محاولات مستميتة لإدخال صاحبة الجلالة «بيت الطاعة».. وشبهة عدم دستورية تطارد تشريعات البرلمان حول المهنة عبد الرحيم: هناك 4 مواد مخالفة للدستور.. وكيف يتم تجاهل النقابة في وضع قانون يخص الصحفيين؟! شكر: الهيئات الصحفية والإعلامية الثلاث قيدت حرية الرأى والتعبير.. ولدينا اعتراضات على ممارساتها «أبوسعدة»: نحذر من خطورة المادة 19 المتعلقة بمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي.. وقانون الإجراءات الجنائية معنى بقضايا النشر قلاش: مشروعات قوانين الصحافة ضد الأمن القومى للبلد.. وتفتح ثغرة الحبس الاحتياطي من جديد تبدو الصحافة الآن منهكة، تحاصرها المخاطر من كل جهة، ويترصد لها الجميع حتى نفر من أبنائها، وهناك محاولات مستميتة لإدخال "صاحبة الجلالة" بيت الطاعة، بقوانين مشبوهة، تتعارض مع الدستور، ولا تحظى بأى رضا من الجماعة الصحفية. قانون تنظيم الصحافة والإعلام الذى وافق عليه البرلمان مبدئيا "دُبر بليل"، ولم تشارك فى وضعه وصياغته نقابة الصحفيين ولا أى من الجهات المعنية بالمهنة، ولم تسمع فيه الحكومة لأى من الملاحظات الوجيهة التى خرجت من أصوات حذرت من عدم دستوريته ومن مخالفته الصريحة لجميع قوانين النشر. أزمة الصلاحيات، وحبس احتياطي، وفصل للصحفي، ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعي.. مواد تندرج تحت مجموعة عريضة تتضمنها مشروعات قوانين الصحافة والإعلام، التى أصبحت مثار خلاف وجدل، ولا سيما أنها أسفرت عن قرارات تجاوزت الجماعة الصحفية وامتدت إلى الرأى العام، هنا انتفضت الأطراف ذات الصلة، حاولت أن توضح بالحجة والدليل أسباب رفضها لهذه التشريعات التى وصفتها بقوانين «اغتيال الصحافة والإعلام» ديمقراطية الهوامش والأمن القومى من جانبه قال الكاتب الصحفى يحيى قلاش، نقيب الصحفيين السابق، إن القوانين تأتى لتنظيم الحقوق التي وردت في نصوص الدستور، ولكن مشروعات القوانين الجديدة الخاصة بالصحافة والإعلام، جاءت لتقيد هذه الحقوق وتمنعها، وبالتالى تحولت الهيئات الوطنية للصحافة والإعلام إلى هيئات رقابية في يد السلطة التنفيذية، تمنع ممارسة مهنة الصحافة والإعلام، بل تقضى تمامًا على الضمانات والمطالب التي حققها الدستور ومنحها للجماعة الصحفية، وكذلك تبديد الهامش تمامًا أو ما عرف ب« ديمقراطية الهوامش» أثناء حكم مبارك. وأضاف أن الدستور جاء بفلسفة ومشروعات القوانين جاءت بفلسفة مغايرة تمامًا، ويتضح ذلك في قرار حظر النشر في قضية مستشفى سرطان الأطفال 57357 الذي صدر من جهة غير معنية بالمنع، لدرجة تصل إلى العدوان على سلطة النيابة العامة كما جاء في بيان النائب العام، حيث جاء من خلال تفسيره الخاطىء لأحد المواد المتضمنة صلاحيات سيتم الحصول عليها حال تمرير قوانين تنظيم الصحافة، وهو مؤشر يوضح مدى كارثية حصول المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، على الصلاحيات التي يتضمنها القانون الجديد لتصبح شبه إلهية، غير ملتزمة بالدستور أو محترمة اختصاصات جهات أخرى كسلطة النيابة العامة، محاصرة للحرية الشخصية ورقيبة على مواقع التواصل الاجتماعي، بل وستفسر صلاحياتها وفقًا لهواها وستطبقها على من تشاء بطريقة انتقائية. وأكد قلاش أن المجلس الأعلى للصحافة سابقًا، لم يصدر يومًا قرارًا بحظر النشر في إحدى القضايا، أو قرارا ضد الصحفيين بشكل عام، حتى نقابة الصحفيين كانت دائما تطالب النيابة العامة، بأن تكون قرارات الحظر في أضيق الحدود ولابد أن تكون مسببة ومحددة المدة، ولاسيما أن النشر هو حق القارئ في المعرفة وفى الحصول على المعلومات، ولكننا أمام مجلس يتغول على صلاحيات النيابة العامة، وكذلك صلاحيات نقابة الصحفيين في التحقيق مع أعضائها، وهو ما يتعارض مع قوانين قائمة ونصوص الدستور، وأشار نقيب الصحفيين السابق إلى أن القانون الجديد الذي أبدى مجلس الدولة ملاحظات عديدة عليه، يفتح ثغرة للحبس الاحتياطي، هو الأمر الذي يعد مخالفة صريحة للدستور، الذي ألغى الحبس الاحتياطي في قضايا النشر، والعقوبات السالبة للحريات بشكل عام. أكد قلاش