البداية كانت مع "المنخل اليشكرى" الذى اتهمه "النعمان بن المنذر" بامرأته المتجردة، وكانت بارعة الجمال، فأغرقه أو دفنه حيا، ويضرب به المثل لمن هلك ولم يعرف له خبر، وكانت "فتاة الخدر" هى قصيدته الشهيرة التى قالها فى زوجة النعمان، والتى أنشدها، وكان مما قال: إِن كُنتِ عاذِلَتى فَسيرى نَحوَ العِرقِ وَلا تَحورى لا تَسأَلى عَن جُلِّ مالى وَاِنظُرى كَرَمى وَخيرى وَفَوارِسٍ كَأُوارِ حَررِ النارِ أَحلاسِ الذُكورِ شَدّوا دَوابِرَ بَيضِهِم فى كُلِّ مُحكَمَةِ القَتيرِ وَاِستَلأَموا وَتَلَبَّبوا إِنَّ التَلَبُّبَ لِلمُغيرِ وَعَلى الجِيادِ المُضمَراتِ فَوارِسٌ مِثلُ الصُقورِ يَعكُفنَ مِثلَ أَساوِدِ التَنّومِ لَم تَعكَف بِزورِ فصفق له الحضور، إلا أنا، حيث لم أستوعب كثيرا مما قاله"!!" فى الوقت الذى ذهبت إليه محبوبته، وطبعت قبلة على جبهته، فتكرر التصفيق، ثم نهض بعده الشاعر المفوه والفارس العاشق "عنترة بن شداد"، فوجه أبياته لعبلة، التى حضرت معه، قائلا: إذا الريح هبت من ربى أعلم السعدى طفا بردها حر الصبابة الوجد وذكرنى قوما حفظت عهودهم فما عرفوا قدرى ولا حفظوا عهدى ولو لاها فتاة فى الخيام مقيمة لما اخترت قرب الدار يوما على البعد مهفهفة والسحر فى لحظاتها إذا كلمت ميتا يقوم من اللحد وعند هذا البيت، صفق الحضور كثيرا، قبل أن يكمل "عنترة": أشارت إليها الشمس عند غروبها تقول إذا اسود الدجى فاطلعى بعدى وقال لها البدر المنير ألا سفرى فإنك مثلى فى الكمال وفى السعد فولت حياء ثم أرخت لثامها وقد نثرت من خدها رطب الورد وسلت حساما من سواجى جفونها كسيف أبيها القاطع المرهف الحد تقاتل عيناها به وهو مغمد ومن عجب أن يقطع السيف فى الغمد مرنحة الأعطاف مهضومة الحشا منعمة الأطراف مائسة القد يبيت فتات المسك تحت لثامها فيزداد من أنفاسها أرج الند ويطلع ضوء الصبح تحت جبينها فيغشاه ليل من دجى شعرها الجعد فهل تسمح الأيام يا ابنة مالك بوصل يداوى القلب من ألم الصد فصفقنا كثيرا جدا، ونهضت "عبلة" من مكانها، وذهبت إلى "عنترة"، وارتمت فى أحضانه، فازداد التصفيق.. بعد ذلك أخذ فتى قريش المدلل "عمر بن أبى ربيعة"، مكانه على المنصة، وأنشد واحدة من أشهر قصائده التى قالها فى محبوبته "نُعم".. ومنها: أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ غَداةَ غَدٍ أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ لِحاجَةِ نَفسٍ لَم تَقُل فى جَوابِها فَتُبلِغَ عُذراً وَالمَقالَةُ تُعذِرُ تَهيمُ إِلى نُعمٍ فَلا الشَملُ جامِعٌ وَلا الحَبلُ مَوصولٌ وَلا القَلبُ مُقصِرُ وَلا قُربُ نُعمٍ إِن دَنَت وَلا نَأيُها يُسلى وَلا أَنتَ تَصبِرُ وَأُخرى أَتَت مِن دونِ نُعمٍ وَمِثلُه نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوى أَو تُفَكِّرُ إِذا زُرتُ نُعماً لَم يَزَل ذو قَرابَةٍ لَها كُلَّما لاقَيتُها يَتَنَمَّرُ فصفق الحضور كثيرا له، إلا أنا، ليس لعدم فهم واستيعاب لكلماته، لكن لمبالغته المفرطة فى التغزل بمحبوبته التى كانت برفقته.. ونكمل غدا.