وزير التعليم يصل محافظة أسيوط لمتابعة الاستعدادات للعام الدراسي الجديد    بتكلفة 7.5 مليون جنيه: افتتاح 3 مساجد بناصر وسمسطا وبني سويف بعد إحلالها وتجديدها    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد سير أعمال تعديل الحركة المرورية بميدان الزراعيين    دبلوماسي سابق: المجتمع الدولي يدرك أهمية حل القضية الفلسطينية    "صنع في إنجلترا".. شكل درع الدوري المصري الجديد قبل تسلميه للأهلي "صور"    موعد مباراة أوجسبورج وماينز في الدوري الالماني والقنوات الناقلة    طعن كلٌ منهما الآخر.. طلب التحريات في مصرع شابين في مشاجرة ببولاق الدكرور    العرض الأول لفيلم "لعل الله يراني" للفنانة سهر الصايغ بالدورة ال40 لمهرجان الإسكندرية السينمائي    مفتي الجمهورية يشارك في أعمال المنتدى الإسلامي العالمي بموسكو    حزب الله يعلن قصف مقر الدفاع الجوي والصاروخي لجيش الاحتلال في ثكنة كيلع بصليات    خالد عبدالغفار: التشخيص الدقيق والمبكر هو الخطوة الأولى نحو الرعاية الصحية المتكاملة.. صور    صفارات الإنذار تدوي في نحو 20 مستوطنة وبلدة شمال إسرائيل والجولان    الزراعة: جمع وتدوير مليون طن قش أرز بالدقهلية    دون إصابات.. السيطرة على حريق بجوار إدارة تعليمية في قنا    وفاة مدير التصوير والإضاءة فاروق عبد الباقي.. موعد تشييع الجنازة    الأرصاد الجوية تحذر من نشاط رياح مثيرة للرمال والأتربة على المحافظات    تصل للحبس، محامٍ يكشف العقوبة المتوقع تطبيقها على الشيخ التيجاني    وزير التعليم العالي يهنئ العلماء المدرجين بقائمة ستانفورد لأعلى 2% الأكثر استشهادا    وزير المالية: نستعرض أولويات السياسة المالية لمصر فى لندن    خطبة الجمعة بمسجد السيدة حورية فى مدينة بنى سويف.. فيديو    تأملات في التسهيلات الضريبية قبل الحوار المجتمعي    "واشنطن بوست": اشتعال الموقف بين حزب الله وإسرائيل يعرقل جهود واشنطن لمنع نشوب حرب شاملة    مطالب بتسليم المكاتب السياحية لتعزيز الحركة الوافدة في الأقصر قبل ذروة الموسم الشتوي    ضبط شخصين قاما بغسل 80 مليون جنيه من تجارتهما في النقد الاجنبى    تشغيل تجريبى لمبنى الرعايات الجديد بحميات بنها بعد تطويره ب20 مليون جنيه    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    أول بيان من «الداخلية» بشأن اتهام شيخ صوفي شهير بالتحرش    ليكيب: أرنولد قدم عرضًا لشراء نادي نانت (مصطفى محمد)    انقطاع المياه غدا عن 11 منطقة بمحافظة القاهرة.. تعرف عليها    وثائق: روسيا توقعت هجوم كورسك وتعاني انهيار معنويات قواتها    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    فعاليات ثقافية متنوعة ضمن مبادرة «بداية جديدة لبناء الانسان» بشمال سيناء    انطلاق قافلة دعوية إلي مساجد الشيخ زويد ورفح    «الإفتاء» تحذر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم بالموسيقى: حرام شرعًا    أزهري يحسم حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024 في المنيا    ضبط 4 متهمين بالاعتداء على شخص وسرقة شقته بالجيزة.. وإعادة المسروقات    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    محافظ القليوبية يتفقد تشغيل مبني الرعايات الجديد ب«حميات بنها»    مستشفى قنا العام تستضيف يوما علميا لجراحة المناظير المتقدمة    خبيرة تغذية: الضغط العصبي والقلق من الأسباب الرئيسية لظهور الدهون بالبطن    وزير الإسكان: طرح 1645 وحدة متنوعة للحجز الفوري في 8 مدن جديدة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام ضمك.. توني يقود الهجوم    