اعتبر «الدكتور جمال فرويز - استشارى الطب النفسي» أن السلطة ليست مفسدة لكنها ملتقى لبعض المفسدين، مؤكدًا أن الفساد مرض مزمن، وأصبح هو الأساس والمسيطر على المجتمع منذ 41 عامًا. «فرويز» شدد على أهمية إجراء اختبارات نفسية قبل تولى المناصب لتقييم الأشخاص والوقوف على مدى صلاحيتهم للمناصب، موضحًا أن أمريكا تطبق الاختبارات النفسية لكل المناصب بالدولة، وتعتبره شرطًا أساسيًا لتولى المنصب.. تفاصيل أخرى في سياق الحوار التالي: في رأيك.. ما أسباب انحراف بعض أصحاب المناصب المرموقة بالدولة وتورطهم في قضايا أخلاقية وجنائية؟ لدينا أنواع من الشخصيات الأولى «السيكوباتية»، المضادة للمجتمع، ويكون لديها سلبية ولا مبالاة ولا مشاعر ولا أحاسيس، وتكرار التصرفات تأتى من الوراثة والتربية، والشخصيات تنقسم لسيكوباتى عاجز، وهو نوع يميل للسرقة والمخدرات والاغتصاب، وتكون عادة منذ صغره. أما النوع الثانى فهو «السيكوباتى المتصعد»، والذي يضع عينه على منصب في الحياة، يريد أن يصل إليه، وتكون رغباته ناحية الخطأ، ويظل يجمع رغباته لحين وصوله إلى هذا المنصب، وعندما يصل إليه يستغله لأغراضه الشخصية، ولا يحترم منصبه، فيبدأ في استغلال هذا المنصب لأغراضه الشخصية، ودائما يتوارى في عمله داخل المنصب ثم بعد ذلك عندما يصل للمناصب الكبرى يبدأ في ارتكاب المخالفات، واحدة تلو الأخرى، لذلك فهو شخصية مضطربة، له علاج إذا أراد فقط، والعلاج يعدل الشخصية ولا يبدلها. هل ترى أن السلطة أصبحت مفسدةً للبعض؟ السلطة ملتقى لبعض المفسدين، فهناك شخص سيئ وشخص حسن، السلطة ليست مفسدة وليست هي التي تفسد الشخص، لكن البعض ينجح في الوصول إلى المنصب من خلال التضحية بالكثير من الرغبات السيئة، وعندما يصل إلى المنصب يبدأ في اقتراف الخطايا، لذلك فهو في الأساس شخصية مضطربة تربت على هذا الواقع، بدون رقابة عليه في الصغر، فرأى في أبيه أو أمه ذلك، لكن ذكاء الشخص أنه لا ينكشف أمام أحد. الوراثة والتربية والخبرات الحياتية تلعب الدور الأكبر والأهم في تكوين الشخصية، يتربى على ذلك منذ الصغر أن يصنع المصائب ولا أحد يعلم، ومنهم من يتحدث عن الفضيلة ويدافع عنها ليبعد الشبهات عن نفسه. البعض يرى الفساد مرضا مزمنا يحتاج لعلاج.. ما تعليقك؟ كلام صحيح، لأن الفاسد حاليًا أصبح هو الأساس والمسيطر، والفساد في المجتمع المصرى، وببساطة الفساد مرض اضطراب شخصي، لا بد من معالجته، وخاصة أنه من أسوأ أنواع الشخصيات، وله علاج في حال رغبة الشخص في العلاج، يستطيع أن يجعله يسيطر على رغباته. في النهاية العلاج لا يغير الشخصية لكنه يعدلها فقط، والعوامل الوراثية تلعب دورًا كبيرًا في الإنسان، حيث يمكن تغيير الشخص قبل 16 عامًا، لكن العوامل الوراثية والبنية والخبرات الحياتية بعد 16 عامًا من الصعب تغييرها، لكنه يمكن تعديلها فقط. إذًا فما الحل لتلافى مثل هذه الأمور غير الأخلاقية والجنائية؟ أن تكون التربية من البداية تحت السيطرة، خاصة أن كل ذلك أمور أساسية في نشأة الإنسان، والتعليم والإعلام لا بد أن يكونا تحت السيطرة كذلك، ولا بد من إجراء اختبارات نفسية لأى شخص سيتولى منصبًا مهمًا، خصوصًا المواقع القضائية والدبلوماسية والوزارية. الولاياتالمتحدةالأمريكية تطبق الاختبارات النفسية في كل المناصب بالدولة، لذلك هناك نجاح كبير، وأى عمل هناك من مسوغات التعيين به الاختبارات النفسية. هل يميل أي شخص بطبيعته النفسية لارتكاب الجرائم والخطأ؟ الشخص لا يميل بطبيعته للخطأ، الشخص لديه استعداد أن يكون صالحا أو طالحا، وهو ما حدث بعد ثورة 25 يناير، عندما كان بعض الأشخاص يقطعون الطرق ويحرقون، وعندما أعيد الأمن مرة أخرى، بدءوا في التراجع مرة أخرى، لذلك فإن الشخص ليس بطبيعته يميل للخطأ، ولكن التأثيرات الحياتية والتربية والوراثة هي التي تؤثر في الشخصية. كيف يمكن إقناع شخص بعدم ارتكاب مثل هذه الجرائم ومعالجتها؟ العلاج يكون في البداية فقط، لكى تصلح تمامًا، لكن ما بعد ذلك يكون تعديلًا وليس علاجًا نهائيًا، وهنا نؤكد على أن التغيير أمر مستحيل، والتعديل يكون عن طريق العلاج والجلسات النفسية في حال إذا أراد الشخص ذلك، لكنه في حال رفضه فلن يؤثر فيه أي تعديل أو علاج. هل طبيعة الإنسان وحبه للمال يدعوانه لارتكاب مثل هذه الجرائم؟ ليس بالضبط لكن يرجع الأمر إلى ما تربت عليه الشخصية، فإذا تربت في بيت لديه أموال وثرى ووالده ثرى، لن يكون ذلك بحسبانه، ولن تكون الأموال هي الأساس بالنسبة له، أما النوع الثانى فهو الذي يفتقد إلى الأموال ويسعى للحصول عليها بأى طريقة. ليس المال هو كل الحياة ومتاعها، لكن هناك من الأشخاص من يكون المال لديه هو الحياة، مثل الشخص الذي يكنز الأموال فهو أيضا محروم منها، وهناك أشخاص أيضا لديهم نقص في الأموال، ويريدون أن يعوضوه بأى طريقة مهما كانت.