طوال الأشهر الأخيرة، وتحديدًا قبل رحيل حكومة المهندس شريف إسماعيل، لم تتوقف وزارة الصحة، عن زف البشرى للمصريين بقرب تطبيق قانون التأمين الصحي، ليس هذا فحسب، بل امتد الحديث إلى أن سنوات قليلة وسيدخل الشعب المصرى بأكمله تحت مظلة التأمين الصحي، ولن تكون هناك أزمات صحية كالتي يعانى منها القطاع الآن. رحلت حكومة المهندس شريف إسماعيل، بعدما حددت بداية يوليو الجارى موعدًا للتطبيق الفعلى لمنظومة التأمين الصحى الشامل الجديدة في محافظة بورسعيد، ليكتشف الشارع أنه وقع ضحية ما يمكن وصفه بعملية «نصب حكومية» متكاملة الأركان، حيث إنه على أرض الواقع، بدأ شهر يوليو ولم تطبق المنظومة الجديدة، ولا تزال مستشفيات بورسعيد غير جاهزة، والإنشاءات وبناء الأبنية الجديدة مستمر، كما أن المستشفيات القائمة بالفعل التي كانت تعمل أصبحت تشهد تكدسًا رهيبًا من المرضي، وتوقفت الجراحات بعدد منها، وبحسب ما أعلنه الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة، إبان وجوده في الوزارة، فإنه تم الانتهاء من تجهيز 37 وحدة صحية في محافظة بورسعيد، لتقديم الخدمة ل750 ألف مواطن بورسعيدي، ممن يحملون رقما قوميا داخل المحافظة، ويحتاج للتطبيق 11 مليار جنيه داخلها. الوزير السابق أكد أيضا – منذ ثلاثة أشهر- أنه تم تجهيز 10 مستشفيات بالمحافظة «الزهور، المصح البحري، المبرة، بورفؤاد، بورسعيد العام، التضامن لأورام الكبار، النصر لأورام الأطفال، مستشفى الرمد، ومستشفى الأمراض النفسية»، إضافة إلى مستشفى الإصابات أبو خليفة، والذي يبعد 40 كم عن مدخل بورسعيد. بعد رحيل «عماد» جاءت الدكتورة هالة زايد، على رأس وزارة الصحة، لتجرى مبكرًا زيارة إلى مدينة بورسعيد، خرجت بعدها لتؤكد أنها سوف تعيد تقييم خطة التطبيق من جديد، وهو ما دفع البعض للإشارة إلى أن التأجيل سيكون مصير «التأمين الصحي»، وهو ما نفته الوزارة جملة وتفصيلًا، غير أن ما يحدث على أرض الواقع يؤكد– بما لا يدع مجالًا للشك- أن القانون مؤجل ولن يتم الإعلان عن تاريخ جديد للتطبيق. من جانبه قال الدكتور حلمى السويدى، أخصائى طب أسرة بمحافظة بورسعيد: المستشفيات لم يتم الانتهاء من تجهيزها كما تردد، وكل ما حدث هو تغيير الواجهات وهدم حوائط وبناء حوائط جديدة وتغيير الأرضيات دون تطوير الأجهزة الطبية بالمستشفيات فضلا عن عجز القوى البشرية من الأطباء، وكل ما فعلته وزارة الصحة بناء مراكز طبية، لكنها لم توفر الأطباء الذين من المفترض أن يعملوا فيها، وتابع: طبيب الأسرة سوف يكون نواة القانون والمنظومة الجديدة الذي يعمل داخل الوحدات الصحية التي تستقبل المرضى نظرًا لأنه لن يذهب مريض إلى أي مستشفى في القانون الجديد، إلا من خلال تحويله اليه بعد العرض على طبيب الأسرة، وعدد الأطباء الحاصلين على زمالة طب الأسرة ومتخصصين فيها لا يتعدى 10 فقط في المحافظة بأكملها، متسائلًا هل ال10 أطباء سوف يعملون بداخل كل وحدات الأسرة، لافتا إلى أنه كان يتردد بأنه سيتم التعاقد مع أساتذة جامعات لتشغيل المستشفيات، مشيرا إلى أن العجز الأساسى في الأطباء المقيمين، وهم القوة الأساسية لأى مستشفى حيث يظلون يعملون في المستشفيات على مدار 24 ساعة وليس الاستشاريين، كما أن أقسام المستشفيات بالمحافظة توقفت بالكامل بسبب التجديدات، وأكمل: الوزير السابق كان يعتمد في فكره على الأبنية والإنشاءات، بينما وزيرة الصحة الجديدة زارت المحافظة وأعلنت عن تدريب القوى البشرية. وحول ما تم الإعلان عنه من ميكنة مكاتب الأسرة بالمحافظة وتسجيل بيانات جميع المواطنين وعمل ملفات للمرضى إلكترونيا لم يتم تفعيله، قال: أعلن عنه الوزير لكن لم نره فعليا، وحاليا الملفات الورقية فقط للمرضى وليس كلهم لهم ملفات، وسوف تحصل على وقت كبير للغاية لتحويلها إلكترونيا، فضلا عن الحديث عن توفير أجهزة كمبيوتر وتابلت لم تتوفر بعد، وأضاف: أمامنا ما لا يقل عن 6 أشهر للانتهاء من الإنشاءات الحالية، وتصريحات تطبيقات القانون في يوليو «عنترية»، وحاليا يقدم نواب بورسعيد استجوابات للحكومة عن أسباب عدم تطبيق قانون التأمين حتى الآن، كما أن المستشفيات التابعة للتأمين الصحى فعليا، وهى التضامن والمبرة العمليات بها متوقفة منذ ثلاثة شهور، وكانت تجرى بها جراحات نساء وعظام وكل التخصصات، والمبنى المخصص لهيئة التأمين بالمحافظة تحت الإنشاء، وكشف أن الوعود التي تم إطلاقها حول زيادة رواتب طبيب الأسرة ل30 ألف جنيه كما تردد في وسائل الإعلام لم تطبق وراتب طبيب الأسرة 2000 جنيه فقط. في السياق قال الدكتور حسن الإسناوى نقيب «أطباء بورسعيد»: السبب في التأخير حتى الآن أنه لم يتم الانتهاء من البنية الأساسية للمستشفيات في المحافظة، كما أن الأمر لا يتوقف فقط على وزارة الصحة، بل هناك وزارات أخرى مثل التضامن والمالية، وتأخير التطبيق أمر متوقع، والوعد بتطبيقه في أول يوليو كان مستحيلا. في حين أكد الدكتور علاء غنام، عضو لجنة إعداد قانون التأمين الصحى الشامل أن دور ومسئولية وزارة الصحة التطبيق، مشيرا إلى أنه ربما يكون السبب الرئيسى في تعطل التطبيق عدم تجهيز البنية التحتية، وكذلك عدم توفير القوى البشرية المدربة، وشدد على أن التأجيل لمدة 6 أشهر لا يعنى وجود أزمة.