دون تخطيط أو ترتيب مسبق، ظهر المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فى ميدان التحرير عقب صلاة الجمعة أول من أمس التى أداها مع كل أعضاء المجلس فى مسجد آل رشدان بمدينة نصر. المشير فاجأ مرافقيه وعدل مسار عودته ليقوم بالمرور على التحرير والتوقف لتحية جنود الشرطة العسكرية فى أكثر من نقطة متمركزين فيها حول الميدان وداخله، وقام المشير بتهنئة جنود القوات المسلحة بمناسبة ذكرى نصر العاشر من رمضان، وتبادل الحديث مع بعض الجنود حيث أثنى على ما يقومون به من تفان فى أداء الواجب لحماية الوطن وأمن المواطن المصرى. طنطاوى عبر عن تقديره وثقته فى قيام الشرطة المدنية بدورها فى استعادة الأمن، وقال إن الشعب المصرى كله يقدر لهم ما يقومون به لحماية أمنهم، وطالبهم ببذل مزيد من الجهد من أجل عودة الحياة إلى طبيعتها فى الشارع المصرى. لم يتفقد المشير طنطاوى أى عمليات تأمينية ولم يتحدث مع أى مدنيين واقتصر على التوجه بالحديث والتهنئة إلى رجال الشرطة العسكرية والمدنية. مصدر عسكرى قال إن المشير قصد التوجه لأبناء الجيش المرابطين داخل القاهرة لتحيتهم وتقديم التهنئة لهم فى ذكرى نصر العاشر من رمضان. التعليق الزيات: رسالة تستهدف تأكيد وجود الجيش بالشارع دون سعى للاستمرار بالسلطة الخبير السياسى والعسكرى اللواء صفوت الزيات: الزيارة هدفها تفقد قوات الجيش والشرطة وذلك فى يوم يتمتع بهدوء نسبى فى التظاهر حتى لا يقال إن المشير منع المتظاهرين من التظاهر، محاولا أن يؤكد أن المجلس العسكرى قريب من الشارع، خصوصا بعد تصريحات بعض جنرالات المجلس التى سببت حالة من فقدان الثقة فى بعض قيادات المجلس. إضافة إلى تقديم رسالة إلى من يحاولون تشويه صورة المشير والمجلس العسكرى، ليقول لهم أنا موجود وأتحرك ومستمر فى رسالتى وأمتلك العافية والقدرة على التحرك لإتمام المهمة، كما أراد توصيل رسالة إلى العالم مفادها أن رمز الثورة، ميدان التحرير، تسير فيه الأمور بحرية حتى إن المشير يتحرك فيه، ولا أعتقد أن هذه الزيارة التى تأتى مع اقتراب نهاية المدة التى وعد بها المجلس العسكرى بأن يبقى فى سلطة لمدة 6 أشهر تسعى إلى أن تنقل رسالة بأن المجلس العسكرى مستمر فى السلطة، ذلك لأن المهمة ثقيلة وفى غير تخصصهم بالفعل وبعض القادة لولا الثورة لخرجوا على المعاش لأنهم لا يرغبون فى البقاء فى السلطة. التحليل: الزيارة الثانية للميدان تحمل رسالة للعالم بأن المجلس هو المسيطر الآن هذه هى الزيارة الثانية للمشير طنطاوى لميدان التحرير، التى اختلفت عن الزيارة الأولى، التى جاءت فى فبراير الماضى قبل تنحى مبارك، حيث نزل المشير إلى الميدان، وهو محتشد بمظاهرات مليونية ليتحاور مع المتظاهرين، مؤكدا دعم القوات المسلحة لمطالبهم المشروعة، وعدم استخدام العنف ضدهم. أما أول من أمس، فجاءت جولته القصيرة للميدان وهو خال تماما من المتظاهرين، وتحت السيطرة الأمنية من قبل قوات الجيش والشرطة، لتأكيد دعم المجلس العسكرى لهذه الحالة التى عليها ميدان التحرير الآن، من غياب بالقوة للتظاهرات والاعتصامات خلال الفترة القادمة. خصوصا، أن الزيارة جاءت فى نفس اليوم، الذى كان من المتوقع أن يشهد مليونية دعا إليها عدد من التيارات الصوفية بالتنسيق مع بعض التيارات المدنية، وهو ما يعنى إعطاء ضوء أخضر من قبل المشير للتعامل بقوة مع أى إغلاق للميدان، وتعطيل لحركة المرور. ونظرا لما يحمله ميدان التحرير من دلالات كثيرة، فالزيارة حملت أيضا رسالة إلى العالم الخارجى، أن المجلس العسكرى هو من بيديه زمام الأمور فى البلاد، خصوصا بعد «جمعة الشريعة»، آخر مليونية شهدها ميدان التحرير، قبل السيطرة الأمنية عليه.