يا لها من ليلة ليلاء، وكأنها ليلة "كربَّلاء"، وكربلاء هذه إن لم تكن تعرف أيها الأستاذ.. كلمة واحدة مكونة من مقطعين .. المقطع الأول هو " كرب " والمقطع الثاني هو " بلاء "، وقد تقول لي وأنت ترمقني بعينك : إنت ها تتفلسف وتتناصح علينا يا حضرة ، لماذا جعلت من حرف الباء حرفين مرة في كرب ومرة في بلاء مع أن الباء حرف واحد لم يرد إلا مرة واحدة في كربلاء !! وقتئذ سأقول لك : حلمك علينا يا سيدنا فأنا أعرف اللغة العربية من ساسها لرأسها ، وقد أخذت دكتوراه في " الباء " فهو حرف يساعد بعض الأفعال على التعدي كما يقول النحاة وأنا لا أحب التعدي ولا المتعدين ولا الذين يساعدون على التعدي ، كما أن حرف الباء من حروف القلقلة ، ويا خوف قلبي من القلقلة واضطرابها. هه ماذا تقول : ما الذي أدخل زعيط في معيط ؟!! هه أأنا في نظرك " نطاط الحيط " اتقي الله يا أستاذنا في أخيك المسكين، وعلى العموم الله يسامحك .. لن أدخل معك في مناوشات، وسأقول لك وجهة نظري على داير الحرف الواحد، يا سيدي كربلاء هذه كانت موقعة حربية حامية الوطيس وكان المتحاربون فيها كلهم يرفع راية الإسلام، وكان معظم من يرفع الراية يقصد المُلك والحُكم والذي منه ، فكانت هذه المعركة على ما فيها من القلقلة والاضطراب وما فيها من الشدة ( بكسر الشين ) والتنطع ما يجعلها معركة كرب ومعركة بلاء وما زلنا إلى الآن نكتوي بنارها ونار فتنتها رغم بعد الشقة بيننا وبينها . ماذا تقول ؟ تتهمني بالرغي وكثرة الكلام ، تقول إنني لم أشرح لك ما هي تلك الليلة الليلاء التي بدأتُ بها كلامي !! هل تريد أن تعرف ما هي هذه الليلة العجيبة ...عجيبة لماذا لا ترد عليَّ ، لا لا انتظر هي ليست قصة من الخيال ولكنها قصة من الواقع ولكنها رهيبة أي والله رهيبة ، أصبر يا أستاذنا لا تتعجل فإن العجلة من الشيطان ... والموتوسيكل من أنثى الشيطان .. هههه معلهش القافية تحكم ونحن أولاد بلد مثل بعض والذي منه.. حاضر يا سيدي سأترك الهذر وأتكلم في الأمر الجلل الذي حدث لي وسأحكي لك قصتي . أنا الشيخ أبو يكح الجوسقي ، أنا يا مولانا شيخ عصري وحكيم دهري العارف بالتاريخ والذي منه والدارس لكل الفرق والنحل والمذاهب ... كنت ذات يوم أسير بمفردي بعيدا عن درب المهابيل في ليلة ليلاء وكأنها ليلة كربلاء وكان الشتاء البارد يفرض نفوذه على عظمي ويقرص لحمي وكأن بيني وبينه ثار بايت ، وإذا بنار عظيمة تهبط عليَّ من السماء وتقول لي : جوسقي ... جوسقي ... لماذا تضطهدني ؟ كدت أن أفر فرارا لاعودة منه إلا أنني تماسكت وقلت لها : من أنت أيها السيد ؟ هل أنت من جمر البرق سعى إليَّ ليبعث في نفسي الدفء ، فقال لي : بل أنا من خلق الله أتيت من بُعدٍ زمني ومكاني آخر من هذا الكون واسع الأرجاء !! . وكما يقول الروائيون وكُتّاب القصص " فغر فاه " كان هذا هو أنا ... أنا الذي فغر فاه بعد أن سمعت هذه الكلمات ... ثم قلت بصوت مبحوح متعرج : يا لطيف اللطف يا رب .... يا رب الدنيا تمطر حتى تنطفئ تلك النار . ضحكت النار وهي تقول: أنا لا أنطفئ بالماء وإلا لكنت أنت أيها الإنسان تتفتت وتذوب إذا وضعنا عليك بعض الماء فأنت من طين . أشيطان أنت ؟! قلتها للنار وقلبي ينتفض. يا لك من جاهل .. إن الله خلقك من طين وخلق خلقا آخرا كالحيوانات مثلا من الطين فهل هذا يعني أن كل من خُلق من طين هو إنسان !؟ قالتها لي النار ثم استطردت : ليس من المهم أن تعرف من أنا ولكن الأهم أن تعرف لماذا أتيت لك . قلت للنار وأنا أجاريها في منطقها : لماذا أتيت أيها النار ؟