أزمة صافيناز كاظم مع الأهرام، نقيب الصحفيين يتدخل ورئيس مجلس الإدارة يعد بالحل    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الإقليمي بالمنوفية    بالصور.. محافظ القليوبية يجرى جولة تفقدية في بنها    «إعلام القليوبية» تنظم احتفالية بمناسبة 30 يونيو    مهرجان المسرح المصري يكرم الفنان أحمد بدير خلال دورته ال 17    وفاة الفنان العالمي بيل كوبس عن عمر يناهز ال 90 عاما    داعية الباحثين للمشاركة.. دار الكتب تعلن موعد مؤتمرها السنوي لتحقيق التراث (تفاصيل)    الجمال ‬‬بأيدينا    "قوة الأوطان".. "الأوقاف" تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة    هل استخدام الليزر في الجراحة من الكيِّ المنهي عنه في السنة؟    الزراعة: مناخ مصر حار ولم يتغير منذ 1000 سنة    مديرية الطب البيطري بالشرقية تنظم قافلة علاجية مجانية بقرية بني عباد    إصابة 8 أشخاص بضربات شمس إثر ارتفاع درجة الحرارة في أسوان    الشعب الجمهوري بالمنيا يناقش خريطة فعاليات الاحتفال بذكرى 30 يونيو    كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟    أستاذ علوم سياسية: الشعب الأمريكي يختار دائمًا بين رئيس سيء وأخر اسوأ    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    مصدر أمني يكشف حقيقة سوء أوضاع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    اللواء محمد إبراهيم الدويرى: التحركات المصرية فى القارة الأفريقية أساسية ومهمة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    مقتل وجرح عدد من الفلسطينيين فجر اليوم إثر قصف إسرائيلي استهدف 5 منازل سكنية في حيي الصبرة والشجاعية شمال قطاع غزة    أماكن صرف معاشات شهر يوليو 2024.. انفوجراف    بكاء نجم الأهلي في مران الفريق بسبب كولر.. ننشر التفاصيل    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    أسعار البنزين اليوم مع اقتراب موعد اجتماع لجنة التسعير    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    «هو الزمالك عايزني ببلاش».. رد ناري من إبراهيم سعيد على أحمد عفيفي    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    10 يوليو موعد نهاية الحق فى كوبون «إى فاينانس» للاستثمارات المالية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    عجائب الكرة المصرية.. واقعة غريبة في مباراة حرس الحدود وسبورتنج    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصف الفارغ!
نشر في فيتو يوم 22 - 02 - 2023

اعتاد الناس إلى تشبيه التشاؤم بالنظر إلى نصف الكوب الفارغ، وكأن الفراغ دليل قاطع على التشاؤم.. كنني دائمًا لا آخذ الأمثال الشعبية على علتها، فكثير من هذه الأمثال فاسدة.. تفتقد في أحايين كثيرة إلى المنطق.. ولعل اعتياد الناس على الاستسهال وعدم استخدام العقل فيما يتداولونه من أمثال من ساهم فى تحويل الأمثال الشعبية السطحية إلى حِكمٍ، والحكمة هى خلاصة تجربة الشعوب!

وبما أنني قد اعترفت من البداية بأنني لا أقبل الأمثال على علتها؛ فقد وقفت كثيرًا أمام هذا المثل الشعبي العجيب، الذي يدعونا إلى عدم النظر إلى نصف الكوب الفارغ.. والاكتفاء بالنظر فقط إلى الممتلئ.. وهنا تساءلت: هل الفراغ في ذاته سبة تعيق تطور الإنسان ونموه، أم أنه فرصة أكيدة للتنمية والتطوير.. وهل النظر إلى النصف الممتلئ وحده يدعونا إلى التفاؤل؟ فإلى أيهما إذن يجب أن ننظر؟! أم أننا مطالبون بأن ننظر إلى الاثنين معًا؟!
وبما أنني أيضًا على قناعة تامة بأننا نتعلم دائما من معرفة سلبياتنا وليس من الايجابيات.. وأن النقد الكاشف للنواقص والعيوب هو نقد بناء فى ذاته.. أم النقد الذى يركز علي الإيجابيات فقط هو نقد هدام.. وأن رؤية النواقص في الأشياء والحيد عنها فساد.. فالمجتمعات تبنى بالعقول الناقدة.. التي تنظر دائمًا إلى مواضع النقص والخلل وتعمل جاهدة على إصلاحها!

وحين يغض الانسان الطرف عن نواقصه يعتاد عليها، بل وربما يعادى من يذكره بها.. فقد يألف الإنسان النقص، ويجهل الكمال.. ومن جهل الكمال عاداه!
نظرية تبادل المنفعة
ومن هنا أخذتني فكرة الكتابة عن الفراغ وأهمية مناطق النقص فى حياتنا.. انطلقًا من قناعتي بأن الكون قد بني على النقص وليس الكمال.. وأن من قواعد العيش أن يكمل بعضنا الأخر، حسب نظرية تبادل المنفعة فى علم الاقتصاد.. وكذلك قناعتي بأنه إذا أسعفت الانسان المنية لا تسعفه الإمكانات.. وإذا أسعفته الإمكانات لا تسعفه المنية. ويموت الإنسان ناقصًا ويظل الكمال لله!
ولعل هذه القناعات هى ما جعلتني أرفض فكرة الكوب الفارغ واعتباره رمزًا للإحباط وثبط الهمم.. فهل يمكن الإنسان مثلًا أن يبنى بيتً أو يجرى نهرًا أو أن يزرع بستانًا دون فراغ.. وهل يمكن للإنسان أن يحلم دون فراغ..

