«مشاهدة البث الحى لمحاكمة الديكتاتور السابق حسنى مبارك، وعملية الإذلال المهينة للرجل الثمانينى، الذى يرقد ويزعم أنه بالكاد قادر على الجلوس، حدث غير مسبوق بكل المقاييس، لأنه أول رئيس لدولة عربية يحاكم رسميا». التعليق لإيرينا زفياجيلسكايا، أستاذ العلوم التاريخية وكبيرة الباحثين فى معهد الدراسات الشرقية، التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فى حوار أجرته معها إذاعة «صوت روسيا»، عقب بث مشاهد جلسة المحاكمة، أمس. «المحاكمة ترسخ تحدى العالم العربى لتلك المفاهيم البالية القديمة حول ما يسمى بالأشخاص فوق النقد من الطبقة العليا الحاكمة، التى تعيش حياة مريحة تحت أى ظرف من الظروف»، تضيف إيرينا، التى رأت أن المحاكمة جاءت «استجابة لما شهدته مصر من احتجاجات شعبية، وتطلعات شباب الثورة. لكن هذا لم يكن سوى جانب واحد فقط من العملة، أما الجانب الآخر فهو محاولة واضحة للحفاظ على النظام العسكرى البيروقراطى، الذى وافق على علانية محاكمة الرئيس مبارك، وقدمه كبش فداء». واعتبرت الباحثة الروسية أن النظام «لم يتغير كثيرا فى مصر، وبقى معظم من كانوا على رأس السلطة فى وظائفهم. فمبارك لم يكن هو الحاكم الأوحد فى البلاد، بل يرافقه عدد كبير من المسؤولين، الذين يتحملون نفس المسؤولية عن ما يجرى فى مصر، وإنما اتهم الرئيس السابق بمفرده لأجل الحفاظ على النظام»، بحسب قولها. إيرينا اعتبرت أن الإخوان المسلمين «ربما يمكنهم أيضا الاستفادة من محاكمة مبارك، على وجه الخصوص، إذا سمحت الحكومة للدعوى القضائية بتجاوز الإطار القانونى، وتحويلها إلى قضية سياسية، تهدف إلى التخلص من عائلة الرئيس المخلوع». وقالت إن عامة الناس «سيقومون بابتلاع القرار السياسى للمحكمة، بسرور وببساطة. فى حين أن النخبة المثقفة الواعية من الشباب سترفض مثل هذا التزوير، على الرغم من كراهيتهم للديكتاتور السابق، وهو ما يعنى المزيد من الفوضى». أما عن رؤية الإعلام الغربى، قالت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية، إن المحاكمة تمثل «ارتياحا للمصريين، إلا أن كثيرا منهم ما زالوا حذرين من أن تأتى المحاكمة على حساب التغييرات الأخرى التى يرغبون فيها». وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، إنه «بينما يحاكم الرئيس السابق وأفراد عائلته ومسؤولون آخرون من حكومته فى المحاكم المدنية، فإنه تتم محاكمة آلاف المدنيين فى المحاكم العسكرية». ونقلت الصحيفة عن هبة مورايف، الباحثة فى قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة «هيومان رايتس ووتش»، قولها «من المفترض أن تمثل محاكمة الرئيس السابق نهاية للدولة البوليسية، وأن تكون قطيعة مع هذا الماضى المسىء». من جانبها، قالت هيئة الإذاعة البريطانية «بى.بى.سى» إن المصريين كانوا فى حالة صدمة عند بدء المحاكمة، وذلك لأنها كانت لحظة غير متوقعة من قبل أى أحد فى مصر وربما فى الشرق الأوسط بأكمله. موقع «مونستر أند كريتيكس» الإمريكى قال إن محاكمة مبارك، أمس الإثنين، ألقت الضوء على الصعوبة البالغة فى الجمع بين مطالب كثير من المصريين، بضرورة تحقيق العدالة السريعة فى قضية مبارك وبين حقوق الإنسان الأساسية، التى كان من المفترض أن ترجعها الثورة إلى مصر. الشعب المصرى يريد أن يرى نتائج «فورية» لمجهوداتهم الثورية، ولن يتأتى ذلك من مجرد تحقيق تقدم اقتصادى، بل ما يرضيهم حقا هو الحكم على مبارك وأتباعه فى قضايا قتل 846 من المتظاهرين وقضايا احتيال مالى.