الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها وأشعل جذوتها، والحقيقة بين المسلمين تائهة جزى الله خيرا من ظفر بها، غير أنه يبدو أن الفتنة استيقظت ولن تنام والحقيقة ستبقى تائهة فى غياهب الكذب والباطل والباحثين عن دور. فلم يكن يعلم مفتى مصر الدكتور على جمعة أن زيارته للمسجد الأقصى وتحقيق حلمه بالصلاة في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف تخلف هذا الجدل العنيف ،فبعيدا عن المطالبات المحلية بعزل المفتى من منصبه بداعى ارتكابه جريمة لا تغتفر، امتد الجدل إلى الداخل الفلسطينى أيضا وكالعادة مارس الفلسطينيون هوايتهم المفضلة فى الاختلاف والانقسام . وبينما دافع جمعة ومعه الداعية اليمنى حبيب الجفرى الذى سبقه بالزيارة إلى الأقصى، عن زيارتهما ، مشددين على أنهما لم يخالفا صحيح الدين عندما زارا مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان هناك فريق آخر من أصحاب العمائم واللحى يرون أن الشيخين اقترفا جرما عظيما يستوجب عقابهما أشد العقاب، وإبعادهما عن مجالس العلم والعلماء. الشيخ رائد صلاح – رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني – قال ل«فيتو» : إنه يشتم رائحة غير طيبة من زيارة مفتى مصر للأقصى، مشددا على أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى من خلال السماح بزيارة بعض الشخصيات والعلماء من الدول الإسلامية والعربية للمسجد الأقصى إلى إحداث فتنة بين المسلمين بشأن المسجد الأقصى . صلاح يرى أن إسرائيل تهدف من وراء ذلك إلى استدراج الجميع إلى التسليم بالاحتلال الإسرائيلي، وبوجود سيادة إسرائيلية على المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلّين، وأن يكون واقع زيارات شخصيات إسلامية وعربية للمسجد الأقصى هو إقرار بهذه السيادة الإسرائيلية ،مضيفا أن واقع الحال يقول : إن كل أبواب المسجد الأقصى تقع حالياً تحت سيطرة عسكرية إسرائيلية ، ولا يمكن لأحد أن يدخل المسجد الأقصى إلاّ بموافقة قوات الاحتلال الإسرائيلية. الشيخ رائد صلاح الدين تساءل : كيف يمنح الاحتلال الإسرائيلي موافقات لزيارات من شخصيات مسلمة من الخارج ، في الوقت الذي يمنعني على سبيل المثال من دخول المسجد الأقصى منذ عام 2007، كما يمنع الشيخ عكرمة صبري – خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس ؟! من جانبه أكد الشيخ كمال الخطيب- نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني- ل"فيتو" أن منع الفلسطينيين من دخول القدس والسماح بدخول آخرين هي محاولات واضحة من الكيان المغتصب لتهويد القدس ولإحداث الفتنة بين المسلمين. ورأى عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي الشيخ نافذ عزام أن زيارة مفتي مصر لمدينة القدس تخدم الاحتلال الإسرائيلي بدرجة أساسية ولا تدعم صمود أهل القدس. في الوقت ذاته استنكرت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني الزيارة وأبدى جمال البطراوى مسئول الجبهة في قطاع غزة،استغرابه واستنكاره لها خصوصا في ظل الحملة الصهيونية للتطبيع مع الاحتلال والتخفيف من أزمته الدولية والتغطية على ممارسات الاحتلال في مدينة القدس العربية الإسلامية من تهويد واستيطان وتهجير لأهلها. على الشاطئ الآخر من النهر رحب الشيخ ياسين الأسطل الرئيس العام للمجلس العلمي للدعوة السلفية بفلسطين بالزيارة ودعا المسلمين عبر «فيتو» لشد الرحال لزيارة المسجد الأقصى عملاً بالحديث الشريف: « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد».واعتبر الأسطل الزيارة تاريخية وتصب في مصلحة القضية الفلسطينية وبداية الطريق لتحرير المقدسات . كما رحب وزير الأوقاف والشئون الدينية الفلسطينى الدكتور محمود الهباش بزيارة مفتي مصر للأقصى، مؤكدا ل«فيتو» أنها تأتي في سياق تعزيز ودعم صمود أهالي مدينة القدس. وأضاف الهباش أن السلطة الوطنية الفلسطينية تثمن هذه الزيارة المهمة من قبل شخصية دينية كبيرة بحجم مفتي مصر الشيخ علي جمعة، الذي جاء لزيارة القدس باعتبارها فضيلة دينية، وضرورة سياسية.