الغناء في دار الأوبرا طعمه مختلف.. لكنى أكره ارتداء «البدلة والكرافتة» اللى زعلان من تجربتى مع «السبكى» يزعل منشد من طراز فريد.. يتمتع بصوت قوى حفر له مكانا خاصا في عالم «الإنشاد الدينى». وصاحب «الحنجرة الذهبية» كما لقبه جمهوره، هكذا اشتهر المنشد «على الهلباوى»، نجل المنشد الراحل الكبير محمد الهلباوى، شارك في العديد من الأفلام وكان له ظهور مميز، أصبح يدرب الكثير من المنشدين الشباب ويسعى لتحقيق حلم كبير لديه وهو التطوير وتدريب مواهب جديدة تستطيع النهوض «بالإنشاد الديني» في مصر.. «فيتو» التقته في سياق الحوار التالى: في البداية ماذا علمك الإنشاد الدينى في مراحلك الأولى؟ تعلمت الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وأن المنشدين متقنون علم النغم أكثر من المزيكاتية، لذلك كان عبدالوهاب يأخذ من الشيخ على محمود، وكان نجاح أم كلثوم التي تعلمت على يد الشيخ أبو العلا محمد، فما بالك بنشأتى في بيئة صوفية مليئة بالروحانيات، التي جعلت لدى القدرة على التفريق بين «الغناء، والإنشاد والترانيم». معنى ذلك أن سر نجاح كوكب الشرق هو نشأتها في بيئة صوفية وبدايتها كمنشدة؟ حقيقة، لأنها في الأساس كانت منشدة دينية، والمنشد يعتمد على إمتاع الجمهور بصوته دون آلات موسيقية مصاحبة له، وكانت «أم كلثوم» لديها كل صفات المنشدين إضافة إلى صوتها القوى، والدليل على ذلك هو وجود مطربين كبار ليس لديهم القدرة على الغناء عند غياب عضو من فرقتهم الموسيقية. ما هي الشروط التي يجب توافرها في المنشد؟ أولًا أن يمتلك الموهبة، وهى خامات الصوت التي خلقها الله، وأن تكون لغته العربية قوية جدًا، التثقيف بعلم النغم والدراسة في عالم الإنشاد، وفى النهاية أن تكون لديه شخصية مستقلة في الأداء، حتى لا يفقد مصداقيته عند الجمهور. وأين يقف الهلباوى من تمصير الألحان والأغانى الأوروبية؟ أرفض التمصير بشكل نهائي، لأنه يندرج تحت مسمى الفقر، الذي يدفع الملحن أو المطرب إلى السرقة بقصد التقليد، بسبب توقف حالة الإلهام والإبداع، ويطلق على هذا النوع في الوسط الفنى «النحات»، وأكثر المطربين والملحنين المصريين يأخذون من الأغانى والألحان «التركية»، واندهشت كثيرًا عندما وجدت «توك توك» يسمع أغنية تركية، وعندما سرت وراءه بالسيارة اكتشفت أن هذا اللحن مطلع لأحد أغانى الفنان «طارق الشيخ»، وهنا فقر «الموزع أو الملحن» يضع المغنى في مأزق أمام جمهوره. ما رأيك في نقابة «الإنشاد الديني» التي تم تأسيسها مؤخرًا؟ نقابة الإنشاد من الممكن أن تحدث تغييرا، ولكن مع السعى المتكرر، وقد واجه الشيخ محمود التهامي، مؤسس النقابة، حربا شرسة خلال الفترة الأخيرة، فهناك بعض الأشخاص لا يريدون النجاح للنقابة، وكان قد عرض على تولى مجلس إدارة النقابة، ولكنى رفضت، ودوري عضو لجنة تحكيم بالنقابة فقط. هل ترى أن هناك اهتمامًا ب«الإنشاد الديني» في مصر؟ الإنشاد الدينى لم يأخذ مكانته الحقيقية أو حقه على الإطلاق في مصر. من وجهه نظرك ما أسباب ذلك ؟ هناك تقصير من جانب الدولة والقائمين على الإنشاد؛ لأن الدولة تعتمد على فرقة الإنشاد الدينى بالأوبرا فقط، لذلك ليس هناك أي تطوير، وإذا فكر أحدهم في التطوير يكون في القديم، الذي لا يأتِ بجديد لأن الألحان قديمة، إضافة إلى غياب دعم الدولة للإنشاد، وعدم وجود أماكن تدعم الإنشاد سوى محطة إذاعة القرآن الكريم وقت الفجر فقط، وطوال شهر رمضان، والباقى في أماكن خاصة. وكيف تفسر انجذاب الأجانب إلى سماع الإنشاد رغم أن اللغة العربية حائل للفهم؟ الإنشاد الدينى حالة خاصة، المستمع إليها يعيش في عالم آخر على الرغم من عدم فهم الكلمات، ومثال على ذلك عندما سافرت مع والدى الشيخ الهلباوى، لتقديم الإنشاد الدينى في العديد من الدول الأجنبية منها «فرنسا وإيطاليا، وإيران، وألمانيا»، وفى إحدى الحفلات، تعرض الشيخ لسؤال من مذيعة أجنبية قائلة له «كيف تتنقل ما بين المقامات الموسيقية دون آلة مصاحبة»، فكان رد الشيخ عليها: «وكيف تقبلتم هذا اللون من الإنشاد رغم أنكم لا تعلمون العربية»، فردت قائلة له لقد أخذتنا إلى عالم لا نعرف معناه، وحينما أنهيت عملك تركتنا على الأرض دون هوية. استطاعت فرقة «الأخوة أبو شعر» السورية أن تحقق انتشارا واسعا في مصر خلال الفترة الأخيرة.. كيف تقيم تجربتها؟ فرقة «الأخوة أبو شعر» لها أسلوب مميز وجذاب، فوالدهم مؤسس الفرقة كان شيخ طريقة، ولكنها لم تكن المدرسة الوحيدة الصوفية في العالم الإسلامي. في أي الأماكن يهوى الهلباوى إحياء حفلاته؟ على مسرح الساقية لأننى أكون على طبيعتى، وهذا لا يعنى أننى أكره الغناء في دار الأوبرا المصرية، فقد قدمت عدة حفلات في أوبرا إسكندرية والمكتبة وأوبرا دمنهور، ولكن أكره ارتداء «البدلة والكرافتة»، فالغناء داخل دار الأوبرا له طعم مختلف عن شتى المسارح، ولكنى عاشق البساطة والحرية. ماذا عن الانتقادات التي تعرضت لها بعد تجربة «الليلة الكبيرة» مع السبكي؟ «اللى يزعل يزعل»، واللى مش فاهم يقعد في البيت، وأنا مبسوط من تجربتى في «الليلة الكبيرة» لأنى جسدت دوري، وطلبت العمل بشكل جماعي، وكنت صادقا في تقديم الفن الصوفى بالشكل الجماعي. ما هي آخر أعمالك القادمة؟ أجهز ثلاثين دعاءً لرمضان بالتعاون مع إحدى الشركات الكبيرة في عالم الفن، من ألحاني، وكلمات (مصطفى) واخترت أن يشترك معى موزع كبير.