المشهد السياسى الخاص بالمرشحين لرئاسة الجمهورية يبدو وكأنه دورى كرة القدم الخاص بكأس مصر! ومن المعروف أن هذا الدورى -على عكس الدورى الممتاز لكرة القدم- الفريق الذى يخسر المباراة يخرج نهائياً من إطار المنافسة! ولا يحصل على الكأس إلا الفريق الفائز الذى استطاع هزيمة كل منافسيه! الكأس فى انتخابات الرئاسة هو الجائزة السياسية الكبرى بعد ثورة 25 يناير وهى الفوز بمنصب رئيس الجمهورية، أرفع منصب سياسى فى البلاد.. ولذلك يتصارع العشرات فى سبيل الحصول عليه. ولو استخدمنا لغة كرة القدم لاكتشفنا أن بعض المرشحين نجوم سياسية لامعة مثلهم فى ذلك مثل مشاهير لاعبى كرة القدم امثال «محمد أبو تريكة» أو «عمرو زكى» ممن يلعبون فى الدورى الممتاز. وبعضهم شخصيات باهتة لا شهرة لها مثل لاعبى الكرة فى دورى «المظاليم»، وأعنى دورى الدرجة الثانية البعيد عن الأضواء. وقد نشرت جريدة «الأهرام» فى عددها الصادر فى 9 أبريل الماضى موضوعاً مهماً عرفت فيه بمرشحى الرئاسة الذين بلغ عددهم ثلاثة وعشرين مرشحاً. وبتحليل سير حياة هؤلاء المرشحين نستطيع أن نميز بسهولة بين لاعبى الدورى الممتاز ولاعبى دورى الدرجة الثانية بمعنى السهولة! أو بين المرشحين للرئاسة الذين هم شخصيات قومية معروفة بتاريخها والتى لها ولا شك شعبية فى الشارع السياسى، وهؤلاء المجهولون الذين يحار الناس فى أسباب ترشحهم مع أنه يصدق عليهم وصف «لا يعرفهم أحد»! ويقف فى صدارة فئة الشخصيات القومية المعروفة «عمرو موسى» رجل الدولة المخضرم ووزير الخارجية المصرى فى عهد «مبارك»، وأمين عام جامعة الدول العربية السابق. ولا شك أن «أحمد شفيق» وزير الطيران السابق المعروف بإنجازاته والذى تولى رئاسة الوزارة بعد ثورة 25 يناير، يعد من بين الشخصيات القومية المعروفة، والتى أضيف إليها مؤخراً اللواء «عمر سليمان» مدير المخابرات سابقاً ونائب رئيس الجمهورية أثناء الثورة، والذى كان لإعلان ترشحه لمنصب الرئيس ضجة سياسية كبرى لم تهدأ بعد، وقد بلغت هذه الضجة ذروتها بمشروع اشلقانون الذى أعده مجلس الشعب على عجل للعزل السياسى لمنع «عمر سليمان» و»أحمد شفيق» من الترشح. ولدينا بعد ذلك شخصيات سياسية لامعة أبرزها «حمدين صباحى» السياسى الناصرى المعروف وعضو مجلس الشعب سابقاً، و»أبو العز الحريرى» نجم حزب التجمع وعضو مجلس الشعب سابقاً، والذى اشتهر بمعارضته لسياسات النظام السابق. وتجيء بعد ذلك مجموعة من الأسماء المحترمة الذين وفدوا حديثاً للساحة السياسية، وأبرزهم على الإطلاق الدكتور «عبد المنعم أبو الفتوح» الزعيم الإخوانى المخضرم الذى دفع ثمن تمرده على سياسة السمع والطاعة لجماعة الإخوان المسلمين، ونجد بعد ذلك الدكتور «سليم العوا» المفكر الإسلامى والمحامى المعروف. ويمكن أن يضاف لهذه القائمة المستشار «هشام البسطويسى» الذى رشحه حزب التجمع وليس له أى خبرات سياسية سابقة، و»مرتضى منصور» المحامى وهو شخصية خلافية. ويبقى «أيمن نور» وهو من بواقى الساسة المخضرمين وإن كانت تقف دون تحقيق أحلامه فى الرئاسة عقبات قانونية شتى بحكم العقوبات الجنائية التى وقعت عليه. وإذا استثنينا الشيخ «حازم أبو إسماعيل» والذى لا سابقة له فى العمل بالسياسة فإننا نستطيع أن نضيف إليه من المرشحين الذين يطلق عليهم «إسلاميين» «خيرت الشاطر» اللاعب الأساسى فى الفريق الأول للإخوان المسلمين، و»محمد المرسى» الذى استدعى من «دكة الاحتياطى» ليكون مرشحاً إذا فشل «الشاطر» فى اجتياز سباق الموانع القانونية. وحين أتأمل فى لاعبى دورى الدرجة الثانية الذين لا يعرفهم أحد، فإن المرء ليندهش بشدة من جرأتهم على الترشح وهم «مجاهيل» بالنسبة للرأى العام، بالرغم من أن بعضهم سبق له أن شغل مناصب مرموقة سواء فى القوات المسلحة أو فى الحكومة. خذ عينة من هذه الأسماء. المهندس «حسام خيرت» والدكتور «أحمد محمد عوض». و»خالد على»، والدكتور «محمد فوزى، و»محمود حسام»، و»أشرف بارومة»، و»حسام خير الله، و»ممدوح قطب». ترى ما هو الشيطان الذى أوحى لكل منهم بالترشح؟ هل هو الرغبة فى اكتساب الشهرة الكاذبة؟ أم هو الغرور الذى أوهم صاحبه أنه الأقدر على الفوز بكأس مصر؟ قد يكون السبب الحقيقى هو أن يطبع كل منهم –وسيفشلون جميعاً بطبيعة الحال- «كارتا مطبوعاً عليه اسمه مقروناً بصفته «مرشح سابق لرئاسة الجمهورية»! كم فى الدنيا من أعاجيب!