والد الطفل: منذ 2014 انتظر توريدها.. و«لو كان معايا واسطة أو ابنى ابن مسئول كبير كانت الحقنة اتوفرت» الدكتور رأفت عبدالفتاح: الاستغناء عن الحقنة يقلل نجاح عملية زرع النخاع إلى 60% أن تتوقف حياتك على مبلغ من المال.. بالتأكيد أمر موجع، أن تصاب بالتعب من الوقوف لساعات وساعات في طابور لا لشيء إلا لانتظار أن يضع موظف وزارة الصحة ختم الوزارة على «طب علاج»، من الجائز أن تترك الطابور وتعلن الرضا ب»البقاء مريضا»، لكن أن تقف مكتوف الأيدى أمام ابنك الذي لم يتعد عمره السنوات الثمانية عاجزا، لا تمتلك من أمرك شيئا فهذا هو الموت كل لحظة. السيد على السيد، والد الطفل محمد، ما سبق يمكن أن يصف جزءا بسيطا من وضعه، فابنه منذ ولادته أصيب بأنيميا البحر المتوسط، ومؤخرا تم الاتفاق على أن تجرى للطفل عملية «زرع نخاع» لإنقاذ حياته، وتحديدا منذ 8 أشهر، غير أن الرأى الطبى لم يكن الأمر الجاد الذي يجدى مع مسئولى وزارة الصحة لاتخاذ قرار علاج الطفل، وتوفير كافة ما تتطلبه عملية الزراعة تلك. «لفينا كعب داير عشان الحقنة».. جملة صادمة ألقاها «السيد» وأكمل بقوله: قدمت حالة ابنى لهيئة التأمين الصحى لإجراء عملية زرع نخاع منذ عام 2014، والهيئة من جانبها قررت تحويل الحالة إلى معهد ناصر، لأنه المكان الوحيد التابع لوزارة الصحة الذي يجرى هذه النوعية من العمليات، وبالفعل تم تحضيره لدخول غرفة العمليات منذ أغسطس الماضى، وحتى الآن لم تجر له العملية، فكل مرة يتم تجهيزه فيها أجدهم في المعهد يخبروننى أنه تم التأجيل بسبب عدم توافر حقنة اسمها ال(a t g). والد الطفل «محمد» أكمل بقوله: بعد تكرار الأمر تقدمت بشكوى إلى رئيس هيئة التأمين الصحى شرحت فيها الأمر، وأن ابنى تم تجهيزه أكثر من مرة لإجراء جراحة زرع النخاع، ولم يتم استكمال الإجراءات نظرا لعدم توافر الحقنة، لكن لم يتغير شيء، وما زال ابنى طريح الفراش. «محمد» كشف أيضا أن هيئة التأمين الصحى رصدت مبلغ 70 ألف جنيه للعملية، وأرسلتها في هيئة شيك لمعهد ناصر، الذي تسلم الشيك، لكن لم يتم إجراء العملية بسبب عدم توافر الحقنة، موضحا في الوقت ذاته أن الشركة المسئولة عن توريد الحقن لوزارة الصحة لم تقم بتوريد الكميات اللازمة للوزارة بسبب مديونية معهد ناصر التي لم يسددها. «السيد» أوضح أيضا أنه قدم عدة شكاوى إلى محافظ الشرقية، ووكيل وزارة الصحة في المحافظة، وكذلك رئاسة الوزراء، ولم يتغير الوضع: «متبهدلين عشان نتعالج.. محكوم علينا بالإعدام، لو كان معايا واسطة أو ابنى ابن مسئول كبير كانت الحقنة اتوفرت»، على حد قوله. وتعقيبا على عدم توافر حقنة ال(a t g) كشف مصدر بوزارة الصحة أن هذه النوعية من الحقن غالية الثمن، حيث يصل سعر الواحدة منها 100 مجم إلى 2700 جنيه، ويتم توريدها للمراكز التي تجرى عمليات زرع النخاع، وتورد بكميات قليلة للغاية لا تكفى عدد الأطفال الذين يجرون تلك العملية، وعندما تنتهى الكمية المعروضة ننتظر فترات طويلة حتى يتم توريد دفعة جديدة لنا، رغم أن المستشفى له الحق في التوريد بالأمر المباشر بعد انتهاء المناقصة، والحقنة ضرورية وحيوية ولا يوجد لها مثيل طبى يمكن الاستعاضة به عنها. من جانبه أكد الدكتور حسام كامل، أستاذ أمراض الدم بالمعهد القومى للأورام، مؤسس عمليات زرع النخاع في مصر، أنه توجد في العالم شركتان تتوليان عملية تصنيع الحقنة، وهى ضرورية ولا غنى عنها للمرضى الذي يجرون عملية زرع نخاع لمرض أنيميا البحر المتوسط الذين تم نقل كميات كبيرة من الدم لهم. في ذات السياق قال الدكتور رأفت عبد الفتاح، أستاذ أمراض الدم بالمعهد القومى للأورام: مرضى أنيميا البحر المتوسط ليس جميعهم تجرى لهم عملية زرع نخاع، بل بعضهم، وكذلك مرضى فشل النخاع العظمي، وتستخدم الحقنة في حالات المرضى اللذين أجرى لهم نقل دم، كما أنها تساعد بشكل كبير في نجاح عملية زرع النخاع، والاستغناء عن الحقنة يقلل من نسب نجاح العملية زرع النخاع إلى 60%، ولكن في حال توفير الحقنة تبلغ تصل نسب النجاح إلى 87%. «عبد الفتاح» أوضح أيضا أن «تكلفة العملية أكثر من 75 ألف جنيه للأطفال، ما يقرب من 30 إلى 40 ألف جنيه منها تكلفة الحقن، ما يمثل صعوبة في التأمين الصحى الذي يدفع 75 ألف جنيه فقط، لذلك وعد وزير الصحة الدكتور أحمد عماد بإصدار قرار بزيادة التكلفة لتبلغ في الأطفال 100 ألف جنيه، وكذلك زيادة قيمتها في الكبار لتصل إلى 150 ألف جنيه.