جاءت زيارة رئيس المخابرات الإيرانية قاسمى سليمانى، إلى القاهرة بشكل سرى، لتطرح عديدًا من التساؤلات حول عودة العلاقات المصرية-الإيرانية من جديد، خصوصًا فى ظل توقيت الزيارة الذى واكب زيارة الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن إلى القاهرة، أمس "الإثنين"، فضلًا عن التساؤل حول العلاقات العسكرية بين إيران ومصر فى المرحلة القادمة وعلاقة القوات المسلحة المصرية بهذا التعاون. وكان سليمانى وصل إلى القاهرة، فى زيارة غير رسمية، تستغرق يومين، يجرى خلالهما محادثات مع مسئولين مقربين من الرئيس محمد مرسى. ويرى خبراء عسكريون أن هناك تعاونًا تم بالفعل بين السلطة الإخوانية فى مصر وبين إيران، للتصدى للأجهزة الأمنية فى مصر، بينما يرى آخرون أنه من المستبعد أن يتم هذا التعاون، وإن تم سيكون تعاونًا سياسيًّا فقط، لكن هناك رأيًا آخر يرى أن الصراع المذهبى بين السنة والشيعة سوف يقف عائقًا حول وجود أى نوع من التعاون. ويؤكد اللواء محمد علِى بلال قائد القوات الجوية فى حرب الخليج، إن زيارة رئيس جهاز المخابرات الإيرانية قاسمى سليمانى، إلى القاهرة، خطوة تمهيدية لعودة العلاقات المصرية-الإيرانية، لكن دون عودة العلاقات كاملة. وقال بلال ل"فيتو"، إن "هناك ارتباطًا قويًّا بين زيارة رئيس المخابرات الإيرانية وبين زيارة الرئيس الفلسطينى للقاهرة غدًا، حيث تؤيد إيران حركة حماس الفلسطينية أكثر من حركة فتح، ومحاولة تحسين العلاقات المصرية-الإيرانية تجعلها تلعب دور الوسيط بين الفصائل الفلسطينية فى ضوء وضع دور إيران فى الاعتبار. وأوضح أن مصر من الممكن أن يكون لها دور آخر فى الأزمة السورية فى ضوء الخطوات التمهيدية لعودة العلاقات الإيرانية-المصرية، خصوصًا بعد إعلان الرئيس محمد مرسى مساندته مطالب الثوار، بينما إيران تساند نظام بشار الأسد، مشيرًا إلى أن القاهرة سوف تكون مركزًا لإجراء بعض المصالحات للوصول إلى موقف ينهى الصراعات بين الفصائل الفلسطينية ككل ويغيّر موقف إيران من الأزمة السورية. من جانبه أكد اللواء حسام سويلم الخبير العسكرى، أن الغرض الأساسى من استقبال السلطة الإخوانية فى مصر لقاسم سليمانى رئيس جهاز المخابرات الإيرانية، هو تنظيم حرس ثورى إخوانى يواجه أى جهاز أمنى فى مصر، مما يساعدها فى السيطرة على السلطة. وقال سويلم إن "الإخوان لا يهمهم الرئيس الفلسطينى أبو مازن ولا المسجد الأقصى ولا الضفة، بقدر اهتمامهم بدعم حركة حماس". وأوضح أن عودة العلاقات المصرية-الإيرانية بهذا الأسلوب تؤدى إلى تدهور العلاقات المصرية-الخليجية. وركَّز على أن الإخوان المسلمين بعد وصولهم إلى السلطة يريدون تنفيذ مخططهم بتكوين حرس ثورى إخوانى فضلًا عن تنفيذ مخططهم فى سيناء والتصدى لأى جهاز أمنى سواء كانت المؤسسة العسكرية أو الشرطية. وأكد اللواء عبد المنعم كاطو رئيس فرع التخطيط بشعبة عمليات الجيش الثانى الميدانى فى حرب أكتوبر، أنه لا يمكن للإخوان المسلمين التحالف مع إيران بسبب اختلافهما وصراعهما المذهبى بين السنة والشيعة، وعلى الإخوان أن يقتصر دورهم داخل مصر حتى لا يخسروا. وقال "نأسف لزيارة قاسمى سليمان إلى القاهرة غير الرسمية، لأنها تثير تساؤلات كثيرة يجب على المسئولين فى مصر إصدار بيان رسمى يوضح طبيعة زيارة رئيس المخابرات الإيرانية إلى مصر، خصوصًا قبل المؤتمر الإسلامى الذى يُعقد بالقاهرة أول الشهر القادم". وأوضح أنه من الممكن أن تطرح إيران قضية البرنامج النووى الإيرانى فى المؤتمر الإسلامى وتريد من مصر المساندة فى الوقت الذى يكون فيه هذا البرنامج خطرًا على مصر لا إسرائيل وحدها، مشيرًا إلى أن إيران تعرف أن مصر هى مفتاح دول الخليج، لذلك تحاول تحسين العلاقات معها. وأضاف كاطو أنه من الممكن أن تلعب مصر فى ضوء تحسين علاقتها بإيران دورًا سياسيًّا على مستوى القضية الفلسطينية والأزمة السورية لا دور الوساطة. وشدَّد على أنه ينبغى على القيادة السياسية فى مصر أن تركز على الوضع الداخلى للبلاد، وأن لا تتورط فى شئون خارجية لأن القاهرة لن تكون مركزًا لمقابلات إيران وحماس، لأنه توجد دول أخرى مثل تركيا وروسيا، لعبت هذا الدور منذ فترة. أكد الدكتور فرج أبو النور المحلل الاستراتيجى، أنه ليس من المنطق أن يحدث تعاون بين الإخوان المسلمين وإيران فى الوقت الذى تتصدى فيه إيران لجماعة الإخوان المسلمين فى سوريا وتمنعها من الصعود إلى الحكم من خلال مساندتها نظام الأسد. وقال أبو النور إن "التعاون بين مصر وإيران من المفترض أن يكون من خلال بروتوكول تعاون أمنى جزئى وليس تعاونًا سياسيًّا، وهو أسلوب متعارف عليه فى جميع دول العالم". وركَّز أبو النور على أن الخبرات الأمنية غير قابلة للنقل من دولة إلى أخرى، خصوصًا مصر التى يختلف نظام الأمن فيها عن إيران. وأوضح أن النظام الإيرانى بعد الثورة لم يحطم الأنظمة الأمنية، لكن قام بعملية إحلال طويلة المدى من القاعدة إلى القمة على عكس ما تريده جماعة الإخوان المسلمين فى مصر.