على الرغم من الانتشار الواسع لمقولة «الشعب المصرى متدين بطبعه»، حتى صارت وكانها نص دينى مقدس فإن الواقع ينفى صحة هذه المقولة، فمصر الدولة الأولى عربيًا في تصفح المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت، وتجار المخدرات في شوارع المحروسة أكثر من تجار الخضار والفاكهة. ومن الظواهر الاجتماعية التي تؤكد عدم صحة مقولة «الشعب المتدين بطبعه» بل تنسفها من أصولها، ظاهرة زنى المحارم التي انتشرت كثيرًا في الآونة الأخيرة وتعدت الحوادث التي تدل على انتشارها من بينها وقوع أحد الأشخاص هائمًا في حب شقيقته مما يجعله يلزم البيت ويرفض الخروج والتعامل مع الآخرين ويمارس معها الفاحشة ولم يكتف بذلك، بل ذهب إلى والده وطلب يد شقيقته منه فما كان من الأب إلا أن قام بإطلاق الرصاص على ابنه وسلم نفسه للشرطة، والآخر الذي اغتصب زوجة أبيه الحسناء بعد أن وضع المخدر لأبيه في العصير، والآخر الذي مارس الزنا مع ابنته وبعد القبض عليهما في حالة تلبس واضح أوضح الأب أنه ليس متهمًا لكنه يريد إشباع رغبة ابنته العانس بدلا من ممارستها مع آخرين حتى لا تتلوث سمعتها. ومن بين تلك المآسى تلك الواقعة التي حدثت بإحدى قرى مركز السنطة وذلك عندما قام أحد الأشخاص بممارسة الرذيلة مع زوجة ابنه وهى في نفس الوقت ابنة شقيقته وبعد افتضاح الأمر جاءت المفاجأة المدوية عندما علمت الأم بهذه الأحداث لم تبد أي دهشة حيث إنها اعتادت على ممارستها مع شقيقها قبل زواجها. وهناك أيضًا مثال آخر حدث في مدينة المحلة الكبرى وذلك بعدما تقدم شاب لخطبة إحدى الفتيات وبعد إتمام الخطبة وأثناء زياراته لمنزل أسرتها لاحظ نظرات الحرمان في عين والدة عروسه فما به إلا أن لعب على أوتار أنوثتها وغازلها مرات عديدة حتى أصبحت لا تقوى على صده وسقطت في براثنه وسلمت نفسها تاركة خلفها عادات وتقاليد أهل الريف غارقة في المتعة المحرمة. واستمرت في هذا المنوال حتى حملت بين أحشائها جنينًا «سفاحًا» لم يمنعها من ظهور علامات الحمل عليها من إتمام زفاف هذا الشاب الخائن على ابنتها المخدوعة وحاولت التخلص من هذا الجنين إلا أن الوقت وخوفها من الفضيحة لم يسعفاها حتى أكمل الجنين شهره التاسع، وبعد عملية الوضع استغرب الجميع مما حدث لأن زوجها متوفٍ فسرعان ما تم الضغط عليها لمعرفة تفاصيل ما حدث ولكن نزل الخبر كالصاعقة على الجميع خاصة الابنة المخدوعة في زوجها وأمها وانهارت قواها في الحال ولا تدرى ماذا تفعل وهى حامل في أربعة أشهر. وقبل الحديث عن ظاهرة زنى المحارم وأسبابها وطرق علاجها لابد أولا من وضع تعريف محدد له كى يمكن إصدار حكم حقيقى على الظاهرة، وبيان مدى الآثار السلبية لها، وفى هذا السياق يقول المتخصصون إن زنى المحارم هو علاقة جنسية كاملة بين شخصين تربطهما قرابة تمنع العلاقة الجنسية بينهما طبقًا لمعايير ثقافية أو دينية، وعلى هذا تعتبر العلاقة بين زوج الأم وابنة زوجته علاقة محرمة على الرغم من عدم وجود رابطة دم بينهما. وفى الثقافة العربية والإسلامية تحدد ذوى المحارم في آيات واضحات في القرآن الكريم لآباء أو أزواج الأمهات أو الأخوال أو الأعمام أو الأخوة الأكبر ينتهكون عرض الأطفال في الأسرة، الأم السلبية أو المريضة نفسيًا أو مضطربة الوعى أو الشخصية، أو الابنة التي تأخذ الدور الأمومى في الأسرة، أو الأب المدمن، كل هؤلاء معرضون للتورط في زنى المحارم. وبما أن علاقة الأم بالابن هي أكثر العلاقات احترامًا وتحريمًا في كل الثقافات لذا نجد أن زنى الابن بالأم (أو العكس) هي أكثر حالات زنى المحارم ندرة على مستوى العالم، وعلى وجه العموم تشير أغلب الدراسات إلى أن الفتيات أكثر