ما زلنا نقول لهم: ثور، وما زالوا مصرين على أن يحلبوه! فطليعة شعبنا العظيم فى ميادين التحرير المصرية، قررت بوضوح وتصميم وبصيرة أن يتخلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن إدارة شؤون البلاد، بعد هذه الشهور الطويلة من الحكم المدمر للبشر والمستنزف لما تبقى من موارد الوطن. لكن أعضاء المجلس العسكرى ورئيسه مصرون على البقاء فوق العرش، إذ يريدون أن يحلبوا البلد حتى آخر قطرة! وها هو المجلس العسكرى يخرج لنا رسالة جديدة برقم «84»، ليقدم تعازيه لقتله عشرات من شهدائنا، وضربه آلافا من مصابينا بعد أيام عدة من بداية معارك الرصاص الحى، وطلقات الخرطوش، والرصاص المطاطى المصوب إلى العيون، وقنابل الغازات المميتة! وفى هذه الرسالة «84» أربع نقاط، الأولى: «التحقيق السريع والحاسم لمحاكمة كل من تسبب فى هذه الأحداث»، وهذه عبارة ممتازة، لكنها تعيدنا إلى البحث عن مصير التحقيقات المزعومة فى كل الجرائم السابقة، التى قتل خلالها عشرات الأبرياء، وجرح خلالها الآلاف من المصريين العزل؟ أما النقطة الثانية فتقول: «تقديم الرعاية المتكاملة لأسر شهداء الأحداث الأخيرة فورا من صندوق رعاية أسر الشهداء والمصابين». وهذا كلام طيب، لكنه يذكرنا بما حدث مع أسر الشهداء من قبل، فكم مرة تم الاعتداء عليهم؟ بينما المصابون فى ثورة يناير ما زالوا حتى الآن لم يتلقوا العلاج اللازم، ولم يأخذوا أى تعويضات، بل تم الاعتداء عليهم بوحشية جنونية حين اعتصموا فى ميدان التحرير، مما دفع الثوار إلى النزول إلى الميدان للدفاع عن المصابين الذين يسحلون فى التحرير! والنقطة الثالثة تعتبر إعادة للنقطة الثانية! إذ تقول: «تقديم الرعاية الطبية المتكاملة فورا لكافة مصابى الأحداث، وحتى إتمام الشفاء الكامل لهم بإذن الله»، ولا أدرى لماذا يكررون الكلام مرة أخرى، بينما الفعل لا وجود له! فهذه الرعاية الطبية المتكاملة التى يتحدثون عنها لم يتلقاها مصابو يناير، ولا مصابو فبراير، ولا مصابو مارس، وهكذا حتى مصابو نوفمبر! ويمكننى أن أتوقع بسهولة أن من سيصيبونهم فى ديسمبر لن يتلقوا هم أيضا أى رعاية! أما النقطة الأخيرة فتثير ضحكا كالبكا، إذ تقول: «فتح مستشفى عسكرى ميدانى فى ميدان التحرير لتقديم الرعاية الطبية للمتواجدين بالميدان»، فى حين أن بعض مصابى الثورة -خلال الشهور الماضية- حاولوا دخول المستشفيات العسكرية المجهزة بأحدث الأجهزة الطبية للعلاج فيها، فتم طردهم منها، والآن يفتتحون هذا المستشفى العسكرى فى ميدان التحرير، وفى هذا اعتراف واضح، أنهم حولوا ميدان التحرير إلى ساحة قتال! وما معنى أن يعالجوا من أصابوهم بطلقات الرصاص، وبالغازات السامة؟! أما من تم قتلهم على أيدى قوات الأمن، فبأى شىء سيفيدهم هذا المستشفى؟! ثم هل يمكن لنا أن ننسى ما فعلته قواتهم الغبية حين اقتحمت المستشفيات الميدانية الحقيقية؟ وكيف كان يتم ضرب الجرحى والأطباء والطبيبات؟! أبعد كل هذه الجرائم المتتالية يتحدثون عن تقديمهم إلى مستشفى ميدانى!