من الكلمات الشائعة بين أبناء الشعب المصرى حينما يقع أحدهم تحت ضغط واستفزاز من شخص آخر أن يقول له: «ما تجننيش بقى وتخلينى أطلع من هدومى».. ويبدو أن هذا ما فعلته بالضبط الناشطة علياء المهدى طالبة الإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة التى نشرت صورها وهى عارية تماما من ملابسها وذلك على «الإنترنت» و«الفيسبوك» فى مدونة تحت عنوان «مذكرات ثائرة»، احتجت فيها على بعض ما يدور حولها من متناقضات اجتماعية وسياسية، وما إن نشرت علياء مدونتها العارية هذه حتى هبت عليها العواصف من كل الاتجاهات واتهمها الجميع بالفسق والفجور وخدش الحياء العام وانتهاك الآداب وبث الأفكار الهدامة. وكلها والعياذ بالله تهم «منيلة بستميت نيلة» لو ثبتت إدانتها فيها لقضت بقية حياتها فى السجن.. وقد أمر المستشار عبد المجيد محمود النائب العام بإجراء تحقيق عاجل فى البلاغ المقدم من ائتلاف خريجى الحقوق والشريعة والقانون ضد علياء المهدى وصديقها عبد الكريم نبيل سليمان، الذى نشر صوره عاريا هو الآخر فى نفس المدونة على «الفيسبوك». وحسب معلوماتى المستنتجة عن «الناشطة الجنسية» علياء، فهى شابة متعلمة ومثقفة بدليل أنها تدرس فى أكبر وأرقى الجامعات فى مصر والعالم، وهى أيضا من عائلة ثرية جدا بدليل أنها تدرس فى الجامعة الأمريكية التى تبلغ تكلفة الدراسة فيها نحو مئة وخمسين ألف جنيه سنويا، وهذا يؤكد أيضا أنها ليست محترفة بغاء، قد تكون هاوية لا أعرف ولكنها بالقطع لا تعرض جسدها وتبيعه من أجل المال لأنها غنية بتقدير جيد جدا.. والأهم من كل هذا وذاك أن علياء فتاة قاصر دون السن القانونية، لأنها ما زالت طالبة تدرس وهذا معناه أن المسؤولية الجنائية والأخلاقية والأدبية تقع على كاهل ولى أمرها أو والدها أو «دادى» كما يقولون بالإفرنجية. ترى أين كان «دادى» عندما كانت ابنته الطائشة تصور نفسها عارية وتنشر صورها علنا على الملأ؟ وأين كانت «مامى» أيضا؟ لقد أخطأت علياء -ما فى ذلك شك- وأساءت إلى نفسها وأهلها وإلى الثورة التى ادعت أنها تنتمى إليها ولكن وهذا هو السؤال المهم.. من الذى دفع هذه الفتاة القاصر لفعل ما فعلته؟ ومن هم الذين حرضوها عليه ودفعوها إليه؟ إن أصابع الاتهام التى وجهت إليها نتيجة لفعلها الفاضح العلنى لا بد أن تتجه أيضا إلى من هم وراءها، حتى لا ندين النتيجة ونترك السبب أو بمعنى أدق «نسيب الحمار ونمسك فى البردعة». فقد انتشرت فى العهد البائد الملعون قيم سفلية وأخلاقيات وضيعة على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والإعلامية والفنية أيضا، ونتيجة لكل هذا رأينا فى برامج «التوك شو» وقرأنا فى الصحف مئات البرامج والمقالات لسياسيين ومفكرين كبار وهم يغيرون ويعكسون مبادئهم فى لحظة ويتاجرون بفكرهم لقاء حفنة من الدولارات. ورأينا أيضا من يستغلون الدين والقيم السماوية بهدف ركوب موجة الثورة واختطاف قطعة من كعكتها أو بغرض الفوز بمقعد فى البرلمان أو بموقع فى السلطة، وبالتأكيد شاهدت علياء كل هؤلاء الأساتذة المغرضين وهم يتقيؤون آرائهم العفنة على الشاشة أو فى الصحف لأنها طالبة إعلام، فراحت تقلد أساتذتها وتفعل مثلهم وخلعت هى الأخرى ملابسها علنا كما خلعوا هم مبادئهم وأفكارهم على الملأ، فهل نحاكم علياء وحدها ونترك من علموها ولقنوها دروس العرى؟ وفى دنيا الفن أيضا تربت ونشأت علياء على مشاهدة مئات المشاهد السينمائية الجنسية الصريحة التى صرحت الرقابة بعرضها علينا، التى تتناول قضايا الشذوذ الجنسى وزنى المحارم وصراع الأم وابنتها فى سبيل الفوز بجسد رجل، وكذلك مشاهد العاهرة التى تعاشر أخوين فى وقت واحد، ومشهد المرأة التى تبيع جسد ابنتها لثرى عربى مقابل مبلغ ألف دولار لكى تقامر به على مائدة القمار. وأيضا الفيلم الذى يحكى لنا عن فتاة غانية تعرى وتبيع جسدها لمن يدفع، ثم يحاول أن يقنعنا صاحب الفيلم أنها من أشرف شريفات مصر.. ولا يجب أن ننسى أيضا القنوات التليفزيونية التى ظهرت أخيرا وبكثافة وتخصصت فى تقديم الراقصات الصبايا وهن عرايا بنسبة 99٪ جسدا، وواحد فى المئة ملابس داخلية.. وكل هذا بالطبع غير أغانى الفيديو كليب إياها ومنها على سبيل المثال لا الحصر أغنية الناشطة جدا هيفاء وهبى «بوس الواوا أح» مع تحفظى الكامل على كلمة «أح»، التى تذاع علنا وشبه «يوميا» ويسمعها أطفالنا ويسألون عن معناها ونحتاس للأسف فى الإجابة عليهم.. ولا يمكن فى هذا المقام أن نغفل ذكر الست أمينة وأغنيتها «أركب الحنطور واتحنطر» مع تحفظى أيضا على كلمة «اتحنطر» التى لم أفهمها إلا بمعنى واحد أخاف أن أشرحه حتى لا أجد نفسى غدا فى مكتب النائب العام كمتهم.. نسيت أن أذكر لكم أغنية أخرى من إبداعات الست أمينة التى تقول كلماتها «بشويش عليه، ده أنا وحدانية، طب واحدة واحدة وما تفتريش»، وأنا بالطبع لن أشرح لكم المعانى الجنسية العارية التى تأوهت بها أمينة هانم لأنها كلمات لا تحتاج إلى شرح ولا تعليق.. تلك هى الفنون والأغانى والأفكار الفاسدة التى أفرزها عهد اللصوص والقوادين والتى ما زالت منتشرة وباقية حتى الآن، وهذا هو الإعلام السياسى والاجتماعى الذى تربى عليه أبناء هذا الجيل وتأثروا به وراح أغلبهم يقلدونه.. سيدى النائب العام.. حضرات القضاة يا من تحمون الحق والعدل.. إن هذه الفتاة القاصر الماثلة أمامكم علياء المهدى ليست وحدها الجانية فى هذه القضية، فجميعنا قبلها مدانون إما بالصمت وإما بالمشاركة الفعلية وكلنا من قبلها تعرينا وخلعنا بدافع الخوف والمصلحة ثياب الحق والمثل والمبادئ.. فاحكموا علينا جميعا قبل أن تحاكموا هذه الصبية لأنها فى الأصل ضحية.