تعرضًا للتحرشات الجنسية من الفتيان. وأكثر الأنماط شيوعًا هو علاقة الأب بابنته حيث تشكل 75% من الحالات التي تم الإبلاغ عنها، وفى هذه العلاقة يلاحظ أن الابنة تكون قريبة جدًا من أبيها منذ طفولتها المبكرة وهى تسعد بالاستحواذ عليه وتبعده عن أمها وبقية إخوتها، وبالتالى تحدث غيرة شديدة من الجميع تجاهها وبغض لها وللأب الذي يصبح متحيزًا لها ضد بقية أفراد الأسرة، وأحيانًا تتورط هذه الابنة في علاقة أخرى بأحد الإخوة الأكبر لضمان السيطرة على ذكور الأسرة أو تمتد بعلاقاتها خارج نطاق الأسرة مطمئنة إلى أن رموز الضبط والربط (الوالد والأخ الأكبر متورطان معها فيما يجب أن يمنعانها منه). وقد وجد أن ثلث من وقع عليهم اعتداءات جنسية كانوا تحت سن التاسعة من عمرهم، وأن أكثر الحالات قد تم رصدها كانت في الأماكن الأكثر ازدحامًا والأكثر فقرًا والأدنى في المستويات الاجتماعية، وهذه الزيادة ربما تكون حقيقية بسبب التلاصق الجسدى في هذه البيئات المزدحمة أو تكون بسبب وجود هذه الفئات تحت مجهر الهيئات الاجتماعية والبحثية أكثر من البيئات الأغنى أو الطبقات الاجتماعية الأعلى، والتي يمكن أن يحدث فيها زنى محارم في صمت وبعيدًا عن رصد الجهات القانونية والبحثية. المهم أن هناك عوامل اجتماعية وعوامل نفسية وعوامل بيولوجية تلعب دورًا في كسر حاجز التحريم الجنسى فينفلت هذا النشاط ويتجه اتجاهات غير مقبولة دينيًا أو ثقافيًا، فزنى المحارم يرتبط بشكل واضح بإدمان الكحول والمخدرات، والتكدس السكاني، والأسر المعزولة عن المجتمع (أو ذات العلاقات الداخلية بشكل واضح)، والأشخاص المضطربين نفسيًا أو المتخلفين عقليًا. والمبادرة غالبًا تأتى من ذكور أكبر سنًا تجاه أطفال (ذكور أو إناث) ومن هنا يحدث تداخل بين زنى المحارم وبين الاغتصاب (المواقعة الجنسية ضد رغبة الضحية)، وإن كان هذا لا يمنع من وجود إغواء من الإناث أو الأطفال أحيانًا. كشفت دراسة لخبراء المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عن المجتمع «المتدين بطبعه» وصل إلى حافة الهاوية، وما هي إلا خطوات قليلة ونسقط كلنا في بحر الندم. وتقول الدراسة إن زنى المحارم بين الأخ وأخته بنسبة 25 %، والأب وابنته 12 %، زوج الأم وابنة الزوجة 9 %، الابن وزوجة الأب 6 %، زوج الأخت وأخت الزوجة 6 %، ابن الأخت وخالته 5 %، الابن والأم 4 %، ابن الأخ والعمة 4 %، زوج البنت وحماته 4 %، الخال وابنة الأخت 4 %، الأب وزوجة الابن 4 %، العم وابنة الأخ 3 %، ابن الأخت وزوجة الخال 3 %، ابن الأخ وزوجة العم 2 %، والأخ وزوجة أخيه 2 %، الزوج وابنة أخت زوجته 12 %، العم وزوجة ابن أخيه 2 %، الخال وزوجة ابن أخته 2 %. وأوضحت الدراسة أن الحالة الزواجية لضحايا زنى المحارم تبين أن 47.5 % من الضحايا لم يسبق لهن الزواج تليهن المتزوجات 26 % فالمطلقات 18 % والأرامل 8.5 %، أما الحالة الزواجية للجناة فكانت نسبة غير المتزوجين 49.5 % ثم المتزوجين 36.5 % ثم المطلقين 9.5 % والأرامل 4.5 %، وذلك وفقًا لعدد حالات العينة التي قامت عليها الدراسة والتي بلغت نحو 250 حالة. وزنى المحارم وفقًا لنتائج هذه الدراسة لا يقتصر على غير المتعلمين أو أنصاف المتعلمين، حيث أظهرت نتائجها أن توزيع الجناة طبقًا لحالتهم التعليمية مقسم إلى 15 % أميين و21 % يقرءون ويكتبون و10 % حاصلين على الابتدائية و20.5 % حاصلين على الإعدادية و18.5 % على الثانوية و15 % من الجناة حاصلين على شهادات جامعية، أما الضحايا 26.5% فمنهم من لا يقرأ ولا يكتب و15 % منهم حاصل على الابتدائية و13.5 % على الإعدادية ومن يحملن الثانوية منهن 13 % والحاصلات على شهادات جامعية 4 %.