بعد أكثر من عشر سنوات على أحداث 11 سبتمبر، والتى أرادت الولاياتالمتحدة اعتبارها نقطة تحول تاريخية فى السياسة والعلاقات الدولية ونوعية الحرب فى القرن الحادى والعشرين، ولكن النتائج المترتبة على هذا الحادث الإرهابى لم تأت على هوى الولاياتالمتحدة، حيث تغيرت السياسة الدولية والعلاقات الدولية ومراكز القوى السياسية والاقتصادية على المستوى الدولى، ونحن فى بداية 2102 يمكن إيجاز الخريطة الجديدة للسياسة الدولية فى عدد من الملامح البارزة: أولا: تحول مركز الجاذبية الدولية من المحيط الأطلسى إلى المحيطين الهادى والهندى، حيث ظهرت قوى جديدة على المسرح الدولى وفى مقدمتها الصين والهند واليابان وروسيا والبرازيل لتنافس القوى التقليدية على ضفتى الأطلسى والمتمثلة فى أمريكا وأوروبا. ثانيا: تحولات فى مركز الثقل الاقتصادى من مجموعة الثمانية إلى مجموعة العشرين، بما فى ذلك وجود دولتين إسلاميتين ضمن مجموعة العشرين هما تركيا والسعودية، والأهم تركز الفوائض المالية فى آسيا ومنطقة الخليج العربى فى الوقت الذى تعانى فيه الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى مشاكل اقتصادية هيكلية ونقص حاد فى السيولة؟ ثالثا: تراجع كبير فى دور الأممالمتحدة وضعف منظومة الأمن الدولى الجماعى، حتى أن الأممالمتحدة باتت عاجزة عن حل أى مشكلة دولية حتى ولو كانت مجرد التفاوض على البرنامج النووى الكورى الشمالى أو الإيرانى، وحيث إن الأممالمتحدة ومؤسساتها المختلفة هي نظام قائم على الترتيبات والتسويات الغربية لما بعد الحرب العالمية الثانية، فإن هذه الترتيبات لم تعد تصلح للوضع الدولى الحالى، ولا تعكس توزيع القوى الحالى. رابعا: تراجع النظام القطبى إلى نظام العالم اللا قطبى كما يسميه نيال فيرجسون، ومعنى هذا الغياب التدريجى لدور الولاياتالمتحدة كحارس للنظام الدولى، ومن نتائج هذا ظهور حالة انتقالية من الفوضى الدولية بدون دولة قادرة على فرض الأمن الدولى، وقد يتبلور نظام جديد بعد حرب عالمية أو نتيجة مخاطر استمرار الفوضى الدولية، ولكن لا يمكن التنبؤ بفترة الفوضى الدولية ونتائجها، مثل بروز دور الجماعات المسلحة التى تعمل خارج الدول أو على الحروب الأهلية. خامسا: تحولات الشرق الأوسط تجاه الحكم الإسلامى، والانتقال من العسكرة والقومية العربية إلى حكومات إسلامية تشكل ألوان الطيف المتعدد للإسلام السياسى بدرجاته المختلفة. سادسا: تحولات فى سياسة الولاياتالمتحدة الخارجية لقبول التعاون مع الإسلام السياسى بما يعطى شرعية دولية لهذه الحركات الإسلامية. سابعا: تحولات تركية من الاتجاه نحو أوروبا إلى الاتجاه إلى العالمين العربى والإسلامى فى محاولة لفرض واقع دولى جديد بخلق مجموعة دولية تهيمن عليها وتقودها تركيا لتكوين كتلة دولية إسلامية مؤثرة فى النظام الدولى القادم. ثامنا: تحولات فى وضع الدولة القومية من السيادة المفرطة إلى السيادة المنقوصة والمقيدة بما فى ذلك تزايد دور المجتمع المدنى على المستوى الدولى. تاسعا: نهاية الحرب الأمريكية على الإرهاب الدولى، وقد اتخذت إدارة أوباما بالفعل الكثير من الخطوات تجاه إنهاء هذه الحرب. عاشرا: تحولات تاريخية فى العلاقات الأمريكيةالباكستانية، حيث إن باكستان كانت وكيلا معتمدا فى فترة الجهاد الإسلامى، وحيث إن التحولات تتجه إلى التعامل مع ما يسمى الإسلام المدنى فإن باكستان والسعودية لا تصلحان لهذا الدور، وظهرت قطر كوكيل أمريكى جديد معتمد لممارسة هذا الدور الجديد