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    بلغاريا تنفي بيع إحدى شركاتها لأجهزة بيجر المستخدمة في انفجارات لبنان    «ناس قليلة الذوق».. حلمي طولان يفتح النار على مجلس الإسماعيلي    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    دعاء يوم الجمعة للرزق وتيسير الأمور.. اغتنم ساعة الاستجابة    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    جرس الحصة ضرب.. استعدادات أمنية لتأمين المدارس    شهداء ومصابون إثر استهداف سيارة بشارع البنات في بيت حانون شمال قطاع غزة    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    القوات المسلحة تُنظم جنازة عسكرية لأحد شهداء 1967 بعد العثور على رفاته (صور)    حرب غزة.. الاحتلال يقتحم مخيم شعفاط شمال القدس    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    ملف مصراوي.. جائزة جديدة لصلاح.. عودة فتوح.. تطورات حالة المولد    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيد قطب .. العنف يبدأ فكرة

سيطرة المادية على القيم الروحية فى أمريكا أصابته بالصدمة فعاد وهاجمها
تأثر بالمودودي و«الحاكمية» فتحولت كل المجتمعات إلى خوارج عن المنهج
لم يكن سيد قطب «مرحلة فكرية واحدة» أطلت علينا بغتة دون أن يكون لها مقدمات ولكنه كان نسيجا فكريا مُرَكبا تشكل على مهل من الطفولة إلى المشنقة، وما بين البداية والنهاية كان سيد قطب الشاعر الشفيف الملهم الناقد صاحب النفسية الاستشرافية، ثم سيد قطب المفكر الباحث الذي يرتشف رحيق المعارف من مختلف المصادر ليخرج لنا أنوار المعرفة، إلى أن أصبح سيد قطب صاحب المشروع الفكري الأهم والأخطر في القرن العشرين.
أما عن شخصية سيد قطب الشاعر الناقد فقد تشكلت في بدايتها في قرية موشا التي نشأ فيها، وكانت قريته ذات طبيعة خاصة جمعت بين النيل والجبل والبساتين والحقول، فكانت هي المعين الأول الذي أمد نفسية ذلك الصبي النحيف بالشاعرية، التي كانت محطته الأولى في الحياة وكان كتابه الفريد «مهمة الشاعر في الحياة» هو كتابه الأول، كتبه وهو في سنته الأخيرة من دراسته في «دار العلوم» فأفصح هذا الكتاب عن نبوغ مبكر.
ومن بعده كان الشعر هو وسيلة قطب في الدخول إلى عالم الفكر، فمن شاعريته وتأمله أخرج لنا عام 1945أول كتاب من نوعه يتحدث عن التصوير الفني للقرآن الكريم، كان قطب معنيا في هذا الكتاب بالصور الفنية والجمالية في التراكيب اللغوية القرآنية، وكانت لمساته في هذا الكتاب لمسات شاعر يستشرف الصور والأخيلة ولمسات ناقد يبرز لنا الجمال الذي قد يخفى عن عيوننا.
ومن بعد أخرج لنا كتابه عن «العدالة الاجتماعية في الإسلام « كتب قطب وقتها كتبه هذه وهو يتحرك ويموج وسط المجتمع المصري بأطيافه فمنه استمد شاعريته وإليه يمده بأفكاره الحية المتدفقة، لم ينفصل قطب نفسيا عن الناس وقتها بل كان متصلا ومتواصلا مع الجميع يساهم مع غيره في اكتشاف المواهب الفذة ويقدم بعضهم للحياة الأدبية، ويمد يده إلى أعماق أعماق الحياة ليستخرج الكنوز ثم يبذر ثروته الفكرية على الجميع حيث لا استثناء لأحد أو تغييب لأحد.
وفي وسط هذه الأيام ذات الرحيق الخاص وتحديدا في أغسطس من عام 1948 سافر سيد قطب إلى أمريكا في بعثة تابعة لوزارة المعارف العمومية لدراسة النظم التعليمية حيث كانت وزارة المعارف بصدد وضع تصور جديد للتعليم في مصر وطرقه فذهب إليها سيد قطب وعاد ليكتب ( أمريكا التي رأيت ).
أمريكا التي رآها قطب ودرس خريطتها الاجتماعية والتعليمية هي كما يقول ( ما الذي تساويه في ميزان القيم الإنسانية ؟وما الذي أضافته إلى رصيد البشرية من هذه القيم، أو يبدو أنها ستضيفه إليه في نهاية المطاف؟).