هل أتيت للاحتجاج على تصدير الغاز لإسرائيل أو أتيت لتبرئة نفسك من النيران التي اندلعت في المنشآت بعد الثورة ... آه أكيد أتيت لتعيدي لنا ذكرى أغنية عبد الحليم حافظ " نار يا حبيبي نار " . قالت النار وهي تمط شفتيها الملتهبة : يبدو أنكم أيها البشر تتميزون بالخفة والرعونة ، لا يا خفيف لا يا عم الجوسقي ،لقد أتيت لأصبح رئيسا عليكم ، أنا من دنيا لا تعرفونها واسمي هو " صلعت بن ملعت " . أومأت برأسي علامة الفهم وكأنني فهمت: والله يا عم النار ، يا أستاذ "صلعت بن ملعت" حقيقي المسألة عندنا فيها بعض اللخبطة ، لكننا سننتخب رئيسا بشريا حتى ولو قذف بنا في النار . قال "صلعت بن ملعت" وهو يهرش بجمرة يده على رأسه المحمومة : صدقني أنتم لا تعرفون فنون إدارة بلادكم ، حتى أنكم قمتم بثورة ثم اختلفتم بعدها وقامت بينكم خناقة لا آخر لها ، حتى انتخابات الرئاسة كانت من عجائبكم ، فبدلا من أن يتحد الثوار خلف مرشح واحد إذا بالثوار ينسون ثورتهم وينسون مصر ويصممون على الاختلاف والشرذمة ، لذلك فلا حل إلا أن أكون أنا الرئيس القادم . قاطعته قبل أن يكمل كلامه وقلت له : والله يا أخ نار حالنا لا يسر عدوا ولا حبيبا .. حتى أن المرشحين الثوريين حاليا فرشوا الملايات لبعض وهاتك يا ردح . التهبت النار من العجب وقالت : كيف هذا ؟ وجدتها فرصة فجلست من النار موقف الأستاذ من التلميذ وقبل أن أنبس ببنت شفة قالت النار :لقد برقت في رأسي فكرة واشتعلت في عقلي مسألة ... سأعطيك يا جوسقي فرصة عمرك . فرصة عمري: قلتها وأنا أرتعد . قالت النار: نعم ..فأنا وإن كنتَ تجهلني بل وكل جنسك البشري يجهلني فقد وهبني الله عِلما من الكتاب والله يهب العلم لمن يشاء ، ومن العلم الذي عندي ، علم الزمن ، أنا أستطيع السفر من خلال الزمن ، وسأعود لفترة فتح باب الترشيح وأقوم بترشيح نفسي لانتخابات الرئاسة ، وسأجعلك مديرا للحملة الانتخابية لي . فقلت للنار : علم الزمن ، آه أنت إذن من أصدقاء العالم المصري زويل فهو أيضا متخصص في علوم الزمن والفيمتو ثانية ... زويل هذا ابن جِن مصوّر يبدو أنكم من فصيلة واحدة فصيلة الجن الأحمر . زويل ... زويل ... يبدو أنني سأغير رأي فيك : قالتها النار وهي تشمئز مني ... ثم استرسلت وكأنها تراجع نفسها : لن أتوقف عند هذا الهذر فيبدو أن هذا هو مبلغ حكمتكم وعلمكم ويجب أن أكون حليما معك ولله في خلقه شئون .. أنظر يا أخ جوسقي بما أنك حكيم دهرك وشيخ عصرك رأيت أن أساعدك بعلمي كي تقطف عنقودا من عناقيد هذا العلم ، ستكون مديرا لحملتي الانتخابية . كيف هذا أتتكلم بجد أنت يا عم الحاج نار ... قلتها وأنا أتعجب . هز السيد المحترم / نار رأسه النيرانية يمينا وشمالا دلالة على قلة حيلته مع أمثالي ثم قال : سأخوض الانتخابات الرئاسية وسأكون رئيسا لمصر فصلعت بن ملعت أولى بكم . قلت له : يتوه عقلي !! ولكنني أعتقد أنك حتى ولو عدت للزمن الماضي سترفضك لجنة الإشراف على الانتخابات ، فهناك شرط مهم ، هذا الشرط هو أن تكون مصريا ، وأنت اصلا لست من بني الإنسان . قالت النار : أنت لا تعرف شيئا ، أنا مصري ،ولكني لست من بني البشر ، والإعلان الدستوري بتاعكم لم يشترط في المرشح أن يكون إنسيا ، يكفي أن يكون مصريا من أبوين مصريين ، أنا يا جوسقي أستطيع أن أقهر لجنة الانتخابات حتى ولو كانت قراراتها محصنة ، فأنا أستطيع اختراق الحصون . قلت للنار : ليس هذا شيئا جديدا فقد اخترق أحمد شفيق حصون اللجنة وأصبح مرشحا !! . قال صلعت بن ملعت : أنا سأضع لكم برنامجا لتأجير قناة السويس . قلت : العب غيرها ، محمد مرسي وعدنا بذلك ، بل سيقوم بتأجير مصر كلها مفروشة أو إيجار جديد . قال بن ملعت : أنا أستطيع تجميع كل القوى السياسية خلفي . قلت : أبو الفتوح فعلها . قال : أصدقك القول ، انا الرئيس القادم ، فالرئيس القادم يجب أن يكون ابن جنيَّه حتى يستقيم أمر البلاد ، وحتى يستطيع القضاء على أي محاولات تخريب ستتم ، إهتف معي : الشعب يريد رئيس ابن جنيَّه.