أنه ليس من مصلحة جميع الأطراف بما في ذلك المجتمع ككل، أن تقر هذه المشروعات على هذا النحو، لافتا أن الدولة المصرية من مصلحتها أن يكون بها هامش للتعبير ومساحة من الحرية تستطيع الصحافة من خلاله القيام بدورها، ولاسيما أن الصحافة والإعلام الحر يمثل قوة مصر الناعمة في ظل التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها الدولة، وبالتالى هذه المشروعات من أفتى بها ومن يدعمها يقف ضد مصلحة البلد وأمنها القومي. مظلة النقابة وتمنى «قلاش» أن يدار الحوار حول القوانين تحت مظلة نقابة الصحفيين، وينتج عنه موقف موحد في مواجهة هذه المشروعات، للمحافظة على ما تبقى للمهنة، مؤكدًا أنها المنوط بها قيادة الجماعة الصحفية، ودعوة الجمعية العمومية لأخذ رأيها، ومحاورة شيوخ المهنة، في ظل مصير سيئ يواجه المهنة، قائلا: هذا المصير سينتصر عليه الصحفيون، وذلك بحكم التاريخ، فهم إذا خسروا جولة لن يخسروا أبدًا معركة، وأتمنى أن ننتصر في هذه الجولة. عدم الدستورية جمال عبد الرحيم عضو مجلس نقابة الصحفيين، يرى من جانبه أن مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد، به شبهة عدم دستورية في 4 مواد، تختلف مع الدستور في أحكامها أولها المادة رقم 29 والتي تنص على أنه ألا يجوز الحبس الاحتياطي في قضايا النشر، إلا في جرائم التمييز بين المواطنين والطعن في الأعراض والتحريض على العنف، بينما تنص المادة 71 من الدستور، على إلغاء المواد السالبة للحريات، إلا في القضايا التي ترتبط بالتمييز بين المواطنين والطعن في الأعراض والتحريض على العنف، مؤكدًا أن نص المادة يشير إلى الحبس بحكم قضائى وليس الحبس الاحتياطي، وهو ما يؤكد وجود شُبهة عدم دستورية. وأوضح، أن المادة الثانية يتضمنها مشروع قانون تنظيم الهيئة الوطنية للصحافة، والذي أشار إلى تعيين السلطة التنفيذية ل75٪ من أعضاء الهيئة، وهو ما يتعارض مع الدستور، الذي أكد استقلالية الهيئة في مواده 211، 212، 213، أما المادة الثالثة فتتعلق بتشكيل الجمعية العمومية للمؤسسات الصحفية القومية، والتي أقر القانون تقليص عددها من 35 إلى 17 فقط، يتم تعيين 11 منهم و6 بالانتخاب و2 من العمال و2 من الإداريين و2 من الصحفيين، وهو ما يتعارض مع الدستور الذي ينص على استقلالية المؤسسات الصحفية، ويتنافى مع فكرة تعيين الأغلبية منهم، لافتًا إلى اللجنة الرباعية التي تشكلت من أعضاء نقابة الصحفيين لكتابة ملاحظاتها على القانون والتي أرسلتها للبرلمان أعادت الأمر إلى سابق عهده بحيث يترأس الجمعيات العمومية رؤساء مجلس الإدارات وقال «عبد الرحيم» إن العوار الرابع يتعلق بالمادة 77 من الدستور، والتي تنص على أخذ رأى النقابات المهنية في مشاريع القوانين التي تتعلق بها، موضحًا أن نقابة الصحفيين حتى موعد موافقة البرلمان على مشروع القانون بشكل مبدئي، كانت لا تعلم شيئا عنه، ولم تُخطر بالاطلاع عليه أو إرسال ملاحظاتها، موضحًا أن اللجنة التي تشكلت فيما بعد لصياغة الملاحظات طالبت بإلغاء تصاريح التصوير عدا الأماكن المحظور فيها النشر، وكذلك أبقت على وضع السن القانونية للمعاش في قانون 96 لسنة 1996 على أن يمد للصحفى إلى 65 عامًا وأكد أن مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد، أضاف نصًا خطيرًا، فيما يتعلق برؤساء مجالس الإدارات والتحرير، والذي يتيح للهيئة الوطنية للصحافة، عزل رئيس التحرير أو رئيس مجلس الإدارة من منصبه، ما يجعل المؤسسات القومية تحت مقصلة الهيئة في أي وقت. وقال «عبد الرحيم» إن قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بوقف النشر في قضية مستشفى 57357 هو "سابقة خطيرة" لم تحدث من قبل، والمجلس الأعلى للصحافة ومجلس الشورى لم يُصدرا مثل هذا القرار "المخالف للدستور والقانون"، مؤكدًا أن الجهات المُخول لها إصدار قرار بمنع النشر في أي قضية هم: النائب العام، إذا كانت النيابة العامة تنظر القضية، أو المحكمة التي تنظرها، وذلك إذا كان النشر يؤثر على سير التحقيقات. إعادة النظر في الصلاحيات حقوقيًا، قال عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن الهيئات الوطنية للصحافة والإعلام قيدت حرية الصحافة والإعلام، ويجب إعادة النظر في صلاحياتها التي أقرها القانون المؤسسى لتنظيم العمل الصحفى والإعلامي، وكذلك مشروعات القوانين التي وافق عليها البرلمان بشكل مبدئي، وبصدد الموافقة عليها نهائيًا. وأشار إلى أن المجلس القومى لحقوق الإنسان، اعتبر أن البرلمان تجاهله في عرض مشروعات القوانين المتعلقة بالهيئات الثلاثة وتنظيم الصحافة والإعلام، باعتباره معنيا بكل ما له علاقة بحرية الرأى والتعبير، وله الحق في إبداء رأيه في القوانين ذات الصلة، موضحًا أن البرلمان عرض على قومى حقوق الإنسان هذه التشريعات في اللحظة الأخيرة بعد أن أبدى المجلس استياءه، ولاسيما أن المجلس يرى أن كثيرا من المواد داخل هذه المشروعات تنتهك الدستور، ومنها الحبس الاحتياطي في قضايا النشر وحجب المواقع وكذلك مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي. وأكد «شكر» أن القرار الذي أصدره الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الخاص بحظر النشر في ملف مستشفى 75375 يسيء إليه أولا، ولطبيعة المنصب الذي يتولاه، وثانيًا للسلطة القضائية، فحظر النشر في قضية بعينها من اختصاص النائب العام وفى حالات خاصة ولأسباب محددة، وهو ما يفسر النقد الذي واجهه رئيس الأعلى للإعلام من جهات عديدة ومن الصحافة المصرية، التي تدرك خطورة مثل هذه القرارات على حرية الرأى والتعبير. قوانين غير دستورية ومن الناحية القانونية قال الدكتور حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن مشروعات القوانين تجاوزت صلاحياتها الدستور ذاته، بشكل أطاح بدور هذه المؤسسات الحقيقى في تنظيم عمل الصحافة والإعلام وحماية حقوق المنتمين إليها، وصون حرية الرأى والتعبير التي كفلها الدستور، كونه أعاد الحبس الاحتياطي في قضايا النشر، ومن غير المعقول أن يتضمن قانون لتنظيم الصحافة والإعلام مثل هذه المادة، باعتباره الحامى لحرية الصحافة وليس العكس، وخصوصًا أن هناك مواد في قانون الإجراءات الجنائية مسئولة عن المحاسبة في هذا الشأن. وأكد أن هناك خطورة حقيقية من المادة رقم 19 في مشروع القانون الخاص باختصاصات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، المتعلق بمراقبة الحسابات الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومحاسبتها إذا وصل عدد متابعيها 5 آلاف مستخدم باعتباره موقعا إخباريا، متسائلا هل المقصد من هذه المادة حصول المستخدم على تراخيص شأنه في ذلك شأن المواقع الإخبارية، أو أن يتحمل المستخدم نفس القيود التي يفرضها الأعلى للإعلام على الصحف في هذا القانون ؟!، مشددًا على خطورة هذه المادة كونها تعصف بالحرية الشخصية، مؤكدًا أن السوشيال ميديا مساحة للحرية، وحتى إذا تجاوز الشخص لحد يصل إلى السب والقذف، فهناك المادة 171 في قانون العقوبات منوطة بذلك. وأكد أن مشروعات القوانين مخالفة للدستور، ومن السهل الطعن عليها حال إقرارها على هذا النحو، مشددًا على ضرورة أن يحدث حولها حوار حقيقى يجمع الأطراف ذات الصلة، وفى القلب منها نقابة الصحفيين وشيوخ المهنة، وإلا ستضاف إلى رصيد مصر السلبى أمام العالم وتنضم إلى قوانين التظاهر والجمعيات الأهلية كأحد التشريعات سيئة السمعة، والتي من شأنها إحراج الدولة المصرية. حوار مجتمعى أما الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام السياسي بجامعة القاهرة، فطالب بإجراء حوار مجتمعى بشأن مشروعات قوانين الصحافة والإعلام، قبل أن يقرها البرلمان المصرى بشكل نهائي، ولاسيما أنه كان من المنطقى أن تطرح مشروعات القوانين قبل الموافقة المبدئية على الإعلاميين والمتخصصين لدراسته، بشكل يسمح للجميع أن يشارك فيه، ويستطيعون من خلال ذلك دراسته وتطويره، مشيرًا إلى أن هناك عددًا من المواد داخل مشروع قانون تنظيم الصحافة غير منضبطة تتعلق بتحديد مدة التدريب، وضبط عمل الصحفيين وفرض عقوبات مالية، والحبس لمن يعترض عملهم، وهو ما أكد عليه مجلس الدولة يوم الأحد الماضى.