قال الصحفي رشاد كامل في حوار مع الدكتور يوسف إدريس، نشر بمجلة صباح الخير عام 1985: كانت أول قصة نشرت لى في الأهرام بعنوان "الخدعة" وقد تسببت في فصلي من العمل بجريدة الأهرام عندما فسرها رجال الاتحاد الاشتراكي للرئيس جمال عبد الناصر أنه هو المقصود ببطل القصة. انقذني الأستاذ محمد حسنين هيكل بتفسير مغاير للقصة وأبلغه للرئيس عبد الناصر. وكانت القصة ببساطة عن رأس جمل يظهر للناس في كل مكان.. في منازلهم، في الأتوبيس، وفي الحمام وقام هيكل بنشر القصة في الأهرام كأول قصة لأديب ناشئ، سافرت بعد النشر إلى الإسكندرية في إجازة عشرة أيام، وعندما عدت إلى الأهرام وجدت الزملاء ينظرون لى بدهشة، وقال لى أحدهم صحيح أنت اترفدت؟ ضحكت وقلت اترفدت إيه يابنى دا أنا يادوب اتعينت. فقال الزميل لا يا دكتور أنت فعلا اترفدت، فدخلت على الفور إلى مكتب هيكل ضاحكا وقلت له "تصور يا أستاذ العبط اللى برة قالوا إنى اترفدت". قال هيكل ببرود شديد أنت فعلا اترفدت، ثم دعاني للجلوس وقال الجماعة في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى افهموا الرئيس عبد الناصر أن قصة الخديعة أنت كتبتها عنه شخصيا وأنك المقصود برأس الجمل. قلت يانهار أسود.. طيب وأنت قلت له إيه، فقال قلت إن رأس الجمل معناها النكسة التي تحوط الناس في كل مكان وإنهم غير قادرين على نسيانها، وأضاف على العموم بعد شهر على الأقل سوف ترجع الأهرام تانى ومرتبك ماشى بدون مشكلات. كان تفسير هيكل للخدعة أكبر منقذ لى لأن هذه القصة كانت زى ما قلت أول عمل ينشر على بلاطة ضد جمال عبد الناصر وضد وجوه شديدة الوضوح في الحياة، خاصة أن خاتمتها تقول (إلى أمامه يتطلع ولا يتحرك، ولا يتعصب، ولا يرضى، ولا يحفز ولا يثبط.. لا يفعل شيئا أبدا إلا أن يطل مجرد بطل).
