«مستشفى للتحويلات»، عبارة بسيطة وموجزة ولكنها معبرة عن الحالة السيئة التى وصل إليها مستشفى مركز أبوتشت المركزى بمحافظة قنا, فلم يعد له دور بفعل الفساد والإهمال سوى ترحيل جميع الحالات المرضية التى يستقبلها إلى مستشفى قنا العام أو أسيوط الجامعى أو سوهاج، لعدم وجود إمكانيات طبية به وصار يصفها مرتادوها بأنها سلخانة للمرضى. «فيتو»، تمكنت من اختراق جدران المستشفى وتحدثت مع بعض الممرضات لمعرفة ما يحدث داخل جدران المستشفى, وضياع حلم النهوض بالقطاع الصحى الذى حلم به كل المصريين مع اندلاع ثورة 25 يناير. صابرين محمد، رئيسة هيئة التمريض بالمستشفى، قالت إن سكن الممرضات غير آدمى ولا يصلح للإقامة به, فجميع النوافذ به محطمة وبالتالى الإقامة مرعبة لأن الممرضات يتعرضن إلى هجمات البلطجية يوميا فى المساء، وتحطم النوافذ يشجع البلطجية على ذلك. « الغرف ليس بها دورات مياه أو أسرة ملائمة للإقامة، وعدد كبير من الممرضات طلبن النقل إلى مستشفيات أخرى لهذا السبب», هكذا استكملت صابرين وصفها لغرف الإقامة السيئة للمرضات. أما إحسان على، عاملة نظافة فى مغلسة المستشفى، فقالت إن وحدة الغسيل والنظافة بدائية جدا، فالمستشفى يحتوى على غسالة قديمة متهالكة يتم وضع ملايات الأسرة بها ونقوم بعدها باستكمال تنظيفها بالأيدى وأدوات التنظيف اللازمة للتطهير غير متوفرة بالمستشفى. عدلى حسين, عامل بالمستشفى التقط أطراف الحديث وقال إن المستشفى لا يوجد به أسانسير دائم العمل, ونضطر لهذا السبب لحمل المرضى على ظهورنا لوضعهم فى غرف الإقامة فى الطابق الثانى، وطلمبة الكهرباء بها عطل كبير، ما يتسبب فى فصل الكهرباء عن غرف المستشفى وحضانات الأطفال وهو ما يعرضهم للخطر. من جانبها، قالت إحدى الممرضات بالمستشفى إنه تم تخصيص غرفتين بالطابق الأرضى لوحدة الغسيل الكلوى تشبه البدروم إلى حد كبير, ويتم التبديل على أجهزتها كل 4 ساعات، والمكان ضيق ولا يتسع للمرضى ويتم تشغيل الوحدة لأكثر من 16 ساعة يوميا فى ظل عدم وجود طبيب متخصص, وعلى الرغم من ذلك هناك أكثر من 90 حالة تحت العلاج. المأساة الحقيقية فى قسم الحضانات بالمستشفى, فهو عبارة عن بيت زجاجى يضم 5 أطفال فقط والتكييف معطل، ونتيجة لذلك يتم فتح النوافذ للتهوية لمدة عشر دقائق كل نصف ساعة لطرد سخونة الأجهزة حتى لا يصاب الأطفال بالاختناق، وهم بذلك عرضة للميكروبات والفيروسات. أما «غرفة الرضاعة للأمهات»، فأكدت بخيتة محمد أنها تعانى بشدة فى الساعات الأولى من الصباح بسبب ارتفاع درجة حرارة الغرفة، بالإضافة إلى أن تصميمها يجعلها مكشوفا للمارة فى فناء المستشفى المطل على الشارع، وهى خالية من أى وسيلة تهوية. وفى الطابق الثانى تجد قسم تعلوه لافتة مكتوب عليها «قسم الرجال»، وعند الدخول إليه تجده يشمل الرجال والنساء لأن بداخله قسم «الولادة»، حيث تجد السيدة التى وضعت حملها قد خرجت إلى غرفة الإفاقة وإلى جانبها رجل مريض، ما يجبر أهل السيدة بعمل حاجز أو ساتر بإحدى «الملايات» حتى تحتفظ سيدات أبوتشت بجزء من حيائهن الضائع نتيجة عدم تقدير المسئولين لأبسط حقوق الإنسان الآدمية.