وإذا كان الفراغ هو المساحة المشتركة بين الواقع والخيال؛ فهل يمكن للإنسان أن يتخيل أنه يبنى منتجعا سياحيًا في منطقة متخمة بالسكان، لا تتجاوز شوارعها بضعة أمتار إلا إذا هدمها ليخلق لنفسه مساحة من الفراغ.. فعادة ما يحتاج البَنَّاءُ إلى فراغ يحقق فيه خياله الهندسي؟! والبناء دائمًا يحتاج إلى فراغ.. فتحية للبنائين في هذا العالم المزدحم الكئيب الذى يفتقر إلى مساحة من الفراغ كي ينجو من السقوط!

ولعلى أتصور أن فكر الاستعمار الاستيطاني نفسه كان وليد نظرية الفراغ.. فحين تعج المجتمعات بالسكان وتحدث ظاهرة الاختناق يفر الناس إلي الصحراء بحثًا عن الفراغ الذى يمكنهم من بناء مجتمعات جديدة، تتناسب مع أعداد سكانها المتزايدة.. فالمجتمعات الإنسانية عادة لا تتمدد سوى فى فراغ؛ والذى عليه يحدث التوسع والانتشار؛ الذى هو دليل قاطع على التنمية.. وكلما كانت مساحة الفراغ واسعة؛ كانت الفرصة للتنمية والعمران سانحة!

ربما كانت هذه هى رؤية فلسفية بحتة قد يقبلها البعض ويرفضها البعض الآخر. لذا احاول أن أقترب إلى المنطق العملي من خلال التركيز على فكر الاستعمار الذي الاستيطاني وكيف تحول من غزو الأرض إلى غزو العقل.. وكيف أصبح غزو العقل طريقا سهلًا لغزو الأرض.. الغزو الثقافي الي دمر بلدانًا كاملة تحت شعار الغزو الأبيض أو الثورات البيضاء!
وهنا أتساءل لماذا سيناء دائمًا كانت ولا تزال مطمعًا للفكر الاستعماري الرخيص.. والإجابة كانت وفق نظرية الفراغ حاضرة.. لأن سيناء منطقة فارغة، تجاور مجتمعات مزدحمة بالسكان، بل كادت أن تنفجر.. فمساحة الأرض في إسرائيل عندها ثابتة. وهى المساحة التى نجحت في اقتطاعها من جسد فلسطين الحي.

وأن أعداد السكان فيها تتضاعف يومًا بعد يوم.. ومع تصاعد المشكلة وعدم قدرتها على التمدد في العمق الفلسطيني، أمام مقاومة الشعب الفلسطيني الباسل والمؤمن بحقه التاريخي في أرضه؛ تصبح سيناء بالنسبة لإسرائيل هي الحلم.. والطريق السهل للخلاص من الأزمة.. ومن ثم فإن أزمتنا مع اسرائيل لن تنتهي ما دامت أرض سيناء فارغة!
تعمير سيناء
وإذا كانت الاحصائيات تشير إلى أن المصريين لا يستغلون سوى 6,5% من مساحة مصر.. فإن سيناء وحدها تكفى إذا انتفى لدى المصريين الحلم في غدٍ أفضل حيث لا يوجد لديها مساحات من الفراغ. فالمساحة الجغرافية لسيناء تجاوزت 7 % من المساحة الكلية لمصر..

ومن ثم فإن خلاصنا من الجماعات الارهابية التى تحاول دائمًا مدعومة من اسرائيل في اقامة دولتها على أرض سيناء مرهون بقدرنا على إعمار الأراضي السينائية الفارغة، وزراعتها بالقمح والملح والسكر والناس؟!

إذن الفراغ بالنسبة لإسرائيل ومثيلاتها هو الأمل الوحيد لتحقيق الحلم. في اقامة دولة اسرائيل التي تمتد من النيل إلى الفرات.. ومن ثم يصبح الاعمار وشغل الفراغ واجب وطني أصيل للخلاص من كابوس مطامع اسرائيل في التمدد من ناحية، والقضاء على الجماعات الإرهابية من ناحية ثانية!
عفوًا فقد أخذني القلم إلى القضية الأكبر في حياتي؛ حيث تحدثت عن فراغ الأرض وعلاقته بالفكر الاستيطاني، الذى لا تزال تنتهجه إسرائيل رغم إثبات فشله عبر التاريخ؛ بفعل مقاومة العقل الرافض للفكر الاستعماري..

الأمر الذي دفعها بقوة إلى التخطيط لغزو العقل.. وساعدها في ذلك التقدم التكنولوجي ووسائل الاتصال وكذلك التراجع في نظم التعليم والثقافة، الذي ساهم بدوره في تهميش العقل، والفساد الذي حفز على هجرة العقول المبدعة!

هل نحن نحب الله!
الكتابة والحِبر المسموم!
ومن هنا كيف لنا أن نستهين بالفراغ، ونكتفي بالنصف الشاغل في الكوب، الذى إن ارتضينا به اكتفينا، وكأنه زرق، وعدم القناعة به درب من دروب السخط.. فإذا كنا لا نستطيع قياس حجم ما نحتاج سوى بالنظر إلى المساحة الفارغة، ولا نستطيع أن نمدد أقدامنا سوى في فراغ، ولا نستطيع أن نتعلم سوى فى فراغ.. فكيف لنا إذن أن نلعن الفراغ؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.