في نهاية شهر يونيه الماضي جمع الدكتور كمال الجنزوري متعلقاته من مكتبه بمقر مجلس الوزراء منهياً فترته الثانية في رئاسة الحكومة بعد قرار الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية بإقالته من منصبه وتكليف الدكتور هشام قنديل بتشكيل الحكومة الجديدة. ومنذ رحيل الجنزوري وتركه منصبه التزم الرجل الصمت وقبل بقواعد اللعبة السياسية عملاً بالحكمة المأثورة "إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت في عالم السياسة من ذهب"، ورغم العروض الكثيرة التى انهالت على رئيس الوزراء السابق من قنوات مصرية وعالمية إلا أنه رفض إخراج ما فى جعبته من أسرار، وجلس فى بيته يستمتع بما تبقى من عمره وسط أحفاده الصغار خوفاً من أن ينطق لسانه بكلمات قد لا تعجب السلطة الحاكمة أو أن تصل سهامه إلى من فى أيديهم مقاليد الأمور فيلقون به إلى التهلكة. وإذا كان الجنزوري قد قرر -مكرهاً أو مختاراً- الصمت وعدم الكشف عن كواليس الأيام التي قضاها في مجلس الوزراء وطبيعة العلاقة بينه وبين الرئيس مرسى بعد وصوله إلى الحكم فإن "فيتو" حصلت على معلومات مؤكدة من مصادر وثيقة الصلة به تكشف أسراراً جديدة في الصراع بينه وبين مؤسسة الرئاسة وتزيح الستار عن العقلية الانتقامية التي يتعامل بها الإخوان مع معارضيهم. المعلومات المتوافرة ووفقا لشهود عيان داخل مجلس الوزراء تؤكد أن الجنزوري وقبيل أيام قليلة من قرار الإطاحة به تلقى اتصالاً تليفونياً من رئاسة الجمهورية وكان على الطرف الآخر الرئيس محمد مرسى الذي تحدث إلى الجنزوري بلهجة حادة طالباً منه إصدار قرار وزاري بمصادرة أموال رجل الأعمال المعروف محمد أبو العينين. وطبقاً لرواية من حضروا الواقعة فإن "الجنزوري" أبدى امتعاضه من كلام الرئيس وبدأ يشرح له الآثار السلبية التي يمكن أن تلحق بالاقتصاد المصري حال صدور قرار كهذا وشدد على أن صدور قرار بمصادرة أموال رجل أعمال بحجم أبو العينين في السوق يمكن أن يؤدى إلى هروب المستثمرين الأجانب من مصر إلا أن الرئيس رد على الجنزوري بحسم قائلاً :" ده أمر رئاسى غير قابل للنقاش" ولم يجد رئيس الوزراء السابق رداً على مرسى سوى القول : "كده هندمر الاقتصاد ياريس". انتهت المكالمة بين الجنزورى ومرسى دون أن ينجح الأول في إقناع الثاني بخطورة ما يريد فما كان منه إلا أن صرخ فى الحضور :" واضح إن الراجل ده اتجنن .. تصوروا عايزنى أصادر أموال أبو العينين .. هو مش عارف إيه اللى ممكن يحصل لو عملنا كده". الغريب أن الجنزورى لم يستسلم للرئيس ودعا المجموعة الاقتصادية في مجلس الوزراء إلى اجتماع طارئ وشكل لجنة كلفها بإعداد دراسة وافية عن الخسائر التي قد تنتج عن قرار المصادرة، ولم تستغرق اللجنة وقتاً طويلاً وعادت فى اليوم التالى إلى رئيس الوزراء بدراسة وافية تؤكد أن مصر ستخسر مليارات الجنيهات ناهيك عن السمعة السيئة للسوق المصرى فى الخارج حال مصادرة أموال أبو العينين، ولم يكذب الجنزورى خبراً وأرسل الدراسة على الفور إلى رئاسة الجمهورية مختومة بخاتم "سرى للغاية" يصل ويسلم إلى يد السيد الرئيس. عند هذا الحد انتهى دور الجنزوري فى القصة وبدأ فصل جديد من الصراع بين أبو العينين من جانب وشخصيات محسوبة على الإخوان من جانب آخر بعد أن وصل إلى مسامع رجل الأعمال المعروف أن هناك نية مبيتة للتخلص منه والاستحواذ على ممتلكاته، وقتها أدرك أبو العينين أن الأوضاع ليست فى صالحه وأنه يجب عليه أن يمد جسور الاتصال مع الإخوان للتوصل إلى صيغة اتفاق تمكنه من الاستمرار في ممارسة نشاطه الاقتصادى دون أى مضايقات من الجماعة وممثلها فى قصر الرئاسة. غير أن رجل الأعمال الإخوانى حسن مالك تدخل لحل الأزمة، حيث أكد سيطرح الأمر على قيادات مكتب الإرشاد ليقرر ما يراه وحينما علم النائب الأول للمرشد المهندس خيرت الشاطر برغبة أبو العينين فى الجلوس مع الإخوان طلب من قيادات الجماعة تكليفه بالتفاوض معه وقيل إن هناك اجتماعات سرية تمت بين نائب المرشد وأبو العينين انتهت بالتراجع عن قرار مصادرة أمواله والسماح له باستكمال نشاطاته ومن يومها لم يتعرض أبو العينين لأي مضايقات!!!!!