بخطوات ثقيلة، وجسد منهك، وعَيْنَيْن يطل منهما رعب من مجهول، اقتربت بهدوء من صديقى الجالس بركننا المعتاد داخل المقهى.. بادرنى منزعجا بالسؤال: ياساتر يارب مالك ياصابر؟! قلت: مشكلة رهيبة رهيبة.. قال لى احكى بسرعة.. بدأت أحكي: باختصار.. لقيت نفسى واقف أمام رئيس المباحث والدماء تلطخ وجهى وملابسي، ومن خلفى وقف مخبر قوى البنيان وبيده شاكوش كبير وقد غطته الدماء.. سألنى الضابط إيه اللى حصل.. قلت: = اللى حصل حصل ياباشا كل الناس شافته مفيش داعى أكرره. قال: ماليش دعوة بالناس، أنا عايز أسمع منك إيه اللى حصل؟ =ضربته ياباشا. ليه؟ = قليل الأدب. حتى لو قَل أدبه.. تعمل فيه كده ياصابر؟ = ماهو مش أي قلة أدب ياباشا. يعنى عمل لَك إيه وللا قال لك إيه بالظبط؟ = قاعدين على باب ورشة الأسطى عرفة الحداد زى كل يوم، كنا بنتكلم في الحالة والأسعار والعيشة الضنك والمصاريف والدروس والفول والطعمية والبصارة والبتنجان اللى نشِّفوا دمنا.. وبعدين الكافر السافل عمل حاجة مستحيل حد يتحملها. يعنى قال ألفاظ قذرة؟ = لأ. لامؤاخذة غلط في حريم تخُصَّك؟ = لأ. قلع عريان في الشارع؟ = لأ. شتمك؟ = لأ. يبقى أكيد سب الدين؟ = لأ. اتكلم ياصابر.. جننتني.. قول عمل إيه عشان تكسر دماغه بالشاكوش؟! = جَهَر بالمعصية ياباشا.. جَهَر بالمعصية. يعنى عمل إيه اتكلم؟ = قلنا نشرب شاي.. الأسطى عرفة صب لنا الشاي، لقيته بيقول مش هشرب شاي، أنا هاشرب حاجة ساقعة. تقوم تخبطه بالمرزَبَّة؟! = ياباشا مش هو دا السبب. أمَّال إيه السبب قول؟ = الأسطى عرفة قال له مش عوايدك.. ليه هاتشرب حاجة ساقعة الليلة؟ رد وقال أصلى متغدى "فخدة ضاني". وبعدين؟ = ماحسيتش بحاجة.. لقطت المرزَبَّة من جوه الورشة ونزلت بيها على دماغه. هنا توقف صابر عن الاسترسال فسأله صاحبه: كمِّل.. وبعدين؟ = قال صابر: في اللحظة دى ياصاحبي، دخل عامل الديليفري، وحَط على مكتب الظابط تشكيلة مشويات كباب على نيفة على ريَش على موزة بخلاف السلاطات. سأله صاحبه: وبعدين؟ = قال: فِضِلْت ابُص للأكل، وماحسيتش إلا وأنا باخطف المرزبَّة من إيد المخبر، ورُحت رافعها لفوق وانا باهتِف بعلو حِسِّى الله أكبر.. وهوووووب. سأله صاحبه بشغف: ها.. قول عملت إيه؟ = ولا حاجة.. صحيت من النوم. صاحبه: صحيت ليه في التوقيت المثير ده؟! = ياعم مش عايز مشكلات مع الداخلية.