بين 3 ثورات كان شاهدًا، ولمصالح المواطنين مستضيفًا، وفى وسط القاهرة ظل معلمًا، واليوم يقترب مجمع التحرير من توديع أكبر ميادين العالم، تاركًا خلفه ذاكرة غير عادية مليئة بابتسامات وآلام المصريين، لينتظر مصيرًا جديدًا لم تحدده محافظة القاهرة بعد. 1356 حجرة ترسم ملامح المجمع، الذي بناه المهندس محمد كمال إسماعيل في 1951، على مساحة 28 ألف متر بارتفاع 55 مترًا، والآن تنتشر بهذه الحجرات إدارات مختلفة تتبع 28 هيئة حكومية و14 وزارة، ويستقبل يوميًا ما لا يقل عن 100 ألف مواطن يوميًا. محافظة القاهرة وحدها تحظى بنصيب الأسد في عدد الحجرات، إذ تستحوذ وحدها على 390 حجرة موزعة بين مديريات الشباب والصحة والقوى العامة والطرق والكبارى وبعض الإدرات التعليمية، بينما تشغل وزارة الداخلية 380 حجرة موزعة بين الجوازات والإدارة العامة للآداب ومباحث الأموال العامة، و299 لوزارة العدل، و119 لوزارة التضامن الاجتماعي، وأخيرًا 17 حجرة فقط ل«التعليم العالي». الآن، يواجه مجمع التحرير مصيرًا مختلفًا، بعد إعادة الدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة قرار إخلاء المجمع إلى الحياة، محددًا نهاية مايو 2017 موعدًا نهائيًا، لكن هذا القرار ليس بجديد إذ سبق وأعلنه الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق عام 2000، بهدف تفريغ العاصمة من المصالح الحكومية لتقليل الضغط على وسط القاهرة، إلا أن عددًا من موظفى المجمع رفعوا دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى لوقف قرار عبيد، غير أن المحكمة أيدت قرار الوزارة حينها. في 2005، وضع المهندس أشرف رضا الأستاذ بكلية الفنون الجميلة القضية من جديد على الطاولة، بعد تقديمه دراسة بحثية تستهدف تفريغ العاصمة من المصالح الحكومية ووضع رؤية للقاهرة 2020، وكان محور الدراسة على استغلال مجمع التحرير كمنشأة سياحية. من جانبه، قال اللواء محمد أيمن عبد التواب -نائب محافظ القاهرة- إن المحافظة منحت الوزرات والهيئات مدة كافية لنقل الإدارات التابعة لهم وتوفير أماكن بديلة لهم بمعرفتهم، مشيرًا إلى أن المحافظة تدرس الآن توفير أماكن بديلة للمديريات التابعة لها المتواجدة بمجمع التحرير.