«كعب داير» لأم أرادت نقل ابنتها من مدرسة إلى أخرى يتردد يوميا على مجمع التحرير ما يقرب من 100 ألف مواطن، يتوافدون على المبنى العتيق من مختلف محافظات الصعيد والوجه البحرى لقضاء مصالحهم. ويحوى المبنى بين جنباته 1310 غرف، مقسمة على 14 طابقا، تمثل 28 هيئة حكومية و13 وزارة، وبالرغم من أن النوافذ تملأ المجمع، فإنه فور أن تطأ قدماك بداخله، تجد أن الظلام يسيطر على بهوه، أدوار كثيرة، وممرات أكثر، يكثر بها وجود المواطنين، وطوابير تصطف أمام الأسانسير، وضجيج يعكر صفو سمعك، والجميع يمسك بيده ملفا تخرج الأوراق منه سواء كان موظفا أو مواطنا، فالورق داخل المجمع سيد الموقف، فهو وسيلة كل مواطن للحصول على مصلحته، وبداخل كل ملف قصة لا يعلمها إلا حامله، وفى كل ورقة مشاوير قضاها المواطن في عز الحر، حتى يحصل عليها وهى ممهورة بختم المؤسسة التي يقصدها، رحلة عناء، والنصر لصاحب النفس الطويل، أما الذين يرغبون في قضاء مصالحهم بكل سهولة وسرعة، لا مكان لهم داخل المجمع. "س،ا" مهندسة بأحد مكاتب محافظة القاهرة داخل المجمع، تقول إن التكنولوجيا يتم استخدامها على استحياء في كل المكاتب، وإن أجهزة الكمبيوتر ليست موجودة بكل الإدارات، فهى في الغالب توجد في مكاتب مراكز المعلومات ومكاتب سكرتيرى المديرين، وبعض الإدارات التي تحتاج إلى الكشف على بيانات المواطن عبر الكمبيوتر، كإدارات التسكين. وأوضحت أن 90% من أجهزة الكمبيوتر الموجودة بمكاتب المحليات والأحياء، ليست متصلة بشبكة الإنترنت، وأن هناك مكاتب تتصل أجهزتها بالإنترنت من خلال "يو إس بى"، وبالتالى يوجد مشكلة في شحنها كل شهر، لذلك تظل بعض الأحياء بدون إنترنت لشهور لحين حل المشكلة. وأوضحت أن التواصل بين مكتب المحافظ والأحياء والمديريات تتم بالفاكس، ويتم الاعتماد على أجهزة الكمبيوتر فقط في كتابة الورقة، ولكن يتم إرسالها عن طريق الفاكس، مشيرة إلى أنه من الممكن أن يكون هناك اجتماع مباشر بين المحافظ ورؤساء الأحياء، ولكن التعليمات الشفوية لا قيمة لها؛ لأن المخاطبات الرسمية هي المنهج الذي ينتهجه المسئولون، وذلك خوفا من المساءلة القانونية، ضاربة المثل، بتنفيذ قرارات الإزالة، فلابد أن تتم من خلال مخاطبات رسمية بين الحى وقسم الشرطة ومكتب النائب ومكتب المحافظ، ويعتمد الجميع على المخاطبات الرسمية، لعدم تحمل المسئولية حال حدوث كارثة، فيستخدم خطابه الرسمى، للدفاع عنه، لذلك هناك حالات كثيرة سيصعب التعامل بها من خلال التكنولوجيا، لأنها تكون دليلا في بعض الأوقات. وأشارت إلى أنه أحيانا يتم إرسال الأوراق بين رئيس الحى والنائب من خلال بعض الموظفين إذا كان الأمر عاجلا، ويتم تسجيل الأوراق برقم وارد، أو عن طريق البريد في بعض الأوقات، لذلك يعانى دائما المسئولون من تراكم "البوسطة"، فالقيادات بالمحليات من المفترض أن يكون مكانهم الشارع لمتابعة ما يتم، ولكن في حال عدم ذهاب رئيس الحى إلى مكتبه ستصبح مصالح المواطنين معلقة، حيث إن البوسطة تتضمن دائما شكاوى وطلبات المواطنين، لافتة إلى أن الروتين يسيطر على التعامل بين القيادات المحلية. وأوضحت أن رجال المتابعة الميدانية بمكتب المحافظ، بدءوا في استخدام التكنولوجيا وتسخيرها في مهام عملهم منذ شهور قليلة، حيث تم توزيع أجهزة حديثة تمكنهم من رصد المخالفات في الشارع وإرسالها إلى مكتب المحافظ عن طريق "الواتس آب"، لإخطار رئيس الحى بها تليفونيا، لحلها بشكل فورى بعيدا عن الورق، مؤكدة أن هناك رؤساء أحياء قاموا باستخدام التكنولوجيا في التواصل مع المواطنين، ولكنهم ليسوا بكثيرين، أما الغالبية منهم، فلا يدرك التعامل مع أجهزة الكمبيوتر وأجهزة "الأندرويد". وقالت إن هناك بعض الملفات تم أرشفتها إلكترونيا بالفعل، على ملفات "وورد"، كالمخالفات على أراضى الدولة بكل حى، ومجهودات كل حى في الحملات التي يتم شنها، ومعلومات عن الأماكن ذات الخطورة الداهمة، وموقف كل منطقة، أيضا المشاريع الإسكانية بالمحافظة، كل البيانات المهمة يتم أرشفتها إلكترونيا، ومعظمها في برنامج "باور بوينت "، حتى يتنسى عرضها على المحافظ أثناء الاجتماعات. وأكدت سيدة رزق أنها من أجل نقل نجلتها من مدرستها الإعدادية إلى مدرستها الثانوية، كانت تحتاج إلى تأشيرة من نائب المحافظ "فوق الكثافة"، وبالفعل حصلت عليها، مشيرة إلى أن التأشيرة لا بد أن تذهب إلى الإدارة التعليمية التي توجد بها المدرسة المرغوب الانتقال إليها وهى إدارة غرب القاهرة التعليمية، والبحث عنها في إدارة التعليم الثانوى، ولابد أن تتابعها برقم الوارد والصادر لها. وأوضحت أنها بدأت مشوارها بعد إعلان نتيجة تنسيق القبول بالثانوى العام، حيث قامت بسحب ملف نجلتها من المدرسة، ثم استخراج بيان نجاح، وتسكين نجلتها في مدرسة ثانوى بنفس الإدارة التعليمية التي كانت توجد بها مدرستها الإعدادية، ثم الحصول على موافقة نائب المحافظ، حتى يتسنى نقل نجلتها إلى مدرسة ثانوى بإدارة تعليمية أخرى، وبعد ذلك بدأت رحلتها مع الإدارة، وحتى الآن لم يتم الرد عليها في موافقة المدرسة على قبول نجلتها من عدمه. وقالت: "جريت بورق كتير أوى أوى وحتى الآن مش عارفة بنتى هتتقبل ولا لا، رغم أنى جبت تأشيرة نائب المحافظ،، وبيقولى هيردوا عليا في شهر أغسطس، طب عاوزة أعرف بدرى عشان أتفق مع باص المدرسة وأجيب اللبس، دوخت وطلعت ونزلت سلالم المجمع ميت مرة". من جانبه أكد حمدى عرفة، خبير الإدارة المحلية، أنه لابد أن يتم إحداث ثورة في المحليات واستخدام التكنولوجيا لمواكبة العصر، لافتا إلى أنه يجب تعيين معاون لكل وزير لشئون التكنولوجيا، يكون من شأنه تسخير التكنولوجيا من أجل تطوير المنظومة التي سيعمل عليها.