كان الشغل الشاغل لقطب في هذه المرحلة هو « القيم الإنسانية » التي توافق عليها البشر، كان ميزان القيم الإنسانية هو الميزان الذي يزن به قطب الحضارة الأمريكية، إذ لم يتوقف عند الآلات والاختراعات ولكنه توقف على حد قوله عند (مدى ما أضافته تلك الآلات إلى الرصيد الإنساني من ثراء في فكرته عن الحياة) كان الرصيد الإنساني والقيم الإنسانية والمعارف الإنسانية والموسيقى والفن والرسم والأوبرا والسيمفونيات والباليه هي مفردات سيد قطب وهو يتحدث عن القيم، وهناك رأى قطب أمريكا التي رأى أن مشاربها تتجه حينا إلى العنف والغلظة والأنانية التي تصل إلى حد الإجرام كانت عقلية قطب وهو يضع مبضعه على جسد الحضارة الأمريكية هي عقلية عالم الاجتماع الذي يرى أن إنسانية المجتمعات مرهونة بالتوافق والتعاون تحت مظلة القيم الإنسانية لا فرق بين هذا وذاك إلا بقيمه وأخلاقه وإنسانيته، وكان يرى أن الصراع وشعور أمريكا بالتميز ورغبتها في إقصاء الآخرين هو أول معول يهدم حضارتها،
ويعود قطب من أمريكا بعد عامين، كان قطب الذي ذهب إلى أمريكا وعاش فيها هو قطب الشاعر الفيلسوف صاحب النزعة الاجتماعية التي تهتم بالفنون وترى أنها تجعل للبشرية معنى وترفع من قيمة الإنسان وترتقي بقيمه، هو المصلح الاجتماعي الذي يبحث عن القواسم الحضارية المشتركة والذي يرى أن الإقصاء والعنف هما آفة من آفات البشر ويرى أن الانعزال لا يكون إلا من الضعيف الذي يخشى ما لدى الآخرين. وحين عاد استكمل مسيرته الفكرية، أدخل إليها تجربته الجديدة وأضاف إليها إلا أن مشروعه الفكري ظل على ذات النسق فترة من الزمن، وإذ كانت إحدى أمنيات سيد قطب أن يفسر القرآن الكريم وأن يعرضه على أساس نظريته الأدبية "التصوير الفني" فقد تحقق له ما أراد .. ففي فبراير من عام 1952 بعد عودته من أمريكا بعامين بدء قطب في مجلة ( المسلمون ) كتابة مقال شهري رأى أن يكون في تفسير القرآن الكريم واختار له عنوان (في ظلال القرآن) ثم بدأ له بعد ذلك أن يكتب تفسير القرآن في كتاب وليس في مقالات.
وفي غضون عام 1954 تم اعتقال سيد قطب بسبب صلته التي كانت قد توثقت مع الإخوان المسلمين فقام في سجنه باستكمال كتابه تفسير الظلال في طبعته الأولى، وبعد أن صهر قطب تجاربه كلها خرج لنا مشروعه الفكري الأخير فقام بعمل طبعة جديدة منقحة بمنهج يختلف عن الطبعة الأولى ركز فيها على المعاني والتوجيهات الحركية والدعوية والجهادية في القرآن وقد وضع قطب في طبعته المنقحة تصورات جهادية فاصل فيها بين مجتمع الإيمان ومجتمعات الجاهلية، ومن صفحات الظلال خرج للمطبعة كتابا مثيرا كان له أكبر الأثر في تكوين جماعات العنف فيما بعد ألا وهو كتاب "معالم في الطريق" الذي كانت لتجربة قطب في أمريكا أثر كبير في بلورة أفكاره لأنه رأى أن حضارة الغرب أصبحت غير مؤهلة لقيادة البشرية وأنه لا يوجد قواسم حضارية مشتركة.... كانت الحاكمية لله هي عماد مشروع قطب في مرحلته الأخيرة أخذها من المودودي وأضاف إليها من خلال تجاربه، وفي مشروعه الأخير أصبحت كل المجتمعات عنده هي مجتمعات جاهلية حتى ولو كانت تتعبد لله بالإسلام طالما غاب عنها منهج الحاكمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.