«روميو وجولييت».. قصة كانت ولا تزال «أيقونة الحب» في العالم، وبها خلد شاعر الوطنية «شكسبير» من الأدب الإنجليزى-، فهى من أعظم الكلاسيكيات العالمية التي مثلت كثيرا في مسرحيات قديما وحديثا، ولكن هل دار بخلد أحد أن تلك الرواية التي جعلت من شكسبير واحدا من أعظم الكتاب الإنجليز على الإطلاق، تترجم أعماله إلى جميع اللغات الحية، رواية مسروقة ومشكوكا فيها، وليس هو صاحبها الحقيقي.. هذا ما تشير إليه كل الدلائل. فالراجح أنها مأخوذة عن القصة التي جرت أحداثها في بابل «بيرام وتسيبا»، ليس هذا فحسب، بل أيضا من قصة الكاتب الإيطالى ماتيو باندللو «عاشقا فيرونا». رواية شكسبير تحكى أنه في مدينة فيرونا الإيطالية وفى القرن السادس عشر الميلادي، أي قبل ما يزيد على خمسة قرون، التقى العاشقان «روميو ووجوليت» صدفة في حفل لآل كابيولت (أهل جولييت)، ليقعا في الحب من النظرة الأولى والأخيرة، ذلك أن القدر رسم عائقا أزليا يحول بين لقاء العاشقين بسبب خلاف كبير بين عائلتى الشاب روميو والفتاة جوليت.. ولأن الحب يصنع المعجزات، فقد قرر البطلان العاشقان تحدى العالم بأسره والزواج ليتوجا حبهما برباط أبدى ويضعا أسرتيهما أمام الأمر الواقع. إلا أن القدر -مرة أخرى- يقف حائلا أمام تحقيق الحب الحلم ليموت العاشقان نتيجة سوء تفاهم دفع جولييت لادعاء الموت هربا من أهلها، في حين يصدق روميو المسكين الحكاية فيقتل نفسه على ضريح جولييت النائمة، التي ما إن تستيقظ من موتها الكاذب حتى تجد روميو وقد سم نفسه، ووقع ميتا أمام ضريحها، فلا تجد أمامها سوى خنجر روميو لتقتل نفسها به، وتسقط إلى جواره، ولكن إلى الأبد هذه المرة. وعاد الراهب «لورانس» ليشرح للجميع جوانب المأساة وأسرارها.. وأعلن على الجميع أن «روميو وجولييت» زوجان أمام الله.. وكان يربطهما رباط مقدس.. وأنه كان يأمل أن يكون زواج هذين الحبيبين سببا في إنهاء العداوة بين هاتين العائلتين. وأمام الحزن العميق الذي حل بهاتين العائلتين.. واحترامًا وتقديرًا للحب الذي ربط بين «روميو وجولييت»، فقد تعاهد كل من «كابوليت» و«مونتاجيو» على الصلح والسلام، وإزالة الكراهية والبغضاء من القلوب والنفوس. وقررت عائلة «جولييت» أن تقيم تمثالًا ل«روميو»، كما قررت عائلة «روميو» أن تقيم تمثالًا ل»جولييت»، وكان التمثالان من الذهب الخالص..!! القصة الحقيقية أما عن القصة الحقيقية المأخوذة عنها رواية «روميو وجولييت»، فتحكى تلك الأسطورة قصة حب بين فتاة جميلة تدعى «تسيبا» وفتى يدعى «بيرام»، هو الآخر كان من أوسم فتيان «بابل»، وكان منزلاهما متلاصقين، يلعبان معا منذ الصغر، ويلتقيان عند شجرة التوت الأبيض، وعندما كبرا كبر حبهما أيضا ليتحول من حب الطفولة إلى هوى جارف يسكن في أعماق قلبهما، لتشهد شجرة التوت على همساتهما وآهاتهما، تسقيها دموعهما عندما تحين ساعة الفراق. لم يستطع «بيرام» تحمل هذا العذاب اليومي، فاتفق مع حبيبته «تسيبا» على تحدى خلافات الأهل، وكلم والده في أمر زواجهما، ولكن الأخير رفض طلب ابنه لخطبة هذه الفتاة التي اعتقد أنها ستسبب لابنه المشاكل لكونها مطمع أنظار شباب بابل، وبالمقابل رفض والد تسيبا طلب بيرام، ما أدى إلى تأجيج الخلافات القديمة بين العائلتين، وفرض مزيد من القيود على الحبيبين. لم يستسلم الحبيبان لتلك القيود، فأخذا يفكران بوسائل جديدة للقاء والبعد عن عيون الأهل، وشاء القدر أن تكون غرفتاهما متلاصقتين لا يفصل بينهما سوى جدار، فقررا حفر ثقب صغير في الجدار، ومنه يناجى أحدهما الآخر، غير أن «بيرام» لم يتحمل عدم رؤية حبيبته فاتفقا على وسيلة أخرى تساعدهما على اللقاء والهرب من سجنهما البيتى إلى نبع الماء عند شجرة التوت الأبيض. وعندما سكن الليل ونامت عيون الأهل تسللا بحذر إلى شجرة التوت، وشاء القدر أن تصل تسيبا قبل بيرام، ولم تمض بضع لحظات حتى رأت أسدًا يتجه نحو نبع الماء، فتملكها الرعب وانطلقت مهرولة مذعورة على غير هدى، حتى وصلت إلى الغابة القريبة، وفى أثناء ذلك سقط منها منديلها الذي أهداه إليها حبيبها، فيلتقطه الأسد ويمزقه قطعة قطعة، فيتخضب بدماء فريسته التي اصطادها قبل توجهه إلى النبع، ويصل بيرام ويرى منديل حبيبته ملطخًا بالدماء، فيظن أن الوحوش قد افترستها، فيصرخ بجنون «أنا السبب بقتلك يا حبيبتي»، ويناجى الموت ليلحقه بحبيته التي أخذها منه، فيضرب قلبه بخنجره، ليسقط ممددًا على الأرض. وبعد أن اطمأنت «تسيبا» خرجت من مخبأها، وجاءت إلى مكان الموعد، وإذا بها ترى حبيبها ممددا على الأرض ووشاحها الأبيض بيده، فعرفت أنه انتحر، فقالت «أنا السبب بقتلك يا حبيبى»، وأخذت الخنجر وزرعته في قلبها، فوقعت جثة هامدة، وجرت دماؤهما العاشقة تحت شجرة التوت الأبيض فحولتها إلى اللون الأحمر. ولكن تلك الرواية ليست الوحيدة التي أخذت عنها «روميو وجولييت»، فهناك قصة سطرها الكاتب الإيطالى ماتيو باندللو بعنوان «عاشقا فيرونا» قبل شكسبير بعشرات السنين، فجاء هو وحولها إلى مسرحية بعنوان «روميو وجولييت»، واحتفظ بمسرح قصته مدينة فيرونا الإيطالية، وفى السنوات التي كان فيها الكاتب الإيطالى على قيد الحياة، حيث الواقع الإيطالى بملابس رجاله ونسائه والعادات والقيم كما عرفها الإيطالى نفسه، وحرم الشاعر الإنجليزى صاحب الرواية الأصلى باندللو من حقه في الشهرة التي اقتنصها منه. وتواردت الأقوال بشأن الرواية، فالأديب والروائى سلامة موسى يرى أن مسرحية شكسبير هي في الأصل من الأدب الرافدينى القديم، وبكل تفاصيلها الدقيقة موجودة في قصة المؤرخ هيرودوت، كما أوضح أن القصة نفسها لم يبحث في جذورها الكثير من الباحثين، مستدركا «ولكن من خلال تنقيبنا أنا وعدد من الأدباء وجدنا أنها أقدم قصة حب عذرى وردت على ألسن الناس من أهل بابل، ولكن لم تدون، وأول من دون القصة هو هيرودوت في كتابه التاريخ، وذلك عام 423 قبل الميلاد، وأشار إلى أنها من بابل». غير أن للدكتورة تحية عبد الناصر، أستاذة الأدب الإنجليزى بالجامعة الأمريكية، رأيًا آخر، فهى تعتقد أن القصة صاغها شعرا الشاعر الرومانى «أوفيت» في القرن الثانى قبل الميلاد، وأخذها شكسبير بتفاصيلها المشابهة وترجمها من اللاتينية إلى الإنجليزية، ولكن مع تغيير الأسماء من «بيرام وتسيبا» إلى «روميو وجولييت»، إلا أنه بالفعل لا توجد أدلة مادية تؤكد اقتباس شكسبير من أوفيت، ولكن هذا التشابه الكبير يجلب الشك في أنه فعلا اقتبس منها. وأضافت: هذه ليست القصة الوحيدة التي اقتبسها شكسبير، بل كانت هناك تجارب أخرى في اقتباس الكثير من القصص، منها «الملك لير» و»هاملت» والكثير من القصص الأوربية التي كتبها باسمه دون أن يعترف باقتباسها.