الأحداث المتلاحقة التى تشهدها مصر حاليا يظهر تأثيرها مباشرة على البورصة, وتنعكس ليس فقط على مؤشرها الرئيسى, وإنما يمتد تأثيرها إلى قرارات المستثمرين كأحد اكثر القطاعات الاقتصادية تأثراً بالأحداث .. صالون «فيتو» استضاف الأسبوع الماضى اثنين من أبرز خبراء المال للوقوف على آخر تطورات القطاع . الأحداث الجوهرية الأخيرة والتى يأتى فى مقدمتها الوضع الحالى للبورصة المصرية , والحديث عن إنشاء بورصة إسلامية, وضعف الرقابة على السوق.. كلها موضوعات طرحناها علي ضيوفنا هشام توفيق -عضو مجلس إدارة البورصة المصرية ورئيس مجلس إدارة شركة «عربية أون لاين» للسمسرة- وكريم هلال خبير أسواق المال والرئيس التنفيذى السابق لشركة «التجارى الدولى» للسمسرة . فى البداية أكد هلال» أن البورصة مسيرة,وليست «مخيرة», وتعكس الأحداث النفسية نتيجة تأثر المستثمرين بالأحداث – سواء الداخلية أو الخارجية – وهو ما يعكس تأثر البورصة المصرية سلبيا بأحداث الثورة , والعكس كلما تظهر بارقة أمل وأخبار تبدو جيدة ينعكس تأثيرها إيجابيا على البورصة, وهو ما يفسر صعودها بأكثر من 50 % فى يناير الماضى. وعن تدنى أحجام التداول منذ افتتاح البورصة المصرية -مارس العام الماضى- عقب توقفها 55 يوما لعدم وضوح الرؤية المستقبلية لانتقال السلطة فى مصر والأوضاع الاقتصادية التى تسير من سىء إلى أسوأ ,قال هلال شارحا: على الرغم من صعوبة الفترة الانتقالية, واعتبارها «أزمة مخاض» إلا أننا لم نتخذ حتى الآن سوى خطوة واحدة على الطريق الصحيح, وهو الانتهاء من الانتخابات التشريعية , ومن ثم فلا حديث عن البورصة إلا بعد استقرار الاوضاع وانتخاب رئيس جمهورية واتضاح الرؤية. صالة قمار وحول ردهما على بعض الادعاءات التى تخرج بين الحين والآخر, والتى تؤكد أن البورصة لا تعدو كونها صالة قمار , يديرها كبار المضاربين رفض توفيق وهلال هذا الطرح, باعتباره يهمش دور البورصة, ومن أطلق هذا الادعاء لا يفهم طبيعة عملها من الأساس , فالدور الحقيقى للبورصة يتمثل فى تمويل عملية التنمية, وتوفير رؤوس الأموال للشركات الجديدة, وتمويل الشركات التى تسعى لتوسيع نشاطها , كما أن البورصة فى الدول المتقدمة تعد احد أدوات الادخار, وأهم عناصر جذب الاستثمار, لأنها تتيح وسيلة مناسبة للتخارج من ذلك الاستثمار, فى اى وقت وبوسيلة مناسبة. ضرائب البورصة «غباء» فرض ضرائب على أرباح البورصة, اقتراح تم طرحه بقوة عقب الثورة كأحد الحلول المقترحة, لزيادة الإيرادات العامة, وتقليل عجز الموازنة إلا أن عضو مجلس إدارة البورصة هشام توفيق أكد أنه اقتراح ساذج وقصير النظر, وأن أي تصريحات حكومية فى هذا الشأن لا تعدو كونها تصريحات للاستهلاك المحلى, والإعلامى , لأنه لا توجد دولة فى العالم تفرض ضرائب على أرباح البورصة, كما أنه من الخطأ تطبيق الضرائب التصاعدية. الإسلاميون والبورصة الحديث حول إنشاء بورصة إسلامية, كان حاضرا بقوة خاصة بعد إعلان حزب «النور» اعتزامه إنشاء بورصة إسلامية , لكن هشام توفيق اكد أنه لا يوجد ما يسمى «بورصة إسلامية» وإنما توجد هناك أسهم لشركات تبدو وأنها تتوافق مع بعض فقهاء الشريعة الإسلامية, هؤلاء الفقهاء أو المشايخ منتفعون بالدرجة الأولى لأنهم ببساطة يقبضون مبالغ خيالية من بعض الصناديق ويقتنون السيارات الفارهة. لديهم رؤية للنهوض بالاقتصاد وإنما يعانون من «فوبيا» لان يكون كل شىء إسلامى حتى ولو كان «كرسى القطار» . اما كريم هلال فأكد أنه سبق وأن عقد عدة اجتماعات مع قيادات حزب الحرية والعدالة ولم يتم ذكر البورصة الإسلامية من قريب أو من بعيد. عيوب وليست مشاكل حول وضع الحلول المقترحة للنهوض بالبورصة المصرية قال كريم وتوفيق إن البورصة ليس بها مشاكل, وإنما بها بعض العيوب الجارى حلها, والتى تتطلب تشكيل اتحاد للسماسرة يكون مسئولا عن إدارة المهنة بعيدا عن الحكومة على غرار الاتحادت المهنية بألمانيا والولايات المتحدةالأمريكية, مشيرا أن اتحاد الفرانين فى ألمانيا هو المسئول عن شئون الإدارة والرقابة على المخابز وليس الحكومة. «صفر» البورصة العلاقة بين البورصة وهيئة الرقابة المالية لا تزال محل تساؤلات من الجميع, على الرغم من مرور أكثر من عامين ونصف العام على إنشاء هيئة الرقابة المالية والتى ضمت ثلاث هيئات مفعمة بالمشاكل هى: هيئة سوق المال, وهيئة الرقابة على التأمين , والهيئة العامة للتمويل العقارى , إلا ان الانتقادات الموجهة للهيئة تزداد يوما بعد يوم وهو ما أرجعه هشام توفيق إلى أن قدرة اى شخص فى إدارة الهيئة لن تكون كافية حتى لو كان «سوبر مان» وان قرار ضم الهيئات الثلاث كان خاطئا من البداية. وحول الانتقادات الخاصة بضعف أدوات الرقابة بالبورصة أكد توفيق أن قدرة البورصة «صفر» فى الرقابة على السوق لأن مجلس إدارة البورصة لا يستطيع إصدار أى قرار دون اعتماده من هيئة الرقابة المالية , مشيرا إلى ان أزمة مستثمرى «أجواء» تعد مثالا صارخا على ضعف رقابة الهيئة وتأخر قرارتها , حيث طلبت البورصة إجراء تنفيذ عكسي على أسهم الشركة فور صعودها, بشكل غير مبرر, ولكن الهيئة رفضت, ولم توافق على الطلب, مشيرا إلى ان قرار الهيئة جاء متأخرا وليس له علاقة بالمستثمر الأول. النيل لحليج الأقطان أثار حكم محكمة القضاء الإدارى بإلغاء بيع شركة النيل لحليج الأقطان, وما تبعه من اجراءات لغطا كبيرا فى سوق المال , خاصة وأن الشركة تم خصخصتها عبر طرح أسهمها بالبورصة عام 1997, وأحدث أزمة كبيرة بالسوق مؤخرا كأحد الجهات المشتركة فى تنفيذ الحكم, وهو ما وصفه هلال بأنه استمرار لمسلسل «الكوميديا السوداء» .,ففى الوقت الذى نطالب فيه بزيادة الاستثمارات خلال الفترة القادمة نجد حكما يقضى على ما تبقى من امل فى قدوم استثمارات أجنبية إلى مصر, ويوصل رسالة للمستثمرين مفادها أن القائمين على شئون الاستثمار فى مصر لا يفقهون شيئا – على حد وصفه – مشيرا إلى أنه تم إثارة هذا الأمر فى اجتماع مجلس الاعمال المصرى السعودى, وتلقى الممثل المصرى وقتها انتقادات لاذعة بسبب احكام عودة الشركات للدولة مرة أخرى. بورصة النيل تعد بورصة النيل والخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتى دشنتها البورصة منذ ما يقرب من عامين في رأي هشام توفيق بأنها «بدعة مصرية» حيث لا توجد بورصة خاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة فى البورصات المتقدمة, مشيرا الي أن بورصة النيل أضافت وبشكل كبير إلى مشاكل البورصة الحالية من حيث انتقال عدوى المضاربات وضعف الرقابة, وهو ما اتفق معه هلال مشيرا إلي أنها «ماتت يوم ولادتها», وان الحديث عن طرح ما تبقى من شركات قطاع الأعمال العام للخصخصة عبر بورصة النيل هو «كلام فارغ» لا يستحق الدراسة من الأساس ,ناهيك عن مجرد طرح فكرة استقلال بورصة النيل عن البورصة, أو إنشاء مؤشر مستقل بها, أو دعم الشركات أو الرعاة وهو حديث سابق لأوانه, لأن «بورصة النيل» تفتقد لأبسط أهداف البورصة حيث بها 17 شركة فقط أغلبها شركات عائلية.