"مياه الشرقية" تنظم حملات توعية واستطلاعات لآراء المواطنين    وزير الري يلتقي نظيره العراقي لبحث تعزيز التعاون    وزير قطاع الأعمال: استراتيجية لتطوير أداء الشركات التابعة.. وخطط لتعظيم عوائد الأصول    «المجتمعات العمرانية» تمنح «داماك الإماراتية» تراخيص استئناف العمل بمشروعها فى زايد    خلال عام من العدوان على غزة.. 6 دول تقطع علاقاتها مع إسرائيل    الاتحاد الأوروبي يحذر من عواقب كارثية لحظر عمل "الأونروا" ويؤكد مواصلة دعمه للوكالة    الدفاع الروسية: خسائر القوات الأوكرانية تتجاوز 22 ألف فرد منذ بدء القتال في كورسك    ب 200 مليون فرنك سويسري.. الصليب والهلال الأحمر يطلق نداء طوارئ للبنان    ملك المغرب يدعو لتعزيز الدبلوماسية البرلمانية وتضافر جهود كل المؤسسات والهيآت    منتخب مصر يعلن موعد سفره إلى موريتانيا لخوض الجولة الرابعة من التصفيات    مانشستر سيتي يعلن تعيين مديرًا رياضيًا جديدًا بعد رحيل بيجيريستاين    الأمن يكثف جهوده لكشف غموض العثور علي جثة ممرضة داخل مركز جراحة القلب والصدر بجامعة المنصورة    المفتي: تدهور الأخلاق سبب معاناة مجتمعاتنا العربية    وزير التعليم العالي يستقبل رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل    إجراء 896 عملية جراحية للقضاء على قوائم الانتظار ببني سويف    لتعويض فشل نيمار، الهلال السعودي يخطط لضم صفقة نارية من ريال مدريد    غدًا.. بدء الحجز الإلكتروني لمشروع صبا ريزيدنس في 6 أكتوبر    حلول جديدة للتخلص من الأدوية منتهية الصلاحية، صيدليات الجيزة تكشف    محمد منير عن كلابه الأربعة: مونسني مع الموسيقى وبعتبرهم ولادي (فيديو)    الرئيس السيسي: مصرون على استكمال مراحل حياة كريمة.. وتكلفة تطوير قطاع النقل 2 تريليون جنيه    مدير "تعليم دمياط" جهود خفض الكثافات الطلابية داخل المدارس    سمير فرج في جامعة الزقازيق لمناقشة رسالة ماجستير (صور)    أنهت حياتها في غرفة الإفاقة.. ننشر أول صورة لممرضة المنصورة    قلة النوم تصيبك بالسكتة الدماغية - حقيقة أم خرافة؟    مصائب أرسنال في ازدياد.. منتخب إنجلترا يعلن استبعاد ساكا ولاعب ليفربول    دوري المحترفين – سبب تأجيل مباراة البلدية ضد سبورتنج    رؤى طاهر تضيف الميدالية الرابعة لمصر في بطولة العالم للكاراتيه بإيطاليا    زينة تنتهي من "بنات الباشا" وتبدأ تصوير "الدشاش" قريبًا    تأييد حبس كروان مشاكل 3 أشهر بتهمة إحراز سلاح أبيض    كجوك: نتطلع لدور ريادي لتجمع «البريكس» في دفع مسار الحلول المبتكرة لأزمة «الديون»    حملات نظافة مكثفة لاستقبال رواد المولد الدسوقي الأسبوع المقبل.. صور    في اليوم العالمي للطيور المهاجرة.. أسباب تدفع الطيور لتلك الغريزة    رد فعل مفاجئ من جوميز بعد رفض الزمالك التعاقد مع إيجاريا (خاص)    أحمد عبدالوهاب يكتب: كارثة إنسانية شمال غزة    الأزهر للفتوى يوضح أهم أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    «مش هديك أكبر من حجمك وسلط عليا ناس تشتمني».. إبراهيم سعيد يفتح النار على زيزو    موعد تطبيق زيادة المعاش في عام 2025.. تبلغ 15%    تأجيل محاكمة متهم في قضية التجمهر وأحداث العنف بالمطرية    للمدارس والجامعات.. موعد إجازة نصف العام 2025 وامتحانات التيرم الأول والثاني    1080 مواطنا استفادوا من القافلة التنموية الشاملة لجامعة القاهرة بالجيزة    مستشهدًا ب«السادات».. السيسي: «مش لازم كل قرار الناس تكون فاهماه في وقته»    جامعة كفر الشيخ تستقبل المفتي لمناقشة رسالة دكتوراه في الدراسات الإسلامية    إجراءات إعادة تشغيل بطاقة التموين بعد توقفها بسبب الكهرباء .. فيديو    غدا.. ضعف المياه عن منطقة بحرى الواسطى ببني سويف    الرئيس السيسي: السادات هزم خصومه وغلبهم وهو مش موجود    تخريج دورتين تدريبيتين للكوادر الأمنية الإفريقية بأكاديمية الشرطة    محمد صلاح يحتفل بالفوز على موريتانيا بطريقته الخاصة    محلل سياسي فلسطيني: نتنياهو يُنفذ «خطة الجنرالات» فى غزة مستغلا أحداث لبنان    منخفض جوي يضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    الداخلية تكشف حقيقة الحفر بمقبرة لانتشال رفات بالخانكة    ضبط مصنع أسلاك كهربائية غير مرخص بالقاهرة    مجلس الشيوخ يناقش تعديل قانون البناء غدا الأحد    أفضل وقت لصلاة الاستخارة: دليلك الكامل لفهمها وأدائها    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل على الطريق الأوسطي في الشرقية    الإفتاء: كل أمرٍ يُعطل عملية الإنتاج ويدعو لتعطيلها ممنوعٌ شرعًا    بحضور ضخم للنجوم والمشاهير.. أنغام تتألق في حفل «صوت مصر» بالمتحف المصري الكبير    موعد شهر رمضان 2025 وعدد الأيام المتبقية حتى بداية الشهر الكريم    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم السبت 12-10-2024 في محافظة البحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما حكم عمل المسلم في الكنيسة؟.. مفتي الجمهورية يجيب
نشر في فيتو يوم 30 - 12 - 2020

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "ما حكم عمل المسلم في الكنيسة، كأنْ يعمل نجارًا، أو بنًّاء، أو خادمًا، أو فنيًّا في مجال السباكة والكهرباء؟، وجاء رد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية على هذا السؤال كالتالي:
حثَّ الإسلام على العمل والسعي لطلب الرزق وجعل ذلك فريضة، كما أن طلب العلم فريضة؛ روى البيهقي في "شعب الإيمان" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «طَلَبُ الْكَسْبِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ».
جاء في "الاختيار لتعليل المختار" (4/ 170، ط. مطبعة الحلبي، بتصرف): [طلب الكسب فريضة كما أن طلب العلم فريضة، وهذا صحيح لما روى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «طَلَبُ الْكَسْبِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»، والرسل عليهم الصلاة والسلام كانوا يكتسبون؛ فآدم زرع الحنطة وسقاها وحصدها وداسها وطحنها وعجنها وخبزها وأكلها، ونوح كان نجارًا، وإبراهيم كان بزازًا، وداود كان يصنع الدروع، وسليمان كان يصنع المكاتل من الخوص، وزكريا كان نجارًا، ونبيُّنا رعى الغنم، وكانوا يأكلون من كسبهم، وكان الصديق رضي الله عنه بزازًا، وعمر يعمل في الأديم، وعثمان كان تاجرًا يجلب الطعام فيبيعه، وعلي كان يكتسب، فقد صح أنه كان يؤاجر نفسه] اه.
حكم عمل المسلم في الكنيسة
وعمل المسلم في الكنيسة بأجرٍ محلُّ خلاف بين الفقهاء: فذهب جمهور فقهاء المالكية والشافعية إلى عدم جواز ذلك؛ لما فيه ذلك من الإعانة على المعصية؛ جاء في "المدونة" (4/ 150، ط. دار الكتب العلمية): [أرأيتَ الرجل أيحل له أن يؤاجر نفسه في عمل كنيسة؟ قال: لا يحل له؛ لأن مالكًا قال: لا يؤاجر الرجل نفسه في شيءٍ مما حرم الله] اه.
وقال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" (5/ 424، ط. دار الفكر): [أن يؤاجر المسلم نفسه لكنس كنيسة أو نحو ذلك، أو ليرعى الخنازير، أو ليعصر له خمرًا: فإنه لا يجوز، ويؤدب المسلم، إلا أن يتعذر بجهالة، واختلف؛ هل الأجرة من الكافر ويتصدق بها أم لا؟ ابن القاسم: التصدق بها أحب إلينا؛ قاله في "التوضيح"] اه.
حكم عمل المسلم في الكنيسة
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (4/ 226، ط. دار المعرفة): [وأكره للمسلم أن يعمل بِنَاءً أو نجارةً أو غيره في كنائسهم التي لصلواتهم] اه.
وقد يُحمَل كلام الإمام على الكراهة التنزيهية؛ كما في قوله فيما نَقَلهُ عنه الإمام المزني في "مختصره" (8/ 388، ط. دار المعرفة): [وأَكرَهُ للمسلم أن يقارض النصراني أو يشاركه، وأَكرَهُ أن يكري نفسه من نصراني، ولا أفسخه] اه.
وحملها الإمام الحَلِيمِيُّ الشافعي على الكراهة التنزيهية أيضًا؛ فقال فيما نَقَلَهُ عنه العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" (6/ 82، ط. دار الكتب العلمية): [ولا ينبغي لفَعَلَةِ المسلمين وصُيّاغِهم أن يعملوا للمشركين كنيسةً أو صليبًا] اه.
وقال الإمام الزركشي من الشافعية بالإباحة؛ كما نقله عنه الشبراملسي في "حاشيته على نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (5/ 274، ط. دار الفكر).
حكم مشاركة المسلم في بناء الكنائس
وقد صرح فقهاء الحنفية وغيرهم بإباحة عمل المسلم في بناءً الكنيسة وترميمها بلا أدنى حرج، ونصوا على حلِّ ماله الذي يأتيه مِن جراء ذلك، وأنه مما يطيب لصاحبه أخذه شرعًا؛ إذ العمل نفسه ليس فيه معصية.
قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (8/ 231، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ولو أجر المسلم نفسَه لذمي ليعمل في الكنيسة فلا بأس به] اه.
وقال أيضًا في المرجع السابق (8/ 23): [ولو استأجر المسلمَ ليبني له بيعة أو كنيسة جاز ويطيب له الأجر، ولو استأجرته امرأة ليكتب لها قرآنًا أو غيره جاز ويطيب له الأجر إذا بين الشرط وهو إعداد الخط وقدره] اه.
وقال العلامة ابن عابدين في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (6/ 391، ط. دار الفكر، بيروت): [(قوله: وجاز تعمير كنيسة) قال في "الخانية": ولو آجر نفسه ليعمل في الكنيسة ويعمرها لا بأس به؛ لأنه لا معصية في عين العمل] اه.
ويرى فقهاء الحنابلة أن للمسلم استئجار نفسه للذمي على عمل معين في الذمة؛ كخياطة ثوب، وقصارته، أما الخدمة فلا؛ لتضمنها الإذلال.
قال العلامة ابن قدامة في "المغني" (5/ 410، ط. مكتبة القاهرة): [ولا تجوز إجارة المسلم للذمي لخدمته، نص عليه الإمام أحمد، في رواية الأثرم، فقال: إن آجر نفسه من الذمي في خدمته لم يجز، وإن كان في عمل شيء جاز.. فأما إن آجر نفسه منه في عمل معين في الذمة؛ كخياطة ثوب، وقصارته، جاز بغير خلاف نعلمه؛ لأن عليًّا رضي الله عنه آجر نفسه من يهودي، يستقي له كل دلو بتمرة، وأخبر النبيَّ صلى الله عليه وسلم بذلك، فلم ينكره، وكذلك الأنصاري؛ ولأنه عقد معاوضة لا يتضمن إذلال المسلم، ولا استخدامه، أشبه مبايعته.
وإن آجر نفسه منه لعمل غير الخدمة، مدة معلومة، جاز أيضا، في ظاهر كلام أحمد؛ لقوله في رواية الأثرم: وإن كان في عمل شيءٍ جاز. ونقل عنه أحمد بن سعيد: لا بأس أن يؤجر نفسه من الذمي، وهذا مطلق في نوعي الإجارة. وذكر بعضُ أصحابنا أن ظاهر كلام أحمد منع ذلك، وأشار إلى ما رواه الأثرم، واحتج بأنه عقد يتضمن حبس المسلم، أشبه البيع، والصحيح ما ذكرنا، وكلام أحمد إنما يدل على خلاف ما قاله، فإنه خصَّ المنع بالإجارة للخدمة، وأجاز إجارته للعمل، وهذا إجارة للعمل، ويفارق البيع، فإن فيه إثبات الملك على المسلم، ويفارق إجارته للخدمة، لتضمنها الإذلال] اه.
حكم مشاركة المسلم في ترميم الكنائس
وقد أجاز الإمام أبو حنيفة عمل المسلم في الكنيسة بأجر؛ قياسًا على جواز بنائها للسكنى، وكذلك مَن آجر نفسه على حمل خمر لذميّ؛ لأنه يرى أنَّ الإجارة على الحمل ليست بمعصية ولا سبب لها، لأنه قد يكون للإراقة أو للتخليل؛ جاء في "رد المحتار" (6/ 391، ط. دار الفكر): [(قوله: وحمل خمر ذمي) قال الزيلعي: وهذا عنده، وقالا: هو مكروه، لأنه عليه الصلاة والسلام: «لَعَنَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً، وَعَدَّ مِنْهَا حَامِلَهَا» وله أن الإجارة على الحمل وهو ليس بمعصية، ولا سبب لها، وإنما تحصل المعصية بفعل فاعل مختار، وليس الشرب من ضرورات الحمل، لأن حملها قد يكون للإراقة أو للتخليل، فصار كما إذا استأجره لعصر العنب أو قطعه، والحديث محمول على الحمل المقرون بقصد المعصية.
وهذا قياس وقولهما استحسان، ثم قال الزيلعي: وعلى هذا الخلاف لو آجره دابة لينقل عليها الخمر، أو آجره نفسه ليرعى له الخنازير يطيب له الأجر عنده، وعندهما يكره.. (قوله: وجاز إجارة بيت.. إلخ) هذا عنده أيضًا؛ لأن الإجارة على منفعة البيت، ولهذا يجب الأجر بمجرد التسليم ولا معصية فيه، وإنما المعصية بفعل المستأجر وهو مختار فينقطع نسبيته عنه، فصار كبيع الجارية ممن لا يستبرئها أو يأتيها من دبر، وبيع الغلام من لوطي، والدليل عليه: أنه لو آجره للسكنى جاز وهو لا بد له من عبادته فيه] اه.
وقد بَوَّب الإمام البخاري في "صحيحه" بما يدل على جواز ذلك فقال: (باب هل يؤاجر الرجلُ نفسَه من مشرك في أرض الحرب؟).
وقال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (4/ 452، ط. دار المعرفة): [(قوله: باب هل يؤاجر الرجلُ نفسَه من مشرك في أرض الحرب؟) أورد فيه حديث خباب وهو إذ ذاك مسلم في عمله للعاص بن وائل وهو مشرك، وكان ذلك بمكة وهي إذ ذاك دار حرب، واطلع النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك وأقره.
ولم يجزم المصنف بالحكم لاحتمال أن يكون الجواز مقيدًا بالضرورة، أو أن جواز ذلك كان قبل الإذن في قتال المشركين ومنابذتهم، وقبل الأمر بعدم إذلال المؤمن نفسه. وقال المهلب: كره أهل العلم ذلك إلا لضرورة بشرطين: أحدهما أن يكون عمله فيما يحل للمسلم فعله، والآخر أن لا يعينه على ما يعود ضرره على المسلمين. وقال ابن المنير: استقرت المذاهب على أنَّ الصناع في حوانيتهم يجوز لهم العمل لأهل الذمة ولا يعد ذلك من الذلة] اه.
حكم الصلاة في الكنائس
وقال الإمام أحمد بن إسماعيل الكوراني في "الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري" (4/ 509، ط. دار إحياء التراث): [استدل البخاري بحديث خباب على جواز إجارة المسلم نفسه للكافر الحربي، ودلالته ليست ظاهرة؛ لأنه كان قبل البعثة، فإن قلت: فما الحكم في ذلك؟ قلت: جوزه العلماء؛ لأنه نوع كسب] اه. فإذا كانت إجارة المسلم نفسه للكافر مشروعة؛ فمن باب أولى جوازها لأهل الكتاب.
وبناءً على ذلك: فالراجح لدينا ما ذهب إليه فقهاء الحنفية والحنابلة والزركشي من الشافعية؛ أنه يجوز للمسلم العمل في الكنيسة بأجرٍ على النحو المذكور بالسؤال؛ لأنه نوع كسبٍ